نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الدول العظمى وبالذات كشخص رئيس تلك الدولة العظمى كلماته وتصرفاته هي رسائل إلى الآخرين، اجتماع الرؤساء يحكمه بروتوكولات عن كيفية اللقاء والجلوس وعقد المؤتمر الصحفي، اتذكر بعد سقوط نظام البعث أحد الساسة الجدد تقلد منصب نائب رئيس جمهورية، ذهب إلى زيارة دولة، عزف السلام الوطني والأخ يتحرك ويقول السلام عليكم، قبل فترة رئيس الحكومة الحالية ذهب في زيارة إلى تركيا والرئيس الشيخ أردوغان أثناء الاستقبال قام بسحبه من ربطة العنق، كانت نية أردوغان خالصة لوجه الله عز وجل في تعديل رباط رئيس الحكومة العراقية، أحد الصحفيين سأل رئيس الوزراء العراقي عن كيفية قيام أردوغان بسحب رباطه، قال أردوغان احد أصدقائي وقام بتعديل رباطي، على أساس كانت صديقه بسن الطفولة كان يلعب معه دعبل.
قبل أيام زار الرئيس الفرنسي روسيا والتقى مع بوتين، الإعلام نشر صورة لجلوس الرئيسين الروسي والفرنسي على طاولة كبيرة و متباعدين بمسافة ستة أمتار، الكثير من المنصات الإعلامية فسرت الصورة إنها سخرية في الواقع أنا ارى ذلك لايوجد أي ملمح للسخرية، هناك بروتوكولات تنضم الاجتماعات لكنها ربما تعطي رسائل سياسية بظل وجود التوتر الحالي مابين روسيا والغرب.
بعد نشر المقاطع حول اجتماع الرئيسين تم شرح أسباب جلوس كل من الرئيس الروسي بوتين ونظيره الفرنسي الرئيس ماكرون على طرفي طاولة متباعدة بشكل واضح، بسبب عدم خضوع الرئيس ماكرون لفحص كورونا، هذا عرف يطبق في أوروبا على مستوى الأشخاص العاديين عندما تراجع مكتب محاماة يسألونك هل خضعت لفحص كورونا قبل أربع وعشرين ساعة، إذا لم تكن قد أجريت الفحص فلا يسمح لك في المقابلة ويقولون لك بطريقة مؤدبة نعتذر عن مقابلتك عليكم حجز موعد جديد وعليك إجراء فحص كورونا قبل ٢٤ ساعة من الاجتماع.
د نقلت وكالة رويترز عن مصدرين مطلعين على البروتوكول الصحي للرئيس الفرنسي، أن ماكرون «وجد نفسه أمام خيارين؛ إما قبول اختبار (بي سي آر) تجريه السلطات الروسية للسماح له بالاقتراب من بوتين، أو الرفض».
وبالطبع فإن الرفض يعني «ضرورة التزامه بقواعد تباعد اجتماعي شديدة الصرامة»، وقال أحد المصدرين: «كنا نعلم تماماً أن ذلك - الرفض - يترتب عليه عدم المصافحة، ووضع طاولة بهذا الطول، لكننا لم نقبل أن يضعوا أيديهم على الحمض النووي للرئيس».
من حق الرئيس ماكرون أن يخشى على الحمض النووي الخاص به، وهذا شيء يعتبر من خصوصياته.
الأزمة الأوكرانية مبالغ بها، الروابط مابين روسيا وشعوب أوروبا الغربية روابط وثيقة، غالبية الأحزاب الأوروبية القومية تربطهم علاقات صداقة مع روسيا.
القادة الاوروبيون تحكمهم بروتوكولات مضاف لذلك حركاتهم وتصريحاتهم رسائل لبعضهم البعض الآخر بدون أن تصل هذه الرسائل إلى نشوف حروب، ، على سبيل المثال وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لقاء بنظيرته البريطانية ليز تراس بموسكو حول الأزمة الأوكرانية بأنه «محادثة بين أصم وأبكم».
هذا الكلام لو صدر من وزير خارجية عربي ضد دولة عربية أخرى نتيجتها تكون هجوم عسكري، مثل ماحدث بين وزير خارجية العراق بزمن حقبة صدام الجرذ ومعهم النافق عزة الدوري ضد وزير خارجية الكويت صباح السالم حيث تم ضرب الوزير الكويتي في مقر الجامعة العربية في طبق طعام، وبعد عدة ساعات اجتاحت قوات صدام جرذ العوجة دولة الكويت وحدث ماحدث من حرب عاصفة الصحراء وحصار دام ١٤ سنة انتهت في احتلال العراق من قبل أمريكا وبريطانيا عام ٢٠٠٣.
الصراع مابين روسيا والغرب سياسي، سبق أن وصف الرئيس بايدن نظيره الروسي بوتين بـ«القاتل» قبل عام، لكن بعد ست أشهر اجتمع بايدن مع بوتين، والآن يفعل بايدن المستحيل ليتعاون بوتين معه لتجنب وقوع صراع مباشر.
نشر فضيحة وثائق ويكيليكس، لم يجرأ جولياني نشر الصور بدون انه مكلف في نشر وثائق تفضح بها أمريكا حكام الخليج ونشر وثائق تدينهم وتثبت تورطهم بدعم الإرهاب والقول لهم انتم في قبضتنا من البساطة اسقاطكم وتقديمكم للمحاكم مثل ما فعلنا في صدام الجرذ ومعمر القذافي.
بكل الأحوال نحن نعيش في عالم تحكمه مصالح، كل ما رأيناه من بث صور هي رسائل يبعث بها كل طرف للطرف الآخر، الإعلام الغربي حدد يوم ١٥ شباط لغزو روسيا إلى أوكرانيا، مضى يوم ١٥ شباط ولم يحدث اي غزو، بل الأمور تسير نحو تفاهمات بين الدول الكبرى اللاعبين الخمسة الكبار في تقاسم النفوذ، ويبقى العرب وبالذات الدول الخليجية أبقار حلوبة إلى أن يأذن الله عز وجل إلى وليه في إقامة دولة العدل.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
16/2/2022