الشيخ محمد الربيعي ||
نريد ان نتعلم من حياة الامام علي ( علية السلام ) ، وشخصيته المباركة ، متى تكون الحرب مشروعة ، ويكون استخدام السلاح مشروعا .
محل الشاهد :
[ ومِنَ النّاسِ مَنْ يَشرِي نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ] .
[إنّما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ] .
هاتان الآيتان نزلتا في الإمام عليّ(ع).. نزلت الآية الأولى ليلة الهجرة، عندما بات(ع) على فراش الرسول ليغطي انسحاب رسول الله _ من مكة _، وليشهد الله على إخلاصه لرسوله، لأنّ الإخلاص للرسول إخلاص لله.
والآية الثانية نزلت عندما كان(ع) يصلّي في المسجد، ودخل سائل، فلم تشغله صلاته عن أن يتصدّق بخاتمه على السّائل.
كان كل شيء في شخصيّته(ع) في خدمةً لله، وهكذا كان سيفه وبطولته وشجاعته، لا في خدمة الذّات، وإنما في خدمة الله.
لم تكن الشجاعة والبطولة عنده حالة ذاتية، ولم يكن السلاح ملكاً شخصياً له، فهو يعتبر ذلك ملكاً لله، لهذا كان لا يحرّك سلاحه إلاّ في المواقع الّتي يريد الله منه أن يحرّك سلاحه فيها، كان ينتظر أمر الله، وينتظر المعركة التي يشعر بأنَّ الله يرضى بها، ولا يسمح لنفسه بأن يدخل في أية معركة يمكن أن لا تكون في رضا الله، أو يمكن أن تسيء إلى الإسلام.
وهكذا إذا درسنا حروب عليّ(ع)؛ منذ الحرب التي بدأها في بدر مع رسول الله(ص)، حتى الحرب التي انتهت بها حياته بعد ذلك مع الخوارج، نرى أنّ الإمام عليّاً(ع) كان يبحث عن ( الأساس الشرعي للحرب )، وكان يريد أن يعرف كيف تتحرّك الحرب في طريق الله وفي طريق الإسلام، ولا تتحرّك في طريق الذات وطريق الشهوات.
وهكذا رأينا عليّاً(ع) في سلمه وحربه؛ فهو يسالم، لا لأن مصلحته الشخصية تفرض عليه السِّلم، ولكن كان يسالم إذا كانت مصلحة الإسلام تفرض عليه السلم، حتى لو كان السِّلم على حساب قضاياه الخاصّة، ولهذا كان يقول: ( لأسْلمَنَّ ما سلمت أمور المسلمين ).
كان يسالم عندما يرى أنّ قضايا المسلمين تفرض عليه أن يسالم، ويحارب عندما يرى أنّ حياة المسلمين ومصلحة الإسلام تفرض عليه أن يحارب، كانت حربه منطلقاً في طريق الله، وكان سلمه متحركاً في طريق الله.
عندما انطلق الإمام(ع) في حياته، كان يستصغر كلَّ من حوله أمام الله، ولهذا لم يكن يخاف من أحد، لأنّ خوف الله قد شغله، ولأنّ شعوره بعظمة الله جعله ينشغل عن النّظر في عظمة الآخرين.
ولهذا كان عليٌّ البطل الّذي لا يخاف، كان الكرّار غير الفرّار، قالها رسول الله(ص) وهو يفتح للمسلمين سرّ شخصية الإمام عليّ(ع): ( لأعطينّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، كرّار غير فرّار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ).
يحبّ الله، فيكرُّ على أعداء الله، ويحبّه الله، فيستمدّ القوّة من محبّته ليثبت في المعركة، لأنه يشعر بأنه برعاية الله يتحرّك.
هذه الروح التي أراد الإمام عليّ(ع) أن يجعل الناس يتحركون من خلالها، لأنّ أية قضية وأية مشكلة وأية معركة، إذا لم تكن منطلقة من عمق الإيمان ومن روحيّته، فإنها تظلّ معركة على السّطح، وتظلّ معركة لا تثبت فيها الأقدام.
فليتعلم العالم من حياة و شخصية الامام علي ( ع ) ، متى يستخدم السلام ، ومتى تكون الحرب مشروعة .
اللهم احفظ الاسلام و اهلة
اللهم احفظ العراق و شعبة