الشيخ محمد الربيعي ||
◼️سؤال مهم جدا سوء الظن ما هو سبب وجوده في النفس الانسانية ، رغم الفطرة السليمة لا تجد لهذا الشيء ، وجود حقيقي ذاتي فيها ؟
الجواب :
هو الشك ، والشك مرض أو ما يُسمى اضطراب الشخصية Personality Disorder، هو نوع من الاضطرابات العقلية التي تتميز بنمط جامد وغير صحي من التفكير والتصرف والأداء، كما يعاني المريض من صعوبة في الإدراك والتواصل مع الأشخاص، ويفتقد الطريقة السليمة للتصرف تجاه المواقف المختلفة، ممَّا يسبب العديد من المشاكل في العلاقات والحياة الاجتماعية والعمل والمدرسة، ومن الجدير بالذكر الآتي:
الشخص المصاب بمرض الشك لا يدري بإصابته ويشعر بأنَّ طريقة تصرفه وتفكيره صحيحة، وقد يلوم الآخرين على الصعوبات التي يواجهها. يبدأ مرض الشك في مرحلة بداية البلوغ والمراهقة. هناك العديد من الأنماط التي تندرج تحت مصطلح مرض الشك أو اضطرابات الشخصية، والتي قد تُصبح غير واضحة في منتصف العمر. إنَّ مرض الشك من الاضطرابات النفسية العقلية التي تتميز بنمط تفكير شاذ وسلوكيات عدوانية، وأهم ما يميز الشخص المصاب بها أنه لا يدرك سلوكه ويعد ما يقول به طبيعيًا ومبررًا.
والكلام طويل نتركه لمحله
محل الشاهد :
▪️الظنّ في اللغة يعني الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، ويُستعمَل لفظ الظن والشكّ في اليقين على حدٍ سواء.
▪️ويُقصد بحُسن الظن بالله في الاصطلاح هي أن يعلم المُبتَلى أنّ الذي ابتلاه هو الله -سبحانه وتعالى- الحكيم الرحيم، وأنّ الله -عزَّ وجلَّ- لم يُرسِل إليه البلاء ليُهلكه به، أو ليُعذّبه به، أو ليُؤذيه، أو ليضرّه، وإنّما أُرسِل البلاء إليه كما أَرسله إلى غيره من الخلق؛ ليمتحنهم ويمتحنه، ويعلم مدى إيمانه وصبره ورضاه على ما أصابه من الابتلاء، وكي يسمع دعاءه في جوف الله إن كان من أهل الدعاء، وتضرّعه ورجاءه لله بأن يكشف عنه ما أصابه من البلاء، وليرى هل سيصبر على ما أصابه؟ أم أنّه سيكفر بالله ولا يتجاوز ذلك الاختبار إلا فاشلاً؟ وليرى الله عبده المُبتَلى مُتذلِّلاً له يرجوه ولا يرجو سواه، ويدعوه ولا يدعو سواه.
◼️حسن الظنّ بالله تعالى إنّ إحسان الظنّ بالله عز وجلّ منَ الأمور التّعبدية التي تدّل على سلامة إيمانِ العبدِ ويقينه برحمة الله تعالى، وقد جاءت كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة مُذكّرةً بأهميته ومُبشّرةً بفضله، ذلك أنّ المسلم الذي يحسنُ الظنّ بالله تعالى يعيش متفائلاً بكلّ ما هو قادم وراضياً به طالما أنّه من الله، فما هو حسنُ الظنّ بالله؟ وما هي الدّوافع التي تُحرّك العبد لإحسان الظنّ بالله سبحانه؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها هذا الموضوع كيف حسن الظنّ بالله.
◼️تعريف حسن الظن بالله
معنى حسن الظن بالله عز وجلّ: هو أنْ يوقنَ العبدُ بربّه عز وجلّ خيراً ورحمةً وإحساناً في كل ما يقعُ عليه من أفعالٍ وأقدارٍ في الدنيا والآخرة. ويمكن القول أيضاً إنّ حسن الظن بالله تعالى يعني اعتقاد ما يليق بالله تعالى من أسماء وصفات وأفعال، واعتقاد ما تقتضيه من آثار جليلة، كاعتقاد أنّ الله تعالى يرحم عباده المستحقين، ويعفو عنهم إنْ هم تابوا وأنابوا، ويقبل منهم طاعاتهم وعبادتهم، واعتقاد أنّ له تعالى الحِكَم الجليلة فيما قدَّره وقضاه.
◼️دوافع حسن الظنّ بالله أمورٌ كثيرةٌ تدفع العبدَ لحسن الظنّ بالله تعالى، وردت دلالاتها بسياقات متعددة في القرآن الكريم والسنّة النبوية، ومنها:
▪️إنّ معرفة المسلم بسعة رحمة مولاه عز وجلّ ويقينه الكامل بفضل الله العظيم على عباده يقوده إلى حسنِ الظنّ بربّه، فهو القائل سبحانه: (وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا).
جاء في الحديث القدسي: (إنَّ اللهَ جلَّ وعلا يقولُ: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي إنْ ظنَّ خيرًا فله وإنْ ظنَّ شرًّا فله)؛فالله تعالى يفعل بالعبد ما يظنّه العبد بالله، وفي الحديث إشارة -لا تخفى- في الحث على إحسان الظنّ بالله تعالى؛ فالمسلم يظنّ بالله خيراً في كلّ طاعاته وقُرباته؛ فيوقن بإجابة الدّعاء وقبول العبادة ومغفرة الذنب.
▪️ حثّ النبي -ص- المسلمين على حسن الظن بالله تعالى، ومن ذلك قوله عليه السلام: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ بالله عزَّ وجلَّ)، والمقصود ألا يغفل العبد المسلم عن رجائه بالله وحسن ظنه به سبحانه حتى لا يفاجئه الموت وهو على حال من الغفلة وقطع الرجاء.
▪️ إدراك المسلم أنّ حسنَ الظنّ بالله يجعله يطمئنُّ إلى ركن الله؛ فهو سبحانه لا يضيع رجاء عباده، ولا ينسى أملهم وثقتهم برحمته وفضله؛ فيكون حسنُ الظنّ بالله سبباً في انشراح صدورهم واطمئنان قلوبهم، قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ،ولمّا كان التّوكل ناتجاً عن حسن الظنّ بالله كان ذلك سبباً في أنْ يطمئنّ العبد إلى أنّ الله سيكفيه ما أهمّه وأغمّه.
▪️ عندما يعلمُ العبد المذنبُ بأنّ ربه عزّ وجل غافر الذنبَ وقابل التّوبَ، وأنّه سبحانه يعفو عن السيئات مهما بلغتْ إذا صدقت توبة عبده، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، وأنّه تعالى يغفر جميع الذنوب إلا الإشراك بالله، فإنّ العبد المذنب يُقبلُ على التوبة والإنابة لله تعالى وهو يحسن الظنّ بمولاه أنّه قد غفر ذنبه وتقبّل توبته.
▪️ تتأصل ثقة المسلم بالله سبحانه ويزداد قلبه تعلّقاً بمولاه خاصة وهو يحسّ بالألم والحسرة على حال المسلمين وضعفهم وهوانهم على أعدائهم عندما يستقرئ سيرة النبي -ص- وسيرة اائمة من اهل البيت ( ع ) و الصحابتهم الاجلاء و العلماء و الصالحين ، وعندما يتدبّر فيها المواقف المشرقة التي تُظهر حُسن ظنّهم بالله تعالى رغم كل الآلام التي واجهها المسلمون في مكة المكرمة بداية الدّعوة الإسلامية، وفي رحلة الهجرة النبوية -على سبيل المثال-مبيت الامام علي ( ع ) في مكان النبي الخاتم ( ص ) لحمية وتتم الهجرة بوضعها الصحيح ، حيث تجلّى مفهوم الثقة وحسن الظن بالله تعالى، و كذلك عندما علّم النبي -ص- والأمة من بعده درساً مهماً في حسن الظن بالله تعالى عندما أحسّ بخطر كفار قريش الذين يُلاحقونهم؛ فقال له -عليه السلام-: (ما ظنُّك باثنَينِ اللهُ ثالثُهما)، ويوم غزوة الخندق (الأحزاب) في السنة الخامسة من الهجرة، حيث تحزّبت قريش وبعض القبائل العربية واليهود والمنافقين على حرب المسلمين في المدينة المنورة، يومها كان حسن الظن بالله وثقتهم بوعد الله سبباً مهماً في نصر المسلمين من حيث لم يحتسبوا، قال تعالى: (كَتَبَ اللَّـهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)،وغيرها الكثير من المواقف التي تُعين المسلم على الثقة برحمة الله تعالى ونصره.
وكذلك نلمس ذلك من قصص بقيت الانبياء عليهم السلام ...
◼️التلازم بين حُسن الظنّ بالله والعمل
لا شكّ في أنّ العبد المسلم ينظر إلى حُسن الظنّ بالله تعالى على أنّه مُعينٌ له على عبادة الله سبحانه؛ فحسن الظنّ بالله والعبادة في قناعة المسلم متلازمان، لا ينفكّ أحدهما عن الآخر، وحسن الظنّ بالله هو رجاء بالله يقود صاحبه للعمل الصالح ويشحذ همّته للعبادة والتّطلع لما عند الله تعالى من فضل، ومخطئٌ من اعتقد أنّ حسن الظن بالله يغني عن العمل والعبادة، ومن اعتقد ذلك فقد أساء لنفسه وأساء الظنّ والأدب مع الله سبحانه؛ فالذي يجاهر بالمعاصي ولا يستقيم على فعل الطاعات فهو عاجزٌ لا يدرك حقيقةَ حُسن الظنّ بالله.
ولذلك يجدر بالعبد أنْ يوثّق صلته بالله تعالى، وأنْ يُدرّب نفسه على حسن الظن بمولاه عز وجلّ بكلّ ما يرجوه ويؤمّلهُ من خيري الدنيا والآخرة، موقناً حقاً أنّه سبحانه معه، يدبّر أمره، وينيرُ دربه، ويبارك عمله، ويدّخر له الخير عند لقائه سبحانه وتعالى.
◼️طرق علاج سوء الظن
تنوع طرق علاج سوء الظّن، ومنها:
▪️ تنشئة الفرد على حسن الظّن، بدءاً من الأسرة، ثمّ المدرسة، والإعلام، والمسجد، والأصدقاء، وذلك من خلال نماذج القدوة الحسنة في السلوك، والموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب في التربية، والحوار الهادف مع الفرد، وغيرها من الطرق السليمة التي لها دور هام في تنشئة الفرد.
▪️سلامة الصدر من البغض، والكراهية، والغلّ، والحسد، ويكون ذلك بالإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره، والدعاء بسلامة القلب من الأحقاد والضغائن، وإفشاء السلام بين الناس، والابتعاد عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ونظر النفس إلى من هو أدنى منها، وعدم النظر إلى من هو أعلى منها في الصحة والعافية.
▪️ البعد عن مواطن الريبة والشبهات.
▪️توطين النفس وتهيئتها وتكييفها على حُسن الظّن.
▪️ تنمية الأخوّة الصادقة بين الناس.
▪️ التثبت والتبيّن من الأمور، وعدم الاستعجال في الحكم عليها.
▪️اختيار الأصدقاء الصالحين، الذين يعينون النفس على طاعة الله واجتناب سوء الظن.
▪️المحافظة على أداء الصلوات الخمس والعبادات .
▪️مطالعة الكتب التي فيها سيرة النبوية وال النبي و الانبياء التي تبين كيف كانوا يتخطوا اصعب الامور من خلال ثقته وايماننهم بالله تعالى
اللهم احفظ اللسلام واهله
اللهم احفظ العراق و شعبه