عبدالملك سام ||
أستاذ يحاول جاهدا السيطرة على فصل دراسي ليكمل الدروس وهو محاط بأنواع شتى من الضغوط التي تمنعه من الإستمرار.. مما سبق يا عزيزي أريد منك أن تضع نفسك في مكان هذا الأستاذ، وتخيل معي كم ستكون في موقع لا تحسد عليه؟! فأنت مرتبط بوظيفة وأسرة ومنهج وطلاب وتوقيت في حين أنك لا تملك أي أدوات لتكمل عملك في الوقت المناسب!
عندما أرادت اليابان أن تنهض بنفسها بعد الحرب العالمية الثانية، قررت أن البداية يجب أن تكون من التعليم، وهي اليوم تملك أفضل نظام تعليمي في العالم. دول متقدمة كبريطانيا تنفق على التعليم شهريا ما يقارب ستة مليار جنية (ما يقارب نصف ميزانية الدفاع) لتحافظ على قدرتها التنافسية مع دول متقدمة أخرى كألمانيا وفرنسا. بلد كالهند يعاني من زيادة عدد السكان وقلة الموارد عملت على زيادة الإهتمام بالتعليم المهني لحل مشاكلها الإقتصادية ونجحت. كيان مجرم كإسرائيل يعمل ((جاهدا)) على تطوير منظومته التعليمية رغم أنه في وضع حرب دائمة لأنه يرى في التعليم أمرا مصيريا يتوقف عليه مسألة بقاءه! والأمثلة كثيرة جدا..
هناك وعي لدى قيادتنا بأهمية هذا الأمر، ولذلك وجدنا ظهور فكرة المراكز الصيفية، وهي فكرة ممتازة وحيوية ومهمة لإستكمال مشروع الدولة الذي نحلم به، خاصة ونحن رأينا أن معظم مشاكلنا - إن لم تكن كلها - كانت نتيجة لقلة الوعي وسياسات التجهيل التي مورست علينا لعشرات السنين. ولكن رغم هذا فالمراكز الصيفية ليست كافية ولعدة أسباب، أهمها الحرب الضروس التي شنت على هذه المراكز، وأيضا الوقت القليل الذي غطته مناهج هذه المراكز.
وعليه ستظل المدارس الفرصة الأهم لنشر العلم والوعي لدى الجيل الناشئ، والذي سيكون عليه دون غيره إستكمال مشروع الدولة على أسس سليمة، وكلنا نعرف أن المنظومة التعليمية السابقة لم تكن بعيدة عن تجاذبات سياسية لبعض الدول، والفساد كان موجودا بجانب المحاصصات الحزبية، وأضف إلى ذلك عمليات التجهيل المتعمدة التي كان يستخدمها بعض المشائخ والوجاهات لضمان إستمرار نفوذهم على مناطق معينة، وجميعنا نعرف ذلك!
أعتقد أن الموضوع معقد جدا، ولكن البداية تكمن في تعديل المناهج بشكل علمي وواقعي والذي يعمل الأعداء على عرقلته بالترهيب بشكل دائم، وبتعمد تدمير المدارس والتحريض ضد استمرار التعليم. ومن ثم علينا إيجاد الكادر الذي يعمل على تدريس هذه المناهج، وحل مشكلة الموارد لتغطية نفقات المعلمين والتعليم، والأهم من هذا كله تحديد الأهداف من عملية التعليم لتمكين الدارسين من تطبيق ما تعلموه على أرض الواقع.
المسألة بالغة الأهمية ومصيرية، ولهذا يجب أن تنال ما تستحقه من إهتمام وعلى كل المستويات، بدءا من القيادة ووصولا إلى رب كل أسرة.. يجب أن نعلي من شأن المعلم والتعليم، وأن ندرك أن هذا الأمر سيؤدي إلى إختفاء معظم المشاكل التي نعاني منها اليوم، والمدرسة ستكون الرافد الأول للصمود وتحرير الأرض وبناء المستقبل، كما أنها كفيلة بإلقضاء على الإرتزاق والفساد وبث الروح الوطنية والوعي وتوفير العقول والكوادر لحل مشاكلنا ولبناء اليمن الجديد المستقل..
يجب أن نتحرك لأن هذا الأمر يتوقف عليه مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، وأن نتحرك لأننا أمام تحد سيقرر ماذا سيكون عليه بلدنا بعد سنوات قليلة، وأن لا نبخل ببذل ما نستطيع في هذا الجانب لأن التعليم إستثمار ناجح دون أدنى شك، وكما أن الجهاد كفيل بتحرير الأرض من الإحتلال، فالتعليم كفيل بتحرير العقول من الجهل.. "علم وجهاد" هما الحل لكل من يبحث عن حل، وهما الحل لكل مشاكلنا، وليتحول هذا الشعار الرائع لعنوان لنا في المرحلة المقبلة، والله معنا.