اسعد عبدالله عبدعلي ||
في عام 2009 قام الامين السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى بزيارة بغداد, وادلى بتصريح خطير يصف حقيقة غريبة وجدها في العراق, حيث قال: انه وجد تحولا في العراق من اجتثاث البعث الى اجتذاب البعث! مؤكدا ان الامر يعود للعراقيون انفسهم, ومر هذا التصريح مرور الكرام! من دون وقفة حقيقية لمراجعة الوضع الخطير الذي بدأ العراق يغرق به, عبر فتح الابواب للبعثيين واولاد الرفيقات بالعودة للواجهة تحت عناوين جديد, او خلف الستار من دون ظهور علني.
تقييم الجامعة العربية للوضع العراقي كان صحيح 100%, حيث لاحظ انفتاح عراقي لاستيعاب ذيول البعث والمتعاطفين مع نظام صدام ضمن مؤسسات الدولة, وبل ودخلوا الطبقة السياسية, وهو مؤشر خطير لم يهتم به العراقييون.
• المصالح فتحت الباب للبعثيين
تحطم الموقف السياسي الصلب اتجاه انخراط البعثيين في العملية السياسية, وتوقفت عملية اجتثاثهم, حيث ان لغة المصالح لا يقف امامها مبدأ, لذلك دخل قطار البعثيين في البداية بسرية وبالخفاء! ليتجذر وجودها عام بعد عام, واليوم ما الاجتثاث الا قانون ميت.
نعم يجب ان تكون هنالك مصالحة وطنية لكن, من الخطأ ان تكون مصالحة مع البعثية وهم ادوات الطاغوت في تدمير كل شيء في العراق خلال فترة 1980 – 2003, فكيف للضحية ان تصالح الجاني, وهل تعدم الحقوق في سبيل رضا الجاني! هكذا هي المصالح السياسية تموت معها الحقوق وتذبل المبادئ, وحصلت معها خيبة امال العراقيين في اقصاء القتلة والمجرمين.
ولم تحصل وقفة من الكبار ومن النخب ضد عودة قطار البعثيين! لنجد اليوم الفوضى السياسية في ذروتها, ولا يخفى مدى تاثيرهم في كل ما يحصل.
• السفارة ومخطط الفوضى
سفارات الشر منتشر في العاصمة, وفيها يتم التخطيط لكل شيء يصب في عدم الاستقرار, بل وزراعة الفوضى الابدية, وكان قرار عودة البعثية للساحة السياسية من بعض سفارات الشر بدعوى الوحدة الوطنية, لكن تحت هذا الشعار يوجد شر كبير, فعودة ذيول صدام ليدخلوا العملية السياسية, كان مخطط له بعد انتهاء فتنة الطائفية, بذريعة ان الدمار لن يتوقف الا بدخول البعثية للسياسة, ورويدا رويدا وعبر لغة المصالح والتفاهمات عاد البعثيون, كانت سفارات الشر تطبخ الطبخة على نار هادئة, الى ان تم الامر, فتتكشف الامور وتصبح علنية, كما فاجئنا سياسي يكشف للملاء ويفتخر بوالده البعثي! بل ويعتبر والده العفلقي نموذج للوطنية!
لا يمكن انكار ان للسفارات الشريرة يد خبيثة في تحقق هذا الامر الخطير, واليوم اصبح الاجتثاث في خبر كان! ولم يعد بمقدور احد اجتثاث العفالقة وابنائهم من العملية السياسية او من مناصبهم.
• قاعدة "عفا الله عما سلف"
برزت قاعدة عفا الله عما سلف في حكم الزعيم عبد الكريم قاسم, لكن نتائجها كانت وخيمة, انتهت بمقتل الزعيم, ودخول العراق نفق مظلم, حتى سيطر المجرمون المعفي عنهم على الحكم.
هنا درس مهم كان على القادة السياسيين الاستفادة منه, الا وهو : لا يمكن العفو عن البعثيين وابنائهم, لانهم يغدرون لا محالة, كما غدروا بعبد الكريم قاسم وبالشيوعيين, ولا تنفع مع البعثية سياسة عفا الله عما سلف, فالغدر صفة لا تفارقهم, لذلك من فتح باب العودة لهم كان مخطئ خطأ جسيم, لم يدرك ان المصالح الانية تتبعها اخطار جسيمة, وها نحن في عامنا الحالي نرى مقدار خطر البعثية على العملية السياسية.
• مكر البعثيين
من طبيعة البعثيين الخداع والمكر, وتاريخهم يشهد بذلك, فمن محاولة اغتيال فاشلة للزعيم عبد الكريم قاسم في عام 1959, كانت بتخطيط ومشاركة فعالة منهم, ثم مساهمتهم الفعالة في انقلاب 1963, وحصلت الفضائع على يد خطهم المسلح, ثم خديعتهم للشيوعيين عبر الاتفاق معهم اولا للانضمام للجبهة الوطنية, ثم الانقاض عليهم لاحقا, ومجزرة قاعة الخلد لكل صوت يمكن ان يكون نزيه, وقصص المكر العفلقي لا تنتهي, لذلك لا يمكن العفو عنهم ومسامحتهم, لان الغدر يسير في دمائهم.
بعد 2003 كان دورهم كبير جدا في التفجيرات والاغتيالات, حيث كان تعاونهم وثيق مع القاعدة.
ثم دورهم الكبير في صفحة داعش, حيث انظموا وشجعوا ابنائهم للدخول ضمن هذا التنظيم, عسى ان يكون القطار الذي يعود بهم للسلطة.
لذلك فكان عملية السماح للبعثيين وأولاد البعثيين بدخول العملية السياسية, واستلام المناصب خطأ مميت, ونتائجه الكارثية نلمسها اليوم.