محمد صالح حاتم||
سمعنا وقرأنا أن الدولة وضعت عدة استراتيجيات اقتصادية ومنها استراتيجية البن، والاستراتيجية الوطنية للدواجن، واستراتيجية العسل، وغيرها من الاستراتيجيات ..
وهذا شيء جميل ويدعو للتفاؤل أن الحكومة بدأت تفكر تفكيرا استراتيجيا وتضع لها خطط واستراتيجيات محددة ومزمنة تسعى لتحقيق أهدافها.
لكن .. السؤال الذي يطرح نفسه ويتساءل عنه كل مواطن هو : متى سنسمع عن الاستراتيجية الوطنية لزراعة القمح والحبوب في اليمن؟!.
كون هذه المحاصيل أهم المحاصيل الغذائية الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي القومي، والاكتفاء الذاتي، وكذلك التحرر من الهيمنة والغطرسة والاستعمار الغذائي الخارجي.
فاليمن تستورد أكثر من ثلاثة ملايين طن من القمح والحبوب سنوياً بكلفة تفوق أكثر من مليار دولار ..
حيث تستورد اليمن مايزيد عن 95% من القمح فقط؛ تستورد مايقارب ال 30% من هذه الكميات من روسيا واوكرانيا، والتي تشهد حاليا حربا عسكرية، تسببت في ارتفاع اسعار القمح والحبوب عالميا ً..
وهو ما ألقى بظلاله على اليمن، والمستهلك اليمني الذي لم يعد باستطاعته شراء كيس القمح المستورد.
وفي ظل وجود قيادة وطنية حكيمة تحث على التوجه نحو زراعة القمح والحبوب في اليمن، لتخفيض فاتورة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي لليمن، فيتطلب ان تقوم الدولة ممثلة في وزارة الزراعة والري والمؤسسة العامة لتنمية وانتاج الحبوب بوضع استراتيجية وطنية مزمنة وفق الامكانيات المتاحة ، لزراعة القمح والحبوب في اليمن، والعمل على تحقيق أهدافها، وأن يكون جزء منها خطة طارئة لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية ..
هذه الخطة تتمثل في توعية المزارعين بضرورة التوجه نحو زراعة الحبوب بمختلف أنواعها(شعير، بر، ذرة صفراء، وبيضاء، ودخن، وذرة شامية، وعدس )، واستغلال موسم الأمطار وموسم بذر الذرة والدخن في معظم مناطق اليمن ومنها تهامة والتي يبدأ موسم الدخن مع بداية شهر إبريل، حيث توجد عشرات الآلاف من هكتارات الكثبان الرملية في تهامة صالحة لزراعة الدخن.
كما يتطلب من جميع المزارعين ان يبذروا أراضيهم الزراعية بالحبوب، وبين القات والفواكه، لابد أن تكون هناك ثورة مجتمعية لزراعة القمح والحبوب في اليمن .. يشترك فيها الجميع دون استثناء، فيتم زراعة جميع الأراضي، ومنها أراضي الأوقاف وأراضي الدولة..
وعلى الحكومة أن تساعد المزارعين في ذلك من خلال توفير البذور المحسنة، ووسائل الري الحديثة ،ومنظومات الطاقة الشمسية وبالتقسيط،والمرشدين الزراعيين..
رغم اننا نعلم وندرك أن الامكانيات لدى الدولة شبه منعدمة ، ولكن لا تعفى الدولة من القيام بدورها، ومنها ارشاد المزارعين، وتوعيتهم، وحثهم على زراعة الحبوب، ومنها ما بدأت تتبناه اللجنة الزراعية والسمكية العليا في الزراعة السهلة التي لاتكلف الكثير بقدر ماستحقق الشيء الوفير.. وهو ماذكرناه.
ويجب أن تترافق هذه الخطة الطارئة مع الاستراتيجية الوطنية التي لاتتعدى خمس سنوات.
فأراضي الجوف واسعة وخصبة والمياه متوفرة، تحتاج فقط جهود ورؤوس اموال لاستثمارها، وكذلك تهامة الخير والعطاء تنتظر من يحرثها ويصلح أراضيها ويزرعها، ومأرب ايضا وقيعان ذمار وعمران..
فاليمن أرض واعدة وخيراتها كثيرة، ولا تزال بكرا، وكما يقال : "جفنة مغطاة تنتظر من يفتحها ويأكل من خيراتها".