عبدالملك سام ||
يقال أن أول معصية اقترفها ابليس اللعين هي التكبر ، ومن ثم أصر وعاند حتى سمي "شيطان" ، والتكبر فعلا صفة لا تليق بمخلوق مهما ظن بنفسه ، وابليس كان مخطئا لما أغتر بعمله وعبادته ، ولكن الأسواء منه عندما يتكبر أي إنسان رغم أنه لا عمل يذكر به بتاتا وينسى قيمته ! ودعوني أحكي لكم قصة ، وأرجو ألا تملوا قبل أن أنهيها ؛ فهي مرتبطة بنا بني البشر ، ولتحكموا عليها بعد أن أنتهي ..
يروى يا سادة يا كرام عن نشأة الكون بأنه بدأ بإنفجار عظيم ، وهذه إحدى النظريات المعتبرة لنشوء الكون ، كما أنها قريبة من قول الخالق عز وجل : { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء : 30) ، وإلى يومنا هذا لم تأتي نظرية تدحض هذه النظرية .. ما يهمنا أن الإنفجار هذا نتج عنه تبعثر للمادة الأولية ، فأنتشرت بسرعة مهولة في أرجاء الكون ، وتمددت في فضاء من المادة السوداء المجهولة إلى يومنا ، وقد أثبت العلم الحديث - بخلاف ما يعتقد الكثيرون - أن هذه المادة ليست محض فراغ ، بل أنها نوع من المواد ولها كتلة !
في تمدد هذه المادة اللانهائي أنتشرت المادة الساخنة في أرجاء الكون ، وتكونت كتل صغيرة هنا وهناك ، وهناك أجزاء من هذه الشضايا أحتفظت بحرارتها فكانت شموسا ، وأخرى فقدت قشرتها حرارتها وظل باطنها ساخنا فكانت كواكبا ، وتكونت ملايين المجرات التي يحتوي بعضها الآف الشموس ، وحولها دارت الآف الكواكب ، ومنها كوكب الأرض الذي نعيش على سطحه !
وكما ترون فلو أننا أردنا أن نحسب حجم كوكبنا بالنسبة للكون لكان أشبه بذرة غبار على سطح جبل ، ولو أننا أردنا أن نحسب عمر البشرية كلها بالنسبة لعمر الكون لكان أشبه بثانية واحدة في آخر يوم في سنة ، ولو أردنا أن نعرف حجم الإنسان بين مخلوقات الله لوجدناه يحتل جزءا لا يكاد يذكر أمام كم هذه المخلوقات والتي لا نزال نجهل معظمها ، وكلما تقدم العلم أكتشفنا مخلوقات لم نكن نعرفها من قبل ، وبعضها من صغر حجمها يعيش في داخلنا ويعتبرنا نحن الكون بالنسبة له !
بعد هذا كله ألا يعتبر من الشطط أن يعتقد الإنسان نفسه مركز هذا الكون ؟! أوليس من الحمق أن ندمر الحصاة التي نعيش على سطحها بسبب الأطماع والأنانية ؟! ألا يكفي البشر غرورا أن يظن أنه الكائن الوحيد في كون يتمدد بإستمرار حتى يأذن الله بنهايته ؟! من أنت يا أبن أدم حتى تتكبر وتظلم وتقهر وعمرك لا يساوي جزءا يذكر من عمر البشرية الضئيل ؟! وحتى أعظم أسلحة الدمار الشامل التي يتباهى بها الطغاة ليس لها أثر يذكر أمام أضعف إنفجار في سطح الشمس التي تحدث بالآلاف كل يوم !! نسأل الله العفو والمغفرة ، ولنفكر جيدا في تلك الأكاذيب التي تخطر لنا قبل أن نتعدى أو نظلم غيرنا ، والله أحق أن نخشاه .
https://telegram.me/buratha