عدنان جواد ||
تردي الوضع الاقتصادي في العراق نتيجة للحروب المتكررة، ففي السابق كان القرار بيد شخص واحد ادخل البلد في حروب وديون وازمات وكوارث، وجوع وحرمان اضطر البعض الى ممارسة السرقة للمال العام من اجل اطعام عائلته، وفيما بعد كان سبباً رئيساً لانتشار الرشوة، واذا كان هناك قانون وضبط للحدود فكان بقبضة الحديد والنار والعقوبة المباشرة( الاعدام بالشارع)، فكانت البطاقة التموينية تصرف شهرياً، والادوية توزع لإصحاب الامراض المزمنة بأسعار رمزية، وهناك طبقة مرفهة متمثلة بازلام النظام واتباعه، وباقي الشرائح عانت كثيرا في توفير لقمة العيش، لكن اليوم وبعد الفوضى وتعدد مصادر القرار، ومصادر القوة والسلطة والنفوذ، فالإقليم دولة في داخل الدولة، والمنافذ تدار من قبل جهات سياسية لا تسلم للحكومة الواردات ، وفي مجال رفع او خفض الدينار مقابل سعر الدولار فهو يخضع لإرادة الاحزاب السياسية بالدرجة الاولى، ففي الرفع الاخير كانت اغلب الكتل السياسية مشتركة في رفع الدينار مقابل الدولار، وكانت تتحجج بالعجز في الموازنة الذي بلغ 57%، والسيطرة على تهريب الدولار، ودفع الرواتب او تسريح الموظفين.
فتطبيق القانون شبه مستحيل ضد حكومة الاقليم، فوزير الزراعة قالها اكثر من مرة ان فشل وزارته في تطبيق الاصلاح ودعم المنتوج المحلي يصطدم بإدخال البضائع المستوردة عن طريق الاقليم بدون اي اعتراض او منع من قبل الحكومة، وكلام وزير المالية يقول ليس لدينا سيطرة على منافذ الاقليم ولا نعرف السلع والمواد التي تدخل الا من خلال عدد الشاحنات التي تدخل للمحافظات خارج الاقليم، ونفس هذا الامر في مجال النفط والذي اصدرت المحكمة الاتحادية بطلان التصرف بالنفط والاموال المستحصلة من بيعه، والتجارة وباقي الوزارات كلها تعاني من نفس السبب، لأنه لا يوجد قرار سياسي وطني بالسيطرة على المنافذ، ومافيات الفساد باقية وتتمدد فبرغم رفع سعر الدينار مقابل الدولار بقى الدولار يهرب وبصورة كبيرة، عن طريق نافذة العملة، فالكثير من المصارف الاهلية وهي تابعة لأحزاب سياسية تشتري وتبيع بالدولار وهي غير مستوفية للشروط، فهي تدفع مبلغ( 750) الف دولار للبنك المركزي كشرط للافتتاح، ولكن بعد افتتاحها تسحب تلك الاموال، اضافة الى تزوير الفواتير، فالبعض يدخل مواد استهلاكية غير مفيدة، وتسجل على انها مواد زراعية مفقودة في السوق، والتساؤل لماذا في العراق اكثر من (76 ) مصرف بينما لا نحتاج الا (10) مصارف فقط؟!، وفي مجال الجباية لماذا يدفع الفقير فواتير الكهرباء والماء واصحاب الشركات والمعامل والمصارف والمؤسسات الكبيرة الضرائب المتراكمة يتم تسويتها لهم من قبل موظفي الجباية .
وفي مجال الاموال البنك المركزي يرمي اللوم على الحكومة وان قوة العملة بقوة الاحتياطي المالي، والحكومة تحمل البنك المركزي المسؤولية، فرفع الاسعار وخفضها تخضع للإرادة السياسية، وحتى قبل الانتخابات بعض الساسة تعهدوا في حال فوزهم بإنزال سعر الدينار مقابل الدولار، لكن اين ارادة صندوق الدولي؟، وفي مجال الزراعة ( اكو مطر اكو زراعة) فمنظومات الري منذ 50 سنة نفسها لم تتغير وتركيا تتحكم بمصادر المياه، والتجارة اسم من غير مسمى فهي عجزت عن توفير حتى البطاقة التموينية، وكما يقول اصحاب الاختصاص لابد من شروط اذا طبقت يتحسن الاقتصاد وتتحسن الظروف المعيشية للمواطن الفقير ومحدودي الدخل:
1. السيطرة على المنافذ بما فيها منافذ الاقليم ورفع يد الاحزاب والسارقين عنها.
2. مكافحة الجريمة المنظمة والخزن للمواد والمضاربة في الاسعار.
3. ايقاف بيع العملة للمصارف واخضاع منح الدولار للتجار للمراقبة والتدقيق باستيراد المواد والسلع الضرورية.
4. دعم الغذاء والدواء مقابل النفط مثل ما كان معمول فيها ايام الحصار، وان تأخذ وزارة التجارة دورها في الاسواق المركزية والتعاونيات المدعومة من الدولة لأصحاب الدخل المحدود.
5. دعم شبكة الرعاية الاجتماعية والقضاء على الفساد فيها.
6. تطبيق نظام الحوكمة الالكترونية لمعرفة الذين يتقاضون اكثر من راتب واحد والموظفين والعاطلين عن العمل.
7. وضع سلم رواتب جديد ينصف الجميع ويقلل الرواتب العالية لأصحاب السلطة ومساواتهم بإقرانهم من الموظفين.
8. اعادة الاموال المسروقة لخزينة الدولة ومحاسبة سارقيها، وبدون تطبيق هذه الشروط ورفع يد الساسة وزعماء السلطة والمال عن الاقتصاد فالوضع سيبقى على ما هو عليه.