عدنان علامه ||
تصدر المصارف في نهاية كل عام ميزانيتها ولكنها تنجزها فعليًا في النصف الاخير في شهر كانون الأول من كل عام. وأظهر ميزان المراجعة الذي يقارن الموجودات مقابل المطلوبات في معظم المصارف عجزًا كبيرًا لصالح المطلوبات. فلجأت جمعية المصارف إلى الحاكم بأمره لينقذها؛ فمدد بتاريخ الخميس 23 ديسمبر / كانون الأول 2021 التعميم رقم 161 المتعلق بالسحوبات النقدية حتى تاريخ 31-1-2022.
وينص التعميم 161 على دفع المصارف لعملائها السحوبات النقدية التي يحقّ لهم سحبها سواء بالليرة أو بالدولار، وفق الحدود المعتمدة لدى كلّ مصرف، على أن تكون بـ«الفريش دولار» وفق سعر الصرف المعتمد على منصّة صيرفة والوارد في اليوم السابق للسحب.
وقد استعمل الحاكم بأمره الإحتياطي الإستراتيجي بالدولار والذي من المتعارف عليه بأنه لا يسمح المساس به مهما كلف الأمر لتعويم السوق. وأعلن الحاكم بأمره بأنه يحق للمصارف سحب الكميات التي تريدها بدون أي سقف. بدأت المصارف بشراء الدولار بكميات كبيرة حين كانت منصة صيرفة تسعر بیع الدولار بحوالي 24000 ليرة بينما كان سعر السوق حوالي 28000 ليرة. فبعض المودعين حولوا موجوداتهم إلى دولار على سعر منصة صيرفة وصرفوه في السوق الموازية وكذلك فعلت بعض المصارف. وسجل في الدولار ارتفاعًا قياسيًا نتيجة لشراء الدولار بكميات كبيرة بسبب إجماع المنجمين على التأكيد بإرتفاع سعر الدولار إلى حدود قياسية تصل إلى 50.000 ليرة والبعض رفعه ك "راسور" بدون سقف فوصل إلى حدود 33000ليرة. فباعت المصارف كميات كبيرة من الدولارات التي خزنتها. في الأسبوع الأخير من العام 2021 في السوق محققة أرباحًا بمليارات الليرات اللبنانية وحولت خساراتها إلي أرباح خيالية. لم يتأثر سعر الدولار بداية بضخ الكميات الكبيرة جدًا من الدولارات بسبب تهريب معظمها إلى الخارج. ولما تم ضخ كميات اكبر من الدولارات بدأ سعر الدولار يتراجع بصورةَ غير مسبوقة وبدأت المصارف وكبار الصرافين يشترون الدولارات من الخائفين من التدهور المفاجئ لسعر الصرف. وتم الشراء بسعر السوق حيث تساوى سعر منصة صيرفة مع المنصات الأخرى.
وفي النتيجة فإن إنخفاض سعر الدولار كان لصالح المصارف وكبار الصرّافين فقط ولم يكن لصالح الدولة أو الإقتصاد أو الشعب. فاسعار السلع بقيت كما هي، واسعار المشتقات النفطية تراجعت بشكل خجول لإرتباطها بسعر الدولار وسعر النفط العالمي الذي سجل اليوم أعلى سعر له منذ 7سنوات ، فسجل سعر برميل النفط 88$.
فالرابح الاكبر هم المصارف والصرافين الذين عززوا إحتياطهم من "الفربش" دولار من مصرف لبنان ومن السوق. والخاسر الأكبر هم المودعين الذي تصرّف حاكم مصرف لبنان بأموالهم ؛ فحوّل الإحتياط الإستراتيجي بالعملة الأحنبية التي بحوزته إلى الليرة اللبنانية. كما ان الإقتصاد اللبناني لم يتحسن لأن مئات الملابين لم يتم ضخها في الأسواق لتهريب قسم كبير منها، والباقي بقي في خزنات المصارف وكبار الصرّافين.
ولنعرف مقدار الربح الذي حققه كل مصرف او صرّاف سآخذ على سبيل المثال أن احد المصارف إشترى مليون دولار من مصرف لبنان على سعر 24000 ليرة. وباعها المصرف في السوق الموازية ب 33000 ليرة فيكون المصرف قد حقق ربحًا مقداره 9 مليارات ليرة لبنانية وعند إنخفاض السوق إسترجع المصرف الدولارات واحتفظ إيضًا بالمليارات منوالعملة اللبنانية وخسر مصرف لبنان إحتياطه الإستراتيجي من العملة الخضراء.
وقد أفادت بعض المصادر بالتالي:
"تبين ان احد اسباب إنخفاض سعر صرف الدولار في السوق السوداء اليوم الجمعة 14 كانون الثاني 2022 يعود الى ضخ منصة Sayrafa مبلغ 41 مليون و500 ألف دولار في الأسواق، في حين ان حجم التداول على المنصة كان يتراوح في السابق بين 14 و18 مليون دولار يومياً".
فإذا دققنا جيدًا في مسألة تمديد الحاكم بأمره العمل بالتعميم رقم 161 حتى آخر الشهر الحالي وضخ مئات ملايين الدولارات من الإحتياطي المركزي بحجة كبح جماح إرتفاع أسعار الدولار نستنتج أن هدف الحاكم بأمره هو إنقاذ المصارف المتعثرة والمهددة بالإفلاس على حساب الإحتياطي الإستراتيجي ومصلحة البلاد العليا.
فيجب توقيف الحاكم بأمره بتهمة التآمر على الدولة لإسقاط النظام من خلال العمل على الإنهيار الإقتصادي الشامل بتبديد الإحتياطي الإستراتيجي بالدولار الأمريكي بحجة التدخل للجم إرتفاع الدولار وإلا أصبح النظام اللبناني في خبر كان.
وإن غدًا لناظره قريب
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha