كندي الزهيري ||
الكثير ما نخطط للوصول إلى الهدف المرجو من التخطيط، نبحث ونتشعب ونناقش ونأخذ من الوقت مأخذ طويل جدا، ويبقى النجاح أسير الاحتمالات.
من منا على المستوى الشخصي أو على مستوى مجموعة وكذلك على مستوى مؤسسات إلى آخره ، لم يرسم مسار لتحقيق غايته في الوصول إلى مبتغاه، بأسهل الطرق وأقل جهد ممكن وبإمكانات بسيطة في بعض الأحيان، مع ذلك الكثير منا، تبقى أهدافهم أسيرة النقاش، ولا ترى طريق النور لكونها حبيسة الورق، يعود ذلك إلى أسباب نفسية كثيرة أهما؛ عدم الإيمان الداخلي والشك في تحقيق الهدف، وكذلك عدم احترام الذات ومقدرتها على تجاوز الخطوة الأولى للمشروع.
يجيب عن ذلك ولي الفقيه السيد (علي الخامنئي) في كتابة (مشروع الفكر الإسلامي) الجلسة الثالثة من موضوع (البشائر)، حيث يقول:-
بسبب الإيمان يهتدون إلى الطريق، يهتدون إلى الهدف وإلى السبيل الذي يؤدي بهم إلى الهدف.
يضرب الولي الفقيه لنا مثلا:-
المثل الأول؛ تسمعون من يقول حين يرى الهدف بعيدا والإمكانات ضعيفة: هل يمكن أن نصل إلى الهدف المطلوب؟، لو تفحصت في الكلام هذا، لرأيت عدم وجود (الإيمان) بالخطوة الأولى، أو أن يكون ذلك الإيمان غير مقرون بالعمل، لو آمن الشخص وعمل لانفتحت أمامه الهداية إلى الطريق، وسيقطع الخطوة الثانية. (الطريق نفسه يقول لك كيف أسير)، كما يقول العطار النيسابوري " حين يؤمن الإنسان بالهدف ويتبع هذا الإيمان حركة نحو الهدف، فإن الطريق سوف يفتح أمامه".
مثال ثان؛ القادة والرواد وأتباعهم لا يعلمون وهم في الخطوة الأولى ما هي لخطوة العاشرة.
مثالا؛ هب أنك كنت وحيدا في الصحراء، في ليلة مظلمة لا يرى في السماء قمرا ولا نجوم، وليس في يدك سوى شمعة صغيرة، وتريد بهذه الشمعة أن تقطع صحراء ممتدة، ستقول لنفسك "إن هذه الشمعة سوف لا تضيء كثر من عدة أمتار من الطريق، وأنا أمامي عشرة كيلومترات"، هذا الكلام من ليست له تجربة في قطع الطريق،"المجرب" سيقول "سر في هذه الأمتار، التي تساعدك فيها إنارة الشمعة، وإذا تيسر لك بعدها سبيلا للمواصلة فواصل"، وإلا فلا تذهب، اقطع ما استطعت من الطريق بما لديك من إمكانات الإضاءة، وسترى أنك قادر بعدها أن تواصل الطريق إلى نهايته ((يهديهم ربهم بأيمانهم)).
الحقيقة تكمن في داخلك أنت، عليك أن تعلم ما هي احتياجاتك لتحقيق الأهداف المنشودة وبها تحقق السعادة التي تبحث عنها،
قد تسأل هل تخبرنا ببعضها؟. نعم ولي الفقيه بكتابه يجيب ويعرف الاحتياجات المطلوبة وهي:-
١_أن يعرف الهدف وساحل النجاة والسعادة، ويعرف من أين يتجه ولأي هدف يسعى ويجتهد، وأن يعرف نهاية الطريق منذ انطلاقة، وأي طريق يسلك ليصل بشكل أسرع إلى هدفه.
٢_أن تزول من أمام عينه وعقله ظلمات الجهل والغرور والأوهام، وكل ما يجول دون أن يعي ويفهم ويدرك الحقائق.
٣_أن يتخلص من مسيرته الطويلة نحو السعادة من الوسواس الداخلي، هي أفظع وأقوى من الوسواس الخارجي، الوسواس الداخلي يخبرك بطريقه يقول لك "أنت لا تستطيع، لماذا تذهب، ما فائدة مسيرك، لعلك لا تصل، لعل قاطعا طريق يواجهك إلى آخره ".
٤_أن يكون سعيه مثمرا، أن يحده أمل بأن مساعيه ستبلغ الغاية التي تريدها.
الكثير يعانون من اليأس لا يبلغون أهدافهم ولا يحققون ما يصبون إليه، فلا بد أن يثق الفرد بأن سعية سيكون مثمر.
٥_أن تكون أخطاؤه وزلاته قابلة للغفران والعفو.
٦_أن يكون له سند مطمئن في المسير، أي أن يعلم بأنه يستطيع أن يطلب من ذلك السند المساعدة في الظروف جميعها.
٧_أن يكون له في مواجهة العدو من الله نصر وإمداد.
٨_أن يرى بأنه متفوق على صفوف الجبهة المقابلة ويرى أن العاقبة، هي له في هذه المواجهة.
٩_أن ينتصر على أعداء مسيرته والصادين له عن بلوغ هدفه.
١٠_أن يتجاوز العقبات والضغوط والموانع ويبلغ هدفه.
١١_أن يكون له في طريق وصوله إلى الهدف، وعند الهدف نفسه، عالم مهيأ، وأن تفتح أمامه أبواب مصادر عقله وإدراكه وفهمه وكفاءاته وطاقاته ليستفيد منها...