عدنان جواد ||
قبل (50) سنة من الان كان من المحرمات بل الخيانة العظمى مجرد التكلم بالإيجابية بخصوص اسرائيل، وخاصة في دولنا العربية، وعايشنا شعارات عندما اراد السادات اقامة دولتين عربية وعبرية ومنها( والله والنبي السادات موء عربي)، فتم طرد اليهود من تلك الدول بمخطط مدروس ، وتبنيها مراكز التخطيط والدراسات التي استقطبت العقول من مختلف انحاء العالم، وامتلاك الاموال والسيطرة على قرارات المنظمات الدولية، تحولت تلك الدولة اللقيطة كما يسميها البعض، الى دولة عظمى بقوة السلاح والاقتصاد وديمقراطية بل هي الدولة الوحيدة التي تطبق الديمقراطية في الشرق الاوسط، كما يقول ناشيطيها، وتحول العرب من اعداء لهذه الدولة الى اصدقاء بالتدريج، وليس فقط اصدقاء بل مدافعين عنها بالإعلام والتمويل المالي في القضاء على اي نشاط او فكر متحرر يدعوا لتحرير فلسطين، فنجد الحرب انتشرت في تلك الدول فانهار اقتصادها واحترق عتادها وقتل شبابها وتيتم اطفالها، والعراق وسوريا واليمن لا زالت الحروب مستمرة فيها، فعندما تدافع عن نفسها تسمى إرهابية وعندما تحرق مدنها وتجوع شعوبها تسمى إقامة الشرعية والديمقراطية.
في الحقيقة ما اثار استغرابي قبول شبابنا قضية التطبيع، وكما في مواقع التواصل واغلبهم يقول : (عمي خلي نعيش ويتوفر العمل والاستقرار وخلي يتحالفون وي الشيطان)، وعندما تتناقش مع احدهم وتذكر الثبات على العقيدة والقيم الاسلامية، وكيف وقف الامام علي عليه السلام بوجه الباطل، فترك السلطة والمال وسلك هذا الطريق اولاده فكان مصيرهم الشهادة و الخلود في الدنيا والاخرة، فياتيك الجواب بسطحية ويختزل التاريخ وكل الإيجابيات فيذكر لك ما فعلته الاحزاب الاسلامية التي حكمت بعد 2003، وانها تدعي التدين وهي تفعل عكس ما موجود في الدين من سرقة واحتيال وكذب، وانها افقرت الناس وصحرت الارض وعطلت العمران، فتحصر في زاوية ضيقة وكأنك تدافع عنها، ينسون ويتناسون ان من خلق هذه الاوضاع هي نفسها الدول التي تسيرالنظام في العالم والتي تختار عملاؤها بإتقان، فالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا والمانيا وعلى راسها اسرائيل، اما أن تكون معها تكون محترما يتوفر لك الغذاء والدواء وحتى اللقاح، وعندما تكون ضدها تعاني من الحصار والافتقار وضيق الحال حتى وان كنت تمتلك الثروات، اما بسبب السياسة الخاطئة او تولية الحكم من قبلها لأناس مرتشين فاسدين عبيداً لهم واسياداً على شعوبهم، فمثلا فنزويلا والعراق وليبيا وبرغم من امتلاكها الثروات لكنها لا تستقر لان فيها نفس يكره التطبيع والانصياع لواشنطن، يعتبر الدفاع عن فلسطين مسألة عقيدة، هذه حقيقة لا يصدقها الكثير، فيقول لك مالنا وفلسطين فيها دولة وحكومة وشعبا متنعما.
ان ثقافة القطيع التي غزتنا حولت مجتمعنا الى متلقي يسمع فيصدق ، وليس هذا فقط بل ينفذ ما يطلب منه، يحقد ويسقط كل مقدس لديه، فيلعن ويسب الرموز والقادة، ويقارن ما بين بلاد العرب وبلاد الغرب، وما بين تطبيق القوانين هناك والفوضى هنا، فهو لا ينظر لدول قريبة منه كيف تطورت وكيف انجزت مشاريع عملاقة وتغلبت على مشكلة السكن والبطالة وتوفير الكهرباء وتصديرها، واهم شيء الاستقلال في اتخاذ قراراتها رغم الحصار الاقتصادي والحروب المتكررة، وسبحان الله من يسلك طريقها دائما منتصر، لكن هذا النصر يحتاج صبر، فهاهم انصار الله في اليمن يذيقون اعدائهم الهزيمة تلو الهزيمة ومن قبلهم حزب الله في لبنان، رغم قلة الامكانيات والحصارالبحري والجوي، لا نكرر تحذير الامام الخميني قدس من العلاقة مع الشيطان الاكبر حتى لا نتهم بالذيلية، ولكن تعالوا الى كوبا وكيف وقف فيدل كاستروا ضدها لمدة (٥٠) سنة وكيف تريد البقاء على عرش النظام العالمي حتى لو جوعت او قتلت الالاف بل الملايين، الوقوف مع الحق يحتاج ضميرحي، ودين صحيح، ومنهج واضح ، وهذا الذي منع ايران من اقامة علاقة مع اسرائيل، ولو انها تركت خطابها المعادي لاسرائيل لاصبحت دولة عظمى ، يرفع عنها الحصار وتعود سيدة المنطقة كما كانت في عهد الشاه.
فينبغي الالتفات لأمر مهم من قبل النخب الصالحة، والمراجع واصحاب القرار الذين يدعون الصلاح ، انقاذ الشباب من هذا الغزو واحتضانهم عن طريق دورات رياضية وفنية وتوفير عمل لهم بدل تركهم فريسة سهلة للوقوع في شرك الاعداء فيفقدون مجتمعهم، وخاصة الشيعي الذي اصبح متشرذم متعادي يلعن بعضه البعض، يتم تهيئته لحروب وثارات متبادلة الخاسر فيها البلد بصورة عامة والبيت الشيعي بصورة خاصة.