المقالات

شعبية الأغلبية

1543 2022-02-19

 

واثق الجابري ||

 

 واحدة من أهم مشكلات الحكم  في العراق، تلك التي تتعلق بتشكيل حكوماتها، ومن معرفة البدايات نحصل على النتائج الهشة والمرتبكة، لا تتحمل كل ما مطلوب منها، لذا تنهار او تواجه مشكلات، في بعض تجاوزها تجاوز على الدستور وحق الشعب، وبما إن الركائز ضعيفة فإن البناء أضعف وقابل للانهيار.

يدور الجدل بعد كل انتخابات، حول آليات تشكيل الحكومة ومن هي الكتلة الأكثر عدداً، وندخل في جدل التفسيرات، التي في معظمها تدافع عن الرئاسات، وتسابق وغلبة في سياقات إتفاقات سياسية، بعيدة عن روح الديمقراطية وغاية تحقيق رضا الأغلبية الشعبية.

يتكرس مفهوم الديمقراطية بتمثيل الأغلبية، وبما إنها وسيلة حكم لتمكين الشعب في المشاركة في صنع القرار، وإن الشعب فيها مصدر السلطات، لذا اتاحت الحكم بالتمثيل النيابي في العراق، وكل نائب حسب ما ينص الدستور يمثل  100 ألف مواطن، وبذلك لابد للأغلبية  تمثيل غالبية الشعب، وبتناسب عدد المقاعد الغالبية مع غالبية الشعب، وبذلك يحقق النظام السياسي قبول معظم الجماهير، ويحقق مصالح البقية التي تعترض أو تختلف أو تعارض الحكم.

اختلف القانون الإنتخابي الأخير عن طبيعة النظام السياسي، الذي يقوم على تعددية حزبية، وبدل الدوائر المتعددة على أساس محافظات وقوائم، الى دوائر صغيرة وفائز أعلى، وأفرز ما لا يتناسب مع أصوات الأحزاب وعدد جماهيرها، فقائمة حصلت على 325 ألف صوت لها 9 مقاعد، وقائمة 400 ألف صوت 3 مقاعد، وقائمة 885 ألف صوت 76 مقعد، ومجموعة قوى بما يقارب مليونين و 300 ألف صوت على 88 مقعد، وفي حال تشكيل تحالف ثلاثي بين الكتلة الصدرية وتحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني، فمجموع أصواتهم بما يزيد قليلاً على 4 ملايين ناخب من مجموع شعب يزيد على 40 مليون، أي بنسبة 10% من الشعب.

إن تشكيل الحكومة في الأحوال كلها لن يمثل رضا الأغلبية الشعبية، بوجود 50% من الشعب لا يحق لهم التصويت، و60% من هؤلاء لم يشارك في الانتخابات، وبذلك فإن مجموع أصوات البرلمان لا يتجاوز 20% من الشعب، وبحكم من يمثلون 10% يعني أن الحكم تحول من  حكم الأغلبية الى حكم الأقلية، وهذا لا يهيئ أرضية مناسبة للاستقرار السياسي، وستواجه الحكومة مشكلات جمة، منها ما يتعلق بغياب التوازن المكوناتي في تشكيلها، والآخر بتوقعات آليات ممارستها للسلطة، لأن الأقلية تحاول فرض هيمنتها بالقوة لتثبيت نظامها السياسي، في حين حتى وإن أساءت الأغلبية ممارستها للسلطة فإنها حققت مصالح أو قبول أغلبية الشعب.

  تتشكل الحكومات في الأنظمة متعددة الأحزاب، من مجموعة من التحالفات لتحقيق الأغلبية، وفق برامج وخطط عمل متفق عليها وتقارب في نهج هذه القوى طيلة مسارها السياسي، فهو ليس اتفاق مرحلي وتصويت للحصول على رئاسة البرلمان مقابل الحصول على رئاسة الجمهورية والحكومة، ولحد الآن لم نحصل على كتلة تمثل الأغلبية السياسية والشعبية، متفقة على برنامج محدد، وهو مجرد اتفاق دون مخرجات ولا خطط واضحة لتحقيق مصالح الأغلبية الشعبية، بل الواضح منه فقط حصول الغالبية النيابية، على حصص حكومية، دون التفكير بمستقبل العملية السياسية، وهل إنها ستحقق أو تمثل الغالبية الشعبية، التي هي أساس حكم الديمقراطية؟!

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك