ناجي امهز ||
في الحقيقة ليس الشيعة وحدهم ضد اسرائيل، بل يوجد هناك فصائل المقاومة الفلسطينية، وبعض النخب الفكرية من اصحاب الفكر التحرري، كما يوجد خمس وعشرون دولة لم تعترف بالكيان الاسرائيلي، من بين هذه الدول عشرين دولة لا تشكل اي خطر عسكري او اقتصادي على اسرائيل، بينما لبنان وسوريا وايران والعراق ومؤخرا اليمن يشكلون خطرا عسكريا مباشرا على الكيان الاسرائيلي.
وكل اعداء اسرائيل والرافضين للتطبيع معها، لا يتجاوز عددهم ال مئتاي مليون انسان، من بينهم ما نسبته 40% فقط هم الذين يخوضون الصراع والقتال معها.
ولكن اذا اخذنا النسبة المئوية من القوة التي تتسلح وتقاتل العدو الاسرائيلي والتي خاضت الحروب المباشرة او العمليات الامنية الدقيقة ضد اسرائيل اخر ثلاثة عقود، لوجدنا ان غالبيتهم من الطائفة الشيعية، وحتى فصائل المقاومة من غير الطائفة الشيعية فان الشيعة هم الذين يمدونهم بالمال ويزودنهم بالسلاح، اضافة ان الحرب الاعلامية ضد الكيان الاسرائيلي مصدرها فقط ما يقارب المئتاي مفكر وكاتب حول العالم.
بالمقابل هناك اكثر مائة وسبعين دولة، يصل عدد مواطنيهم الى ما يقارب ال سبعة مليار انسان، اما مع اسرائيل او غير معنيين بما يجري في فلسطين ومحيطها، من بينهم دول العربية، وهم يتعاونون امنيا اقتصاديا واعلاميا.
وقبل ان يتسابق المتسابقون انه يا لطيف هذه الدولة او هذا المجتمع ضد اسرائيل، دعونا نتكلم بوضوح.
اليوم 90% من مجلس التعاون الخليجي طبع مع الاسرائيلي، وهناك زيارات متبادلة ولقاءات على ارفع المستويات، اضافة الى مناورات عسكرية مشتركة وتعاون امني وثيق، وتبادل تجاري بمليارات الدولارات، كما نسمع ونقرا يوميا في الصحف والفضائيات عن حملات اعلامية من ابواق التطبيع تدافع عن الاحتلال الاسرائيلي، ومنهم من لا يستحي بشتم الفلسطينيين وتحقيرهم، والاسفاف بحق القضية الفلسطينية.
اضافة الى تطبيع مصر الذي يكاد يبلغ من العمر نصف قرن حيث لم يحصل ضربة كف على خطوط الهدنة ووقف اطلاق النار منذ زيارة السادات الى الكيان الغاصب، بل عندما تتصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية ضد العدو الاسرائيلي تلجأ اسرائيل الى مصر، من اجل تهدئة الاوضاع وتهيئة الارضية لوقف اطلاق النار، واحيانا كثيرة كانت الحكومة المصرية تهدد حركات المقاومة الفلسطينية، بحال لم تخضع للمبادرات المصرية التي كانت بالتسيق مع الكيان الاسرائيلي المحتل، فانها ستغلق معبر رفح وتفرض حصار على قطاع غزة كما حصل عشرات المرات.
اما الاردن فهو منذ عام 1968 ملتزم بالهدنة والاتفاقيات، وعلى ارفع درجات التنسيق مع الاسرائيليين، ولا يتخذ قرار سياسي ان كان في الامم المتحدة او جامعة الدول العربية الا بعد حصول موافقة الكيان الاسرائيلي عليه.
في فلسطين المحتلة هناك سلطة بامها وابيها تتعاون مع قوة تحتلها، بل لا تتاونى هذه السلطة عن ملاحقة من يقاتل الاسرائيليين واعتقالهم واحيانا تصفيتهم والابلاغ عن اماكن تواجدهم، وهذه السلطة الفلسطينية تاخذ اوامرها الامنية والعسكرية وحتى الرواتب من سلطة الاحتلال الاسرائيلية.
حتى في لبنان، لو نجح الاجتياح الاسرائيلي الذي وصل الى العاصمة بيروت عام 1982، لكنا اليوم نشاهد الاسرائيليين يبنون المستعمرات في جنوب لبنان، ويسرحون ويمرحون في لبنان، وايضا لكانوا يبعوننا النفط والغاز من ثرواتنا البحرية، ويمنعون عنا مياه الينابيع وحتى الجوفية، وربما رشحوا نوابا تابعين لهم وفرضوا وزراء من قبلهم، ونصوا البيانات الوزارية، فقد اثبتت الحقائق ان هناك الكثيرين من اللبنانيين الذين تعاملوا وتعانوا مع العدو الاسرائيلي، وكانوا اشد اجراما وبطشا وظلما منه على ابناء وطنهم.
وهذا التطبيع والتحالف والتألف السياسي هو كان الاساس في اضعاف وضياع القضية الفلسطينية، فالكثير من غير المسلمين في العالم يبررون لانفسهم عدم مواجهة اسرائيل او دعم القضية الفلسطينية، تحت مقولة ان كان السنة انفسهم تخلوا عن القضية الفلسطينية واعترفوا باسرائيل، لماذا اخرج عن الاجماع السني، وخاصة ان الذين يؤمنون بمقولة واطيعوا أولي الامر منكم، يقولون اليوم بما ان الحاكم يقول ان اسرائيل حليفة وايران عدوة بنظرهم اسرائيل حليفة ولو قتلت كل اطفال واغتصبت كل نساء فلسطين، وايران عدوة حتى لو حررت كل فلسطين.
وكل هذه المقدمة والسرد والاحصاءات، لاوضح شيئا مهما للغاية، نفهم من خلاله سبب العداء عالميا لمن يقاتل اسرائيل، فالعالم لا يكترث كثيرا بمبدأ الحق والعدالة والقيم وما هو دينك ومذهبك، بل انه نظام راسمالي متوحش يبحث عن مصالحه دون شفقة او رحمة، وبما ان غالبية الدول خاضعة لجبروت امريكا التي بدورها خاضعة للوبي الصهيوني العالمي، فان كل من يقاتل اسرائيل هو عدو لهذه المنظومة، بعيدا عن دينه ومذهبه وجنسيته، حتى الامريكي ان اعترض على اجرام اسرائيل، سيعتقلونه بتهمة معاداة السامية.
ومن اعضاء هذه المنظومة بعض انظمة الدول العربية التي تحاول ان تستهدف الحزب في لبنان، من خلال وضعه على لوائح الارهاب، وطرد بيئته من غالبية هذه الدول لضربها اقتصاديا، وعزلها، علها تنقلب على المقاومة.
لذلك تقوم المعادلة على الشكل التالي، بما ان بيئة الحزب بالمصادفة شيعية، اذا كلما تطورت قدرات المقاومة بوجه العدو الاسرائيلي، كلما ارتفع صوت حلفاء اسرائيل ضد المقاومة، والمستهدف اولا واخيرا هي البيئة الشيعية التي تشكل عصب الحزب.
اذا الخلاصة كل هذا الهجوم العالمي على الشيعة، ليس لانهم شيعة بل لانهم ضد اسرائيل، الان يتوقف الشيعة عن العداء لاسرائيل يتحول العالم كله الى حلفاء للشيعة.
لكن الشيعة على مر التاريخ هم دائما مع المظلوم، لذلك لن يغيروا او يتغيروا.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha