حسين فلسطين ||
بالرّغمِ من شخصيتهِ الاستثنائية وطروحاتهِ وافكاره المنفرّدةِ ظلّ مفجرّ الثورة الإيرانية الإمام ( روح الله الخميني ) حالةً فريدة تجتمع حولها تناقضات ذوات خلفيات دينية و عقائدية ومذهبية و اثنية طالما استخدمها الغرّب كأدواتِ طرح وفق ما تحتاجه المعادلة الغربية المستكبرة التي تعمل على أضعاف الشعوب واستغلال مواردها،إذ لم تكن لهذهِ العروق والطوائفِ والقوميات ايّ جوامع تؤطرها او تقرب بين وجهات النظر التي تتبناها إلى حين ظهوره الشريف أواخر سبعينيات القرّن الماضي ومن منفاهِ في غربِ أوربا وتحديداً فرنسا.
ظهرّ الخميني في الوقتِ الذي كان الغرب و اوربا يدعمان بقوة التوجهات القومية في بعضِ البلدان العربية كالعراق ومصر وسوريا ودول أخرى من خلالِ خلق أنظمة و حكومات يترأسها عملاء تتلمذوا على يدِ الصهيونية العالمية التي طالما كانت تخشى ردود فعل الشعوب العربية والإسلامية على خلفية نشوء الكيان الإسرائيلي وأبرز تلك الأنظمة النظام البعثي جناح العراق ونظام الشاه في ايران والسادات في مصر ، وهدف تلك الأنظمة ترويض شعوبها وقتل روح المقاومة فيها من خلال “شعارات المقاومة نفسها” والتي انفرد بها النظام البعثي الذي برئاسةِ صدام !
وبأمكاناتٍ معدومة ورغم الحرب العالمية التي فرضها الكيان الصهيوني عليه من خلال “العراق البعثي” استمر عطاء الخميني الثوري إلى ما ابعد من حدود دولته واقليمها الملتهب ليؤثر دون سبقٍ بشعوبٍ تجهل اللغة الفارسية والعربية وبقادةٍ محررين لم يعرفوا الإسلام إلا من خلالِ الثورة التي قادها (روح الله الخميني) ونجحت نجاحاً باهراً جعل منها ايقونة وحدوية تجمعُ ما عمل عليه الصهاينة لجعلهِ أداة فرقة وفتنة تشتعل متى ما اسقّط عقب السيجار !
ولم يسبق لأحد قادة العصور الحديثة أن يحضى بكمٍ هائل من الشهادات التي عبّرَ اصحابها عن انبهارهِم واعجابهم وعجزهم عن وصف هذا القائد،فما ذكره (ميخائيل غورباتشوف) زعيم الاتحاد السوفييتي السابق عن مديات تفكير الخميني الواسعة والتي وصفها بأنها “أوسع من الزمن و لايتسع لها بعد المكان” جعل العلماء الروس رهينة البحث عن اثره الذي قال عنه غروباتشوف بالعظيم الذي اثر بتاريخ العالم.
ويذكر ثعلب السياسية العالمي (هنري كسينجر) وزير خارجية أمريكا الأسبق أن الخميني نجح بجعلِ الغرب يواجه أزمة حقيقية في التخطيط، لقد كانت قراراته مدوّيةً كالرعد بحيث لا تدع مجالاً للساسة والمنظرين السياسيين لاتخاذ أي فكر أو تخطيط. لم يستط أحد التكهن بقراراه بشكل مسبق. كان يتحدث ويعمل وفقاً لمعايير أخرى، تختلف عن المعايير المعروفة في العالم، كأنه يستوحب الإلهام من مكانٍ آخر، إن معاداته للغرب نابعة من تعاليمه الإلهية، ولقد كان خالص النية في معاداته أيضاً!
هكذا كتبت زعامات العالم واقطابه بما لا يفوق تاثيره النفسي والمادي بهم واجتمعوا فوق تلّ تناقضاتهم يتصاروعون من أجلِ تقاسم الحيّرة والعجزِ فيما بينهم لوصفهِ تارة ولمواجهتهِ تارة أخرى، فيما كتبت عنه زعامات عالمية وقادة ثوريين ومرجعيات دينية واثنية وعرقية الكثير من الشهادات أمثال (نيسلون مانديلا) و أسقف المارونية ( يوحنا عقيقي ) اضافة لما كتبه باحثون وعلماء وقساوسة من اليابان وأمريكا وأفريقيا واروربا أبرزهم المفكر والمرشد (هيتوشي سوزوكي) الذي يرى فيه سببا للصحوةِ الإسلامية ، واستاذ التأريخ العالم الإيطالي(ديفيد روسي) اضافة الى أسقف بيت المقدس (الأسقف كابوتشي) الذي وصفه ب”المخلّص” ومئات اخرون لا يتسع المجال لذكر شهاداتهم مثل الزعيم ( غاندي ) والعالم الأمريكي(الفين تافلر) والزعيم السياسي والديني السني (حسن البناء) و البابا جون بول الثاني” زعيم الكاثوليك في العالم !
نعم لقد سجل الإمام الراحل اية الله العظمى السيد الخميني الذي نعيش ذكرى فقده اليوم تأريخ حروفه من ذهب ظلّ مناراً ومنطلقاً لجميعِ أحرار العالم والبشريةِ جمعاء لا يرى أغلب المتفائلين ظهور ما يوازي دوره النهضوي الذي انتشل به الأمم من قاع الجهلِ والظلام والتشتت والضياع حتى اجتمع عليه الجميع اعداءً كانوا او أصدقاء ليقولوا فيه بأنه سلاح الأمم المستضعفة وايقونة الوحدة فيما بينها وإن ما كُتب عنه هو قليل من كثير لن ولم يختصر ولو عناوين منطلقاته دون الإبحار بتفاسير طروحاته التي كبلت الاستكبار وكبدته خسائر فادحة كلما نهضّت بانفسِ الشعوب الروح الخمينية التحريرية .