عدنان جواد ||
ذكر الدكتور علي شريعتي ان هناك ثلاثة مواقف في واقعة الطف، موقف الحاكم الذي يملك مقدرات الامة، من قوة السلطة، والمال والسلاح، وتحريك الجيوش، والذي يرفض اي احد يعارض حكمه، حتى وان كان ابن نبي، بل قل حتى لو النبي نفسه، فهو يقف ضد الحق ومن يطالب به يقتل ، ومن يسير في ركابه ويشايعه، ويرضى بحكمه، ويقبل بتولي الفاسق الفاجر الحكم، يحصل على العطايا والمنح والمزايا والمناصب في الدولة، وهذا المنهج سار عليه يزيد بن معاوية، وهذا موقفه واضح وصريح ويعرف مصيره، فهو طلب المكنة والحكم ولا يمكن القبول بغيرها.
وموقف اخر ربط صاحبه مصيره ومصير عائلته ومن سار معه به، انهم يطالبون بالحق وتحقيق العدالة والقضاء على الظلم ومحاربته، والاصلاح لمنظومة الحكم الفاسدة، بل اصلاح الدين الذي تم اخفاء معالمه، وتغيير احكامه، فاصبح ابو طالب كافر وابو سفيان مؤمن، والامام علي حاكم جائر ومعاوية حاكم عادل، الى اليوم نعاني من هؤلاء الذين يفضلون المنافقين على اهل بيت النبوة، وهم سبب انهيار الامة الاسلامية فيما بعد امام التتر والمغول، والان امام الصهاينة والامريكان، والفتن التي تشتعل في كل زمان، فيتم ذبح كل من ينتمي للرسول واهل بيته الطيبين الطاهرين، وصاحب هذا الموقف الامام الحسين عليه السلام الذي ضحى بنفسه واهل بيته واخلص اصحابه.
وموقف اخر موقف المتحير، الذي يريد الاثنين معاً الدنيا وما فيها من مغانم ، والاخرة ان وجدت وما فيها من جزيل العطاء، فهو يجمع بين الحسين ويزيد، ففي رضا يزيد الحصول على المنصب وملك الري، وفي رضا الحسين كسب الاخرة، وتذكر المصادر التاريخية ان عمر بن سعد بقى متحيراً الى اليوم الثامن، الى ان قرر محاربة الامام الحسين عليه السلام، وقد خسر الاثنين معاً، فلا يمكن جمع المتناقضين ، فاين نحن من موقف عمر بن سعد، فبالنسبة للناس البسطاء، هل نسير حسب منهج الحسين، في الحلال والحرام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، من منا لا يخرق القوانين ، وهل نصلي وندعو عوائلنا للصلاة، هل ندعم الحق ونحن نعرفه حق المعرفة لكن نجامل ونخاف من الباطل وصولته، هل نحافظ على المال العام كما نحافظ على مالنا؟،
الكثير منا متجاوز على شبكة الكهرباء والشارع، لا يلتزم بقوانين المرور ولا بالنظام ويجد المبررات لعمله غير الصحيح، هل يؤدي الشرطي والجندي والموظف في الدولة وما مطلوب منه؟ ، وهل بائع الخضار والفواكه لا يغش في الوزن والنوعية، والصيدلي بالأدوية، والتاجر بالبضاعة المغشوشة ، والكثير من التقصير في حق بعضنا البعض وحق ديننا والتضحية التي ضحى من اجلها الحسين، اما القادة فعليهم مسؤولية كبيرة ، قد تكون مشابهة الى حد كبير موقف عمر بن سعد، فهم مع الحاكم مع علمهم بظلمه، وهم يأخذون العطايا والمناصب من الحاكم ، ويكنزون الذهب والفضة، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، وكل عملهم القول في اللسان على عكس عمل الجوارح والابدان، وهم يدعون انهم يسيرون على نهج الحسين ، ولكن عملهم مثل عمل عمر بن سعد ، مرة مع الحاكم الفاسد ومرة أخرى مع الحسين ، ولو كنا مع الحسين قلبا وقالبا ، وطبقنا الحق وتعاليم الرسول وعلي وأبناء علي ، لما وجدنا هذا الظلم ، والفساد والفقر والحرمان ، وعدم رضا الحاكم على المحكوم وبالعكس ، وانتشار الكذب والغش ، وندعو الله بذكرى استشهاد الحسين عليه السلام الهداية وحسن الخاتمة للجميع.