حمزة مصطفى ||
نتجنى دائما على المجانين ونثمن مايفعله العقلاء. لاذنب للمجانيين ولا براءة للعقلاء. كل مايجري في عالمنا الراهن هو من صنع العقلاء من كلاص الشربت الى القنبلة النووية. الذي يرتكب الجرائم هم العقلاء. الذي يشعل فتيل الحروب ولا يعرف كيف "يطفيها" هم العقلاء. إذن لماذا حين نريد تبيان الفارق بين العاقل والمجنون نقول "حدث العاقل بما لايليق, فإن صدق فلاعقل له"؟. لماذا نحدثه أصلا بما لايليق؟ ومن يحدد الذي يليق والذي لايليق؟ هل أخذ العقلاء ممن نريد إكتشاف إنهم عقلاء أم مجانين رأينا حين عملوا كذا وكيت مما يصنف في باب الجرائم وبعضها ضد الإنسانية؟ ثم من سمح لنا الإيغال في إهانة ناس كل جريرتهم أن الله سبحانه وتعالى سلب منهم كما نقول "نعمة العقل"؟.
بالمناسبة ماذا تعني نعمة العقل التي نتبجح بها بينما نفعل يوميا بل وعلى مدار الساعة والدقيقة مالايفعله كل مجانين الأرض في ستة قرون؟ هل سمعتم مجنونا إرتكب حادث سير؟ هل سمعتم مجنونا سرق أو زنى أو قتل؟ كل هذه القضايا يرتكبها عقلاء. المصيبة إننا نبرر لهم أحيانا مايفعلون. بل حتى القاضي غالبا ما يأخذ بعين الإعتبار عدة إعتبارات عند إصدار الحكم منها حداثة السن أو التجربة أو عدم وجود سوابق. مؤخرا دخلت عوامل أخرى في باب مايرتكبه العقلاء من جرائم وهي المخدرات ومايدخل في عالمها. إذا كان عاقلا لماذا يتناول المخدرات؟ لماذا لم نحدثه بما لايليق عن مضار المخدرات ومخاطرها؟ الأدهى والأمر لماذا يزرع أو يصنع العقلاء أنواع المخدرات؟ لماذا يصدرها العقلاء ويجنون ملايين وربما مليارات الدولارات من وراء تجارتها؟ لماذا يمررها عقلاء المنافذ الحدودية؟ ولماذا يبيعها مع الأدوية منتهية الصلاحية عقلاء البسطيات؟
علاقتنا بالعقل وظيفية وبالعاقل يليق ومالايليق. أما الحكمة إذا أردنا أخذها فمن أفواه "المجانين". علاقتنا مع الآخر العاقل تطبيقا لمفهوم "الذي يليق والذي لايليق" تقوم على إنه عاقل مع وقف التنفيذ. ماعليك لكي تثبت كونه عاقلا أم لا سوى الحديث معه بما لايليق. ثم اليس لكل عصر مايليق وما لايليق؟ هل "يليق" مطلع القرن العشرين مثل "يليق" آواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. الذي لايليق آنذاك أصبح يليق الآن وبالعكس. ومن كان لايصدقه كبار العقلاء حتى من بين الفلاسفة بات اليوم يصدقه صغار المجانين ممن نأنف أن نأخذ الحكمة منهم لأنهم لم يبلغوا سن الجنون بعد.
https://telegram.me/buratha