المقالات

العراق ...التيه السياسي والمنعطف الخطير


عبد الخالق الفلاح ||

 

لاتهمنا التصريحات المتوالية ولا تغرينا الشعارات الكبيرة حول الإصلاحات وانتصارات رفع المعنويات و تشجيعها وتوظفها فضائيات التهريج السياسي التي اصبحت أكثر بؤسا مما كانت عليه في السابق وأن الحديث عن إصلاح المسيرة السياسية المسدودة الافق و المتعثرة أصلا في ظل المعطيات الحالية هي من حسابات الدفع باتجاه تضيع الوقت رغم أن الجماهير الشعبية تشتاق لاستراتيجية وطنية تجسد القواسم المشتركة التي يتم على أساسها إصلاح النظام السياسي بمختلف تكويناته.

ان المدقق والمتابع والمراقب لمختلف القوى السياسية العاملة في الساحة السياسية العراقية،دون  الحاجة الى مسميات،سيلاحظ حالة من التخبط والتيه السياسي ينتاب هذه القوى،تيه مرجعه بوصول خياراتها المعلنة لطريق مسدود سواء كان خيار التفاوض  والتسوية السلمية لدى هؤلاء ومن شايعهم  ،تيه يغذيه  تيه مواز له والى عدم القدرة لمنع الآخرين من الوصاية والتأثير في القرار السياسي والبلد يعاني استقطابات حادة وصراعات حزبية " سياسية "استشرت وانقسامات اجتماعية تشدت خطورتها يوما بعد آخر ، والبلاد تعيش أسوأ مقاضاتها منذ أشهر عدة و ما تعنيه من احتكار مقيت للسلطة طيلة عقدين من الزمن بلغت ،والعنف والقتل والجدل وقلة الحيلة تترسخ في يوميات العراقيين بلا أفق للحل ولا عقلانية وتفكير هادئ بالمصير المرتبك الذي يعيشه البلد والقلق الذي يوسوس لجماهيره.

الخلافات والمحاور ليست بعيدة عن مأزق الحالة الداخلية،هذا التيه السياسي الذي يذكرنا بتيه لما بعد عام 1991 في زمن البعث المجرم ، ولكن بشكل أكثر مأساوية وإحباط حيث تيه مرحلة ما بعد 2003 كان نتيجة صدمة هزيمة الديمقراطية الحقيقية التي  أضاعت البوصلة وقبل أن يختبر الشعب العراقي خياراته وممكناته، التيه الحالي هو أكثر خطورة لأنه يأتي بعد تجارب سياسية مريرة توزعت على مجمل الأيديولوجيات:الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية التي خاضت التجربة وهي تعتاش على فشلها .

التيه السياسي الراهن الذي يعاني منه النظام السياسي العراقي لم تنضج احزابه وقواه السياسية في ادارة حوار معمق لبناء وبلورة هوية الدولة  وتحديد مواصفاتها وخصوصياتها ومشتركاتها من القريب والبعيد وهو ليس خللا ظرفيا وعابرا، بل خلل بنيوي قبل أن يكون وظيفيا،سواء تعلق الأمر بكل حزب وحركة على حدة أو من خلال ما تم تسميته بالمشروع الوطني القائل والفاعل لتشكيل الدولة العراقية المستقلة والمنقوصة الارادة فعلاً والتي تهيم على وجهها منذ 19 عام ولم تستقر أوضاعها في ظل حكومات تحاول بين فترة وأخرى وضع الامور في زوايا مظلمة لحشر شعبنا فيها من باب تضييع الوقت ولكي ينشغل المسؤولون المتناوبون على ادارة الحكومات والسلطة لصالح منافعهم، هذا لايعني بالمجمل ان الغالبية سيئة بل فيها عناصر تملك النوايا والحس السياسي ولديها الرغبة الجدية في الاصلاح السياسي وليسوا من أصحاب الأجندات الخاصة وتحرص على بلوغه ونقدر الحركات المخلصة ولكن  تقيدها قوة السلطويين ،"القوى السياسية الممسكة بزمامها والمتطاحنة على بناء عيانها الفارغ على إنقاض شعب تحول غالبيته إلى سجين بكل ما تحمل  الكلمة من معنى ،وهي لم ولن تريد ان تعترف ولو لمرة واحدة أنها تعيش عصر وزمن "التيه” وليس بمقدورها تحقيق هدف واحد مما طرحته عبر خطابتها المتكررة ومناهجها المتأرجح ورؤيتها الضيقة ولم تدرك بعد أن العراق على مشارف "الانهيار” ويمر بمنعطف تاريخي خطير ، وكل منهم يلهث وراء المكاسب ، تناحرات، سياسية متلونة، ومساعٍ منحرفة، وصراع على النفوذ والاستقواء، دون مراعاة مصالح الشعب والوطن الذي  يكون في مأمن ما لم تبن دولته  بهوية جامعة ،  يعتز بها كل عراقي ويدافع عنها ، متناسين حب الخير والوحدة والألفة والتصالح والتسامح وكل القيم والمعاني المتعالية لخدمة شعبهم .

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك