المقالات

من سؤال المطبخ الى الحكومة

1090 2022-03-23

حمزة مصطفى ||

 

إنتقل العراقيون من سؤال المطبخ الخالد  "شنو غدانا اليوم؟"  الى  "متى تتشكل الحكومة؟ ". فالعراقي الموظف حين تتصل به زوجته لتلطب منه جلب لبن حين يعود بعد نهاية الدوام فإن أول سؤال يخطر في باله هو ..  "شنو طابخة اليوم" . وحين يتصل هو بعد أن يقضي أول ساعتي دوام يلعب بـ  "سبحته " وقبل إنشغاله بأول لفة بيض بالصمون والطماطة يخرج منه لا إراديا سؤال المطبخ ..  "شنو طابخة اليوم" . وبعيدا عن الدوائر فإن سؤال المطبخ يبقى هو الأول  بين المرأة وصديقاتها  "شنو طابخة اليوم ". أو بين الرجل وأصدقائه فإن سؤال المطبخ قد يكون قاسما مشتركا حين يدعوه مثلا الى  "طلعة " في مقهى الأطرقجي أو التتنجي أو رضا علوان ليأتي الجواب شبه الدائم  "والله اليوم عدنه باميا ماتتفوت" أو "فاصوليا أو دولمة تأكل أصابعك من وراها". 

الآن برز أمامنا سؤال جديد لاسيما الإنتخابات الأخيرة "المبكرة جدا". فقد تراجع سؤال المطبخ ليتقدم  سؤال الحكومة. الزوجة تتصل  بزوجها الساعة التاسعة الإ ربعا صباحا بينما هو "محصور" مرتين, مرة بسبب  المثانة, ومرة بسبب  الإزدحام لتسأله "سمعت أبيش بطل الزيت اليوم؟ وقبل أن يجيب يأتيه السؤال المباغت" أكلك أشوكت تتشكل الحكومة؟". المصيبة أن الرجل محصور قبل وصوله الدوام الذي يطلقون عليه زورا وبهتانا رسمي وإستئنافه اللعب بـ "السبحة" لساعتين قبل بدء الدوام الفعلي إن وجد بدقائقه الثمانية عشر كما يقول خبراء الإقتصاد ليس بوسعه الإجابة عن هذا السؤال الذي يشبه السؤال الأزلي عند العراقيين وهو "شكو ماكو".

الرجل حين يتصل بزوجته قبل إنتهاء الدوام  بساعة على الأقل قائلا لها بلهجة شبه آمرة  "رايدين شي أجيبه بدربي" وقبل أن تضع أمامه الزوجة سلسلة طلبات بعضها تعجيزي يأتي رده قاطعا مانعا "إشوكت تتشكل الحكومة ونخلص". الزوجة من جانبها وهي تستغرب هذا السؤال "البايخ" من "خلك" موظف تبدأ تضرب أخماس بأسداس.. ماذا يريد أن يفعل بعد تشكيل الحكومة. لم يطل قلقها حتى يأتيها  الجواب القاطع "والله ملينا, الأسعار صاعد نازل, الوضع مدري شلونه". في المقهى ما أن يكتمل عدد الأصدقاء وقبل بدء أول داس من الطاولي أو الدومينو يأتي السؤال "أكلكم إشوكت تتشكل الحكومة". الجواب نفسه "والله ما أدري".

لماذا تغيرت إهتمامات العراقيين من المطبخ الى الحكومة؟ الإجابة بسيطة, فالدولة ككيان ومفهوم أفرغت من محتواها تماما. بالنسبة لباقي شعوب العالم ممن لديهم منظومة دولة متكاملة لاينشغل الناس بسؤال الحكومة أبدا. يمكن أن يكون سؤال المطبخ أو الموظة  أو السينما أوالمسرح أو آخر الإصدارات هو الحاضر وهو القاسم المشترك بين أصحاب مثل هذه الإهتمامات. فالحكومات في الدول المستقرة   لايتأثر فيها لا راتب الموظف ولا بطل الزيت بصرف النظر إن كان حراك سياسي أو حرب بين دولتين  في قارة أخرى. المتنافسون  على مقاعد البرلمان والحكومة هم ليسوا من إهتمامات الناس اليومية.  المواطن هناك ينتمي الى منظومة دولة هي أكبر من الحكومات والبرلمانات والرئاسات والزعامات. حقوقه مضمونه تشكلت الحكومة في غضون يوم أو خلال سنة. المواطن في هذه الدول  يشعر أن لديه وطنا يحتوي الجميع. هذا الوطن يتعاقد مواطنوه  على دولة بحدود وسيادة وعلم ودستور ومجلس أمة ولطن ..  ليس مثل علم ودستور ومجلس أمة معروف الرصافي.

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك