ماهر ضياء محيي الدين ||
كل الأمم تعرضت إلى نكبات كبرى وخسائرها بلغت ملايين الضحايا من البشر ،مدنها دمرت عن بكرة أبيها ، وأخرى فرضت عليها المعاهدات والاتفاقيات ، وبعضها الحصار بمختلف أنواعه ، لكنها نهضت من تحت ركام حربها ، لتكون في مقدمة الدول العظمى ، واقوى من سابق عهدها ، قوة سياسية اقتصادية عسكرية يصعب مواجهتها .
ما وراء قوة هذا الشعوب ؟ ولماذا تنهض أو نهضة بعد نكبات ونكبات؟ ، وما هو سر بلد دجلة والفرات ؟ لماذا لا يستقر أو ينهض من جديد ؟.
عوامل قوة كل شعب تختلف عن الثانية بطبيعة الحال ، وبعضها مختلفة إلى سبعون ملة أو يزيدون فيما يخص الجانب الديني ، بمعنى أخر لكل فرقة من هذا الأمة معتقدات وعادات تختلف عن الثانية .
ولو أخذنا الموضوع من زاوية أخرى ، قوة وعظمة هذا الشعوب يرتبط التمسك بالجانب الديني ، بمعنى تمسك الشخص بدينه يفرض عليه بعض الأمور وعليه إن يلتزم بيه ، في عمله أو تعامله مع الآخرين أو حتى مع جيرانه ، إطاعة واحترام القوانين ، ليكون سره قوتها وعظمتها دينيا ، مع العلم إن بعض الأمم لا تؤمن بالله أصلا ، وتؤمن بغيرها وليس لها دين ، لكنها بلادنا مستقرة بكافة النواحي ، ومتعايشة مع البعض الأخر رغم الاختلافات الفكرية والديني والعقائدية ، والاهم امة قوية ومتماسكة .
لو فرضنا المسالة تتعلق بالجانب الثقافي ، لتكون قوتها نابعة من ثقافتها رغم اختلافها فهي تعيش وسط تيارات وحركات فكرية مختلفة ومتنوعة التوجهات ، بين الماركسية والشيوعية والديمقراطية وغيرها ، نجدها كأنها امة واحدة فكريا ، ورفض التعدي على حقوقهم واعتقاداتهم وثقافتهم ، وبدليل الكل يعيش بمجتمع واحد ، ثقافة احترام الآخرين والتعايش السلمي ، تقدم علمي وحضاري وثقافي .
وهل تتعلق المسالة بالجانب الثروات الطبيعية وخيراتها ، واغلبها لا تمتلك نفط على تقدير ، وثرواتها محددة أو معدومة ، وصناعتها في مستويات متدنية جدا ، ولا تمتلك رؤوس أموال لتعمل بيه ، ولا تستطيع الاقتراض من الخارج ، لان مواردها غير كافية لتسديدها ، فمن يريد يشاهد حالها اليوم ، فتلك ألمانيا واليابان ، أصبحت بلدان صناعية تجارية اقتصادية كبرى ، وحتى إيران وضعها في مقدمة الدول العظمى .
إما بلدي وما أدرك ما بلدي ، إذا قألنا دينيا فلبلدنا بلد الرسالات السماوية والأنبياء والرسل والصالحين ، إما القضية تتعلق بالجانب الثقافي ، العالم كله يعرف ويشهد له بلد الحضارات والثقافات والمعارف والعلماء من الأولين والآخرين ، وما نملك من خيرات وثروات لا تعد ولا تحصى ، ما لدينا من نفط نعيش بخيره لملايين السنين .
قد يعترض علينا احد ويقول بلدنا مستهدف من الداخل والخارج ، وهو السبب الرئيسي لدمره ، وهي حقيقية لا تحتاج إلى دليل اليد الخارجية سبب مشاكلنا ، وكل دول عانت من التدخلات الخارجية ما عانت ، لكنها وقفت بالمرصاد لهم ليومنا هذا ، الشعوب هي من أفشلت كل مخططاتهم ومشاريعهم ، و اقتلعت جذور الفتن والتفرقة ، وقطعت اليد التي زرعتها أو حاولت بذلك ، ولا تميل أو تصفق أو تهلل لكل من هب ودب ،ومصلحة بلدنها خط احمر لا يمكن التجاوز عليه ، لان قوة الدولة شعوبها وليس حكامها .
لو عرفنا سر قوة هذه الشعوب سيكون حالنا أفضل ، وقد يكن أكثر واقل جدا من ذلك ، لكن لغز هذا السر سيبقى غير معلوم ومجهول ، ما دمنا نعيش وسط هذا الطوفان ، دون إرادة حقيقية للتغيير من الكل ، والتغير الفكري المبني على أساس صحيح وجوهري ، وقد تستطيع الأجيال القادمة معرفة السر ، ويكون وضع البلد أحسن ومختلف عن الماضي .