عدنان جواد ||
الجميع يعرف ان بريطانيا وبعد ان تركت العراق وضعت فيه قنابل موقوته، منها الحدود الغير مرسمة مع دول الجوار، و ترك العراق بدون دستور ينظم الدولة العراقية مثل ما موجود في الهند التي كانت مستعمرة بريطانية وتحتوي على مكونات واثنيات متعددة، فهي دمجت مكونات في دولة يسهل السيطرة عليها، وطوال الحكومات الملكية والجمهورية كانت الدساتير مؤقتة تعبرعن فكر وراي راس النظام ، و بعد سقوط نظام البعث وصدام بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية عام 2003، انتهجت نفس اسلوب بريطانيا في تقسيم الحكم بين مكونات العراق، سنة واكراد وشيعة، وكان التحالف الشيعي موحداً في البداية، لأنه المكون الاكبر المظلوم الذي كان يطمح للعدالة ورفع الظلم، ولأنه كان فيه قادة كبار موحدين لا مفرقين يأخذون توصيات المرجعية الرشيدة ويطبقونها، ولكن وبعد استشهاد ووفاة هؤلاء القادة الكبار امثال سماحة السيد محمد باقر الحكيم، وسماحة السيد عبدالعزيز الحكيم ، وعز الدين سليم(قدس الله اسرارهم)، انتشرت الخلافات فتشقق صف التحالف الشيعي لمصالح وحسابات شخصية وحزبية، وبدات منذ انتخابات 2010، وما بعدها فكل مجموعة شكلت قائمة انتخابية خاصة بها، واخذت تتفرع وتفرخ تلك الاحزاب فروع اخرى منها ، حتى انتخابات 2021 التي كثرت فيها الاحزاب وخاصة في المكون الشيعي، وان بعض الاحزاب اتخذت شعارها الانتخابي وبرنامجها القضاء على الاحزاب القديمة بل النظام السياسي.
يُتهم زعماء المكون الاكبر في العراق بالانتفاع والانتهازية، فتلك الطبقة السياسية تحصل على منافع ذاتية ، ويقابلها فقر واقصاء وبطالة للطبقة التي يدعون بانهم يمثلونها، فلا توجد تنمية ، وقلة الخدمات، والمجاملة على حساب مكونهم مع الجهات السياسية الداخلية والدول الاخرى التي ادخلت الاف الارهابيين الى العراق، وفي محاسبة الذين قتلوا الالاف من الشهداء، فلا زال الكثير منهم وعددهم بالآلاف محكوم عليهم بالإعدام معززين مكرمين من دون تنفيذ العقوبة، تلك الطبقة المتقلبة المزاج والمواقف، بين الواعظ والمصلح والمقاوم للفساد، وبين اخرين كل يرى نفسه انه راس ويجب ان يكون له راي وموقف لابد وان يؤخذ به، واليوم وبعد ان انسحب التيار الصدري من البرلمان، دعا الاطار الى تشكيل حكومة قوية وتشمل الجميع، حكومة خدمة بعيداً عن الحصص وتقاسم الكعكة كما كان معمولاً به طوال الحكومات السابقة، فيرد المنتقدون كيف تكون قوية وهي تشمل الجميع؟!، فما دامت ترضي الجميع يعني ان الفساد سيستمر، من باب ( اسكتلي واسكتلك) والجميع ( يأكل ويوصوص)، واليوم التهديد والوعيد بين اطراف المكون تنذر بنشوب حرب اهلية يخسر فيها المكون ما تبقى من ناسه ومدنه المدمرة، وكما شهدنا الخلافات في بداية تشكيل التحول من سلطة الاحتلال الى الانتخابات واختيار الحكومة الوطنية، فيتم اعادة الاسطوانة المشروخة والاتهامات المتبادلة، بين من اتى مع الامريكان على ظهر الدبابة عميل، وبين من بقى في الداخل وهو وطني وجليل، وخطاب اخر معاكس يعتبر كل من بقى في العراق بعثي ورجل امن ووكيل.
ان الحقيقة التي هي واضحة وضوح الشمس، ان الخلاف بين قادة وزعماء الشيعة، هي خلافات على المناصب والزعامة والحصول على اكثر ما يمكن من الاموال(الكعكة)، وكأن التاريخ يعيد نفسه، عندما انقلب طلحة والزبير وغيرهم وهم اصحاب الرسول (صلى الله عليه واله)، على الامام علي (عليه السلام)، بعد ان ساوى بالعطاء بينهما وبين عبديهما والناس البسطاء، فاعترضوا عليه بانهم لهم سبق في الجهاد وانهم من ساهم في قيام الدولة، لذلك شنوا الحرب على الامام، فهل يستطيع زعماء المكون التخلي عن ما يمتلكون من اموال ونفوذ لمكونهم المسحوق، بان يتنافسوا في بناء المدارس والمستشفيات وشق الطرق وبناء الجسور في المحافظات الجنوبية والوسطى وحتى بغداد، وان يشركوا في المناصب على الاقل الصغيرة المحافظين والمدراء من المهنين واصحاب الكفاءة والنزاهة في تلك المحافظات، بدل وضع فيها اتباعهم رغم قصورهم وتقصيرهم لانهم لا يملكون المؤهلات وانهم وصلوا لهذه المناصب بالتملق والتزلف والكذب، هذه الخلافات اضعفت سلطة القانون، فانتشرت النزاعات العشائرية وباستخدام مختلف انواع الاسلحة، وانتشرت المخدرات بشكل مخيف، وان تلك الزعامات تخالف الخطابات فهي من باب تدعي انها تتحالف مع الاخرين من اجل مصلحة المكون، ولكنهم ومنذ 2003 ولحد الان يضحون بحق المكون من التخصيصات المالية، ويتم منحها للآخرين مقابل مناصب عليا لأحزابهم ، ودائما القائد مشغول عن الناس وما عنده مجال، والمعالي والفخامة دائم السفر، فهم لا يسمعون شكوى المواطن المتضرر، واليوم وبعد ان وضحت الامور وزادت الخلافات والتي وصلت حد التصادم، لذلك فان تشكيل حكومة صعبة جداً ، ورئيس الوزراء القادم لا يستطيع ان يتحرك خطوة واحدة ، مادام الصدر خارجها، وانها لا تدوم اكثر من سنة، فهو لديه قيادات ثورية وشعبية تتبع قائدها حتى لو ذهب بها الى النار، فهل مصلحة المكون الصدام والخراب وحرق المؤسسات والقضاء على النظام السياسي برمته، وهذا ما يروج له من قبل بعض القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، وهناك هدف واضح لإضعاف المكون والتخلص من قياداته الهرمة واستبدالهم بقيادات شابة، لذلك ينبغي على قادة المكون ان يكونوا واقعيين وان يتنازلوا عن بروجهم العاجية العالية، وان يتوحدوا فالدول تحترم الدولة الموحدة داخلياً احزاب ومكونات ، فتركيا لا تتجرا على تدخلها لو كانت هناك دولة موحدة في مواقفها وقراراتها.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha