الشيخ محمد الربيعي ||
إنّ الأرض بلا مقاتلٍ كالذهب الذي لا حارس له ، و من هنا تنبع أهمية الجنود البواسل في حماية الوطن و الأرض ، فأي إنسان يستطيع أن يقف في المكان الذي لا صوت فيه إلا لصوت البندقية و لا حياة فيه إلا للأقوى ، إنَّ أهميتهم تنبع من كونهم حماة للديار و للعرض و الولد ، يقفون على ثغور الوطن حارسين له لا يسمحون لأي معتد من أن يمدّ يده يد الغدر إلى الوطن الطيب .
ترى هل يستطيع أي إنسان من أن يقدم دمه فداء لأرضه ؟ نعم هو وحده الجندي الباسل الذي يقف عاري الصدر على ثغور الوطن الأبي و هو يأبى إلا أن يكون درعًا بشريًّا يصدّ عدوان من اعتدى على بلدانه ، الأهمية لا تنبع من كون الجندي لا بديل له فقط ، بل تنبع من كون الجندي يُقدّم نفسه شهيدًا حيًّا في أي وقت ، إنَّ الوطن يفخر بمثل أولئك الأولاد البارين ، حقًّا إنّ الوطن وحده هو من يُسطّر أسماءهم كما لن يحفظها أي إنسان آخر في ذاكرته .
محل الشاهد :
القيادة ظاهرة اجتماعية ذات جذور عميقة تتصل بطبيعة الانسان و تراثه الثقافي و مشاركته لمن حوله في مجتمعه ، فالوجود المشترك للجماعات يجعل الحاجة الى من ينظم العلاقات القائمة بينهم ، و هذا ما يجعل ضرورة وجود القيادة .
كما ان هذا من الثابت في علم النفس .
اليوم نبارك فيه الى الشعب العراقي الحبيب و الجيش المجاهد ذكرى تأسيسه كمؤسسة من مؤسسات الحكومة ، و الا واقعا عمليا نرى ان هذا الجيش كانت تشكيلاته و تأسيسه قبل عام ١٩٢١ ميلادي بكثير ضمن مفهوم الدولة العام .
النتيجة نرى ان اختيار القيادة العسكرية هي امانة الهيه[ ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ] ، فالقيادة امانة المقصود منها وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، فنجد هذا المفهوم اكده الرسول الخاتم محمد ( ص ) ، في مواقف عدة منها قوله ( ص ) : ( أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس علم ان في العشرة افضل ممن استعمل فقد غش الله وغش الرسول وغش الجماعة المسلمين …) .
اذن يجب المراعاة بالتشدد لمن نعطيه مكانة و منزلة القيادة .
ان من واجبات تلك الامانة في اختيار القيادة ، ان تكون تلك الشخصية تمتلك التأهيل الذاتي من الجوانب النفسية و العقلية و الجسمية ، كالذكاء و الحزم و الشجاعة و التضحية ، و بعد النظر ، و الحكمة ، و الصبر .
كما يجب ان تتوفر في تلك الشخصية الكفاءة القيادية و قدرته على التأثير في مرؤسيه .
اما العنصر الاهم لصيانة الامانة اختيار القيادة هو ان تكون تلك الشخصية ملتزمة بالضوابط و القواعد الشرعية ، بالاقوال و الافعال .
وان تكون تلك الشخصية تعمل على ايجاد الحب بينها و بين من هم تحت امرتها و ادارتها و قيادتها .
اذن امانة اختيار القيادة تتطلب الموضوعية بالاختيار و الابتعاد عن العواطف و المجاملات و المواضيع الجانبية الاخرى التي لو كانت هي المعيار للاختيار ضاعت القيادة و الامة .
و هذا مانجده واضح و مؤكد عليه في سيرة اهل بيت النبوة ( سلام الله عليهم ) ، فنجد ان امام المتقين امير المؤمنين علي بن ابي طالب ( ع ) ، يحدد الى مالك الاشتر كيف يتم اختيار القيادة بقوله : ( فول من جنودك انصحهم في نفسك لله و لرسوله و لإمامك ، و انقاهم جيبا و افضلهم حلما ، ممن يبطئ عن الغضب و يستريح الى العذر ، و يرأف بالضعفاء ، و ينبو على الاقوياء ، و ممن لا يثيره العنف ولا يعقد به الضعف ) .
اذن بالنتيجة يجب الالتفات ان اختيار القيادة بالعموم والقيادة العسكرية بالخصوص هي امانة الهيه كبيرة ، سيحاسب من خانها بوضع الشخص الغير مناسب في موقع لا يستحقه .
نسال الله حفظ الاسلام و اهله
نسال الله حفظ العراق وشعبه
https://telegram.me/buratha