المقالات

الحياد المبدأي في الحرب الروسية الأوكرانية 

1782 2022-03-07

ماجد الشويلي *||   الحياد المبدأي لايعني الانعزال والانكفاء . كما أنه لايعني النأي بالنفس وفقدان الموقف ، بل هو الموقف بحد ذاته،  حينما يستلزم الأمر حياداً يوضح ملابسات الأزمة والصراع ويؤشر للعلة فيه.  إن أول من اتخذ موقف الحياد المبدأي  وجسده ببراعة ودقة  متناهية هو أمير المؤمنين (ع ) إبان الثورة على الخليفة عثمان ، فلم يكن آمراً بالثورة ولا ناهيًا عنها . لكنه في الوقت ذاته كان قد بين بكل وضوح مالطرفي النزاع وما عليهما  حين خاطب الثوار قائلاً (( اِسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ اَلْأَثَرَةَ وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ اَلْجَزَعَ وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي اَلْمُسْتَأْثِرِ وَ اَلْجَازِعِ ))  وهذا عين ما لمسناه في خطاب الامام الخامنئي بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية؛ فالإمام الخامنئي لم يؤيد الاجتياح الروسي لأوكرانيا ، لكنه في الوقت ذاته بين المسبب الرئيسي للأزمة وحدده بالأمريكان الذين فاقموها. وهذا الموقف من بين جملة من المواقف المبدأية التي اتخذتها الجمهورية الاسلامية ؛ فحين احتلت أمريكا العراق لإسقاط نظام صدام المقبور،  خطب الإمام الخامنئي في الجمعة  الأولى  التي تلت ذلك الإحتلال وقال بأننا لن ننحاز لطرف ضد طرف آخر في هذا الصراع ، ولكن لو تحول الصراع بين الشعب وأمريكا فإننا لن نقف على الحياد مطلقاً وسنقف لجانب الشعب العراقي .  وهذا ماحدث بالفعل بعد انطلاق الشرارة الاولى للمقاومة في العراق. فقد وقفت الجمهورية لجانب الشعب العراقي في مقاومته للإحتلال والإرهاب  فيما بعد وقفة حازمة .  لذا يمكننا أن نستشف معنى الحياد المبدأي في خطاب الامام الخامنئي بعد الأزمة الأوكرانية بأنه القدرة على تقديم البديل الحضارى لثقافة الشرق والغرب المتناحرة ايدلوجياً ومصلحياً وحتى كنسياً . فالحياد دون وجود رؤية وهدف وقدرة على بلورة خيار مستقل هو انصهار وذوبان وتلاشي فيما لو وقعت الصراعات الكبرى كالحرب العالمية الثالثة لا سمح الله . بل حتى لو استنزف الشرق والغرب بعضهما البعض الآخر دون حرب عالمية فسينسحب ذلك الاستنزاف ليمحق الدول التي وقف على الحياد دون مقومات. ومن هنا فإن البديل هو الحضارة الأسلامية وهي نمط التعايش السليم والطيب بين الأمم والشعوب  وهو المعنى الحقيقي لقول الامام الخميني (رض) ((لاشرقية ولا غربية جمهورية إسلامية)) وهو المشروع الذي طال انتظاره ، ولعل معطيات ومؤشرات الصراع بين روسيا وأوكرانيا تشي بأنها  فيها مندوحة تبرز من خلالها معالم الحضارة الإسلامية. كما برزت معالم المدرسة الإمامية على يد الباقرين عليهما السلام غداة صراع الأمويين مع العباسيين .   *مركز أفق للدراسات والتحليل السياسي
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك