قاسم سلمان العبودي ||
في بادرة غريبة جدًا عن السياقات السياسية خرج علينا النائب الاول لرئيس البرلمان العراقي حاكم الزاملي بتهديد ووعيد لم يكن موفقاً فيه البتة ، يهدد إيران وتركيا بتجريمهما بسبب شح المياه القادم من هاتين الدولتين ، أسوة بقانون تجريم الكيان الصهيوني ذلك القانون الأعرج !
يبدو حضرة البرلماني المخضرم لا يعرف أن مياه دجلة و الفرات تنبعان من الأراضي التركية . وإن الروافد القادمة من أيران ، والتي تأتينا من تلك الدولة في فصل الشتاء فقط ، ولاتشكل ألا 7 % فقط من مجموع المياه القادمة !
بأي وجه حق تهدد سيادة النائب ؟ وقد عبر حجم التبادل التجاري بين العراق من جهة وبين إيران وتركيا من جهه أخرى حاجز الثلاثون مليار دولار منفصلة ! نعتقد تأمين حصة المياه العراقية تأتي عن طريق الحوار البناء ووفق الية البلدان المتشاطئة . بمعنى الأتفاقات بين العراق وتلك الدول المشتركة في المياه ، أما طريقة التهديد والوعيد ، كان يجب أن تكون موجهه لتركيا عندما أقتحمت الأراضي العراقية تحت ذريعة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقره منظمة ( ارهابية ) . هناك ايضا طريق آخر من الممكن أن تسلكه القنوات الدبلوماسية عبر التفاهمات المشتركة التي بموجبها يتم عدم التبادل التجاري مع تركيا (وتهديد )تركيا بعدم تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي ، وحرمانها من العوائد التي تصلها من هذا الطريق ، والتي تدعم الأقتصاد التركي كثيراً .
أمًا التهديد بأتجاه أيران التي تدعم منظومة الطاقة الكهربائية وبأسعار مخفضة جدًا وبتقسيط مريح وسلس ، فأنهُ يضمر تحامل كبير على تلك الدولة التي دعمت العراق في حربه ضد المجاميع الأرهابية منذ سقوط النظام السابق الى يومنا هذا . نعتقد هناك عقدة لدى بعض الاطراف السياسية في العراق من الجمهورية الاسلامية الايرانية . وهذه العقدة تظهر وتختفي بحسب مقتضيات المرحلة . لكن التحامل هذا ربما يقودنا الى مسألة تدخل السفارة الامريكية برسم سياسات بعض الأحزاب التي سارت في أجندة الأحتلال الامريكي عبر نواب تلك الأحزاب . فضلًا عن ذلك هناك مسألة الأختناق ( النووي ) بين إيران والولايات المتحدة ووصول المفاوضات الى طريق مسدود فيما يعرف بأتفاقية خمسة زائد واحد ، والتي نعتقد أن تصريحات الزاملي ربما كانت مقصودة في هذه الفترة ، بتوجيه من السفارة الاميركية لأيصال رسالة ضغط أمريكية بأتجاه أيران . وقد أشرك النائب في تهديده تركيا حتى يُخيَيل للشعب العراقي أن النائب في معرض الحفاظ على الثروة المائية للشعب و على مصالحه تحت يافطة الأصلاح .
ما هكذا تورد الأبل سيادة النائب . ولا يمكن أن تكون السياقات الدبلوماسية بهذه الطريقة. لأن ربط تجريم التعامل مع عدو غاشم ولقيط ، وتجريم دولة ذات سيادة مثل أيران وتركيا فيه جهل واضح للياقة الدبلوماسية . كان الأولى تهديد تركيا كونها تحتل مساحات شاسعة من شمال العراق ، مع المطالبة بحقوق الشعب العراقي في حصته المائية . ثم لايمكن الربط بين روافد المياه الموسمية القادمة من إيران ، مع شح المياه المتعمد قطعه من الجانب التركي ، الذي يحتضن منابع نهري دجلة والفرات .
على مستوى شخصي أعتبر ان هذه التصريحات التي تدل على عدم فهم الامور بشكل واضح ، ربما تكون مقصودة بأتجاه أيران فقط . وألا ما الجرم الذي أرتكبته أيران حتى يصار الى تهديدها علنا بتجريم التعامل الأقتصادي معها ، في وقت العراق بحاجة ماسة الى جهود هذه الدولة التي لم تتخلى عن الشعب العراقي لا في حربه ولا في سلمه وخير دليل على ذلك أنها قدمت خيرة قادتها شهداء على أرض العراق
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha