عدنان جواد ||
تم ترشيح السيد محمد شياع السوداني من قبل الاطار رسمياً وبالإجماع، يعني من دون اعتراض احد من اطراف الاطار ، بعد انسحاب قاسم الاعرجي المنافس له، والسيد السوداني مواليد 1970 ميسان قد تقلد عدة مناصب في الدولة العراقية بعد عام 2003، ففي لبداية قائمقامية ميسان عام 2004 ، ومحافظ ميسان عام 2005، ووزير لحقوق الانسان عام 2010، ووكيل للوزير في عدة وزارات، ينتمي لحزب الدعوة تنظيم الداخل، رشح مع دولة القانون عام 2014 ، انسحب عن دولة القانون عام 2016 فأسس تيار" الفراتين"، ويبدو انه الشخصية الاكثر مقبولية من شخصيات الاطار، وقد بارك زعماء الاطار ترشيحه وانهم سيدعمونه في تولي هذا المنصب والنجاح في ادارة الدولة.
وموقف التيار تم التعبير عنه بوضوح بدخول المنطقة الخضراء واقتحام البرلمان ، والمطالبة ببقاء حكومة الكاظمي واجراء انتخابات مبكرة، فهم سبق وان تحفظوا على ترشيحه عقب استقالة عادل عبد المهدي، وسبق وان رفض زعيم التيار الصدري المحاصصة والتي وصفها ب" خلطة العطار" وانه لا يقبل الا بحكومة اغلبية وطنية، فكيف تشكل الحكومة بدون التيار.
والتساؤل هل يستطيع السوداني تجاوز العقبات والصعوبات ومواجهة التحديات الكبيرة، وبالرغم من انه شخصية محترمة وغير متهمة بالفساد، وهو من افضل الشخصيات التي طرحها الاطار كما سمعنا من اكثر من جهة سياسية وحتى من قناة العربية، ولكن ماذا يفعل مقابل المصالح الحزبية، ومقابل التوافق الذي يتطلب التنازل عن الكثير من اجل الاحزاب في الاطار نفسه، والتوافق مع القوى خارج الاطار كالأكراد والسنة، والبلد يعيش مشاكل سياسية مركبة بين التيار والاطار، فالتيار ترك البرلمان وهو يتحين الفرص ويسجل النقاط للإطاحة بالاطار ومرشحه، وهو يريد بقاء الكاظمي لحين اجراء انتخابات جديدة مبكرة ، وذلك لان الكاظمي ينفذ كل ما يطلبون منه، وان المفاصل التنفيذية والدوائر الخدمية اصبحت اغلبها بيد التيار الصدري وخاصة في المحافظات الجنوبية ، والمناطق ذات الكثافة السكانية، والمشكلة الكبيرة التي عجزت الحكومات السابقة عن حلها وهي الفساد، وهذا مدعوم ومرتبط بمنظومة سياسية حاكمة، فهل يستطيع تطبيق القانون على الجميع ؟!، ورغم تصريح اطراف الاطار بانهم يدعمون حكومة السوداني ويتحملون نجاحها وفشلها، ولكن حسب التجارب السابقة، فان رئيس الوزراء مكبل بالتوافق السياسي، وانه لا يستطيع ان يخطو خطوة واحدة بدون اخذ راي الكتل السياسية، فاذا فشلت حكومته اتهم هو بالفشل كما حدث في الحكومات السابقة، وتنصلوا هم عنه فهي تبحث عن مصالحها بعيدا عن مصالح الناس، فهل ستصمد هذه الحكومة امام شارع يريد حلول سريعة، وخدمات، ولا ننسى تشرين وما خلف تشرين من قوى دولية.
الكثير من محللي السياسة توقعوا مواجهة صعوبة في تشكيل الحكومة في البداية، وكذلك نهايتها بعد عدة شهور من تشكيلها هذا اذا تشكلت، فالتحالف الكردستاني حليف الاطار متمسك ببرهم صالح، بينما الديمقراطي يريد المرشح من صفوفه، وهذا الاصرار سيجبر الديمقراطي الانسحاب من العملية السياسية او المماطلة لإفساح المجال لحليفه الصدري لممارسة الضغوطات على اطراف الاطار، وهذا يشكل عبء على العملية السياسية بانسحاب طرفان فاعلان في العملية السياسية، وربما عدم حضور المستقلين، وانه لا يستطيع مكافحة السلاح المنفلت، ونقص الكهرباء، والخدمات، وتكوين بيئة مناسبة للاستثمار، حتى يشجع القطاع الخاص فالدولة لا تستوعب جيوش العاطلين من خلال التعينات الحكومية .
واذا اريد للحكومة النجاح ، على الاطار والتيار ترك المصالح الشخصية والحزبية والتفكير بعقل وحكمة وتغليب مصلحة الشعب على مصالحهم لان هذا النهج سوف يولد التصادم بين ابناء الشعب الواحد، والمنطقة الواحدة والمذهب الواحد وحتى البيت الواحد، وترك السوداني يختار كابينته الوزارية، والاستمرار بسياسة الحكومة السابقة بالانفتاح على الدول العربية والاقليمية ، وان تتخلى الاحزاب عن السلطات التي تمتلكها والتي هي فوق المحاسبة، وتمنحها لرئيس الوزراء، وترك بيع الدرجات الوظيفية من قبل منظومة الفساد، ومنح رئيس الوزراء كافة الصلاحيات والسلطات ومحاسبة اكبر الشخصيات المتورطة في الفساد وخرق قانون الدولة، ولابد من دعم شعبي خاصة وان السوداني من شخصيات الداخل وهذا احد مطالب الصدريين بتولي المنصب شخصية لا تمتلك جنسية اخرى غير الجنسية العراقية، اضافة الا انه ابن الجنوب وان اغلب ابناء التيار الصدري هم من المحافظات الجنوبية وميسان بالخصوص، في بعض المناطق والمحافظات العراقية وغير العراقية تحتفل وتتباهى بان احد ابنائها يتولى منصب مهم في الدولة ، وليس تسقطه مع الاسف كما يفعل الصدريون، وعليه اشراك الصدريين والمستقلين بالحكومة، فإبعادهم سيعطل اي مشروع تقدم عليه الحكومة، لان لهم اذرع قوية في جميع مفاصل الدولة التنفيذية، وان لا يقدم على اي قرار ارتجالي وبإشارة حزبية ضيقة، والاهتمام في الجوانب الاقتصادية في علاقاته الخارجية، والاهتمام بالصناعة والزراعة وضبط الحدود في الشؤون الداخلية، وتقليل رواتب الدرجات الخاصة ورفع رواتب الطبقة الضعيفة، وتطبيق القانون على الجميع وبدون استثناء وهذا الجانب فشل فيه الكاظمي بسبب ضعفه، فهل يستطيع ذلك؟، نتمنى له التوفيق لكن الطريق صعب ويحتاج قوة وارادة وتصميم ودعم من الاحزاب والجماهير.