عهودُ الأسديّ ||
الحبُ لا يجمعُنا إلا إذا كان حقيقيًا والبغضُ يفرقُنا سواء كان حقيقيُا أم مزيفا، فعندما يكونُ الحبُ صادقًا نابعًا من القلبِ يصلُ إلى القلبِ، أما إذا شابتهُ شائبةُ فلن يصلْ؛ لإنها ستكونُ حاجزًا كونكريتيًا يمنعُ اجتماعَنا، وعندما نريدُ وحدتَنا وقوةَ صفنا ليجمعَنا الحسينُ علينا أن نصارحَ انفسَنا هل أن حبَنا للحسينِ نقيًا صافيًا أم شابتهُ مغرياتُ الدنيا، وكان الرياءُ كالخرسانةِ الكونكريتيةِ التي تفصلُ بيننا، ولنضعُ انفسَنا بمقياسِ الدينِ والمذهبِ هل أنّ حبَ الحسينُ قد جمعَنا فعلاً؟ أم هي شعاراتٌ نطلقها عندما نحتاجُ إليها ؟ فلو نستعرضُ مشاهدًا واقعيةً مرت بنا لأصابتنا الدهشةَ والحرقةَ معا، فمن قتلَ المتظاهرينَ العزلِ كان شيعيَا ومن سرقَ أموالَ الجنوبِ كان شيعيًا ومن اشاعَ المخدراتِ في الجنوبِ ايضًا كان شيعيًا لكننا مازلنا نرددُ ان الحسينَ يجمعَنا! اين التقينا ؟ وكيفَ اجتمعنا ؟ وخلافاتنا تعدت حدودِ الإنسانية حتى وصلَ الحال إلى إراقةِ الدماءَ الشيعيةِ البريئةِ بدمٍ باردٍ هادئٍ، وشعاراتٍ تتراقصُ على جثثِ الشهداءَ المظلومينَ، وتبجحُ أمام مولانا الحسينِ عليه السلام، أين اجتمعنا؟ عندَ زيارةِ الأربعين التي تَمَ استغلالَها سياسيًا وعسكريًا لتكون منفذٌ لابادةِ المسلمينَ الشيعةِ ! والحناجر تردد لبيك ياحسينَ والحسينُ يجمعَنا عندَ مآتمِ العزاءِ على ارواحِ شبابًا عزل ومقابرٍ ازدحمت بالشيعةِ وطرقاتٍ تهدمت ارصفتها بالقاذفاتِ الشيعيةِ! اين اجتمعنا؟ وعند العزاءِ تتباهى القدورَ باحجامِها والموائدِ باصنافِها، والفقيرُ يتضورُ جوعًا، والمجتمعُ يزداد انحرافًا، والعوائلُ تتفسخَ روابط الرحمةِ بينها! ونحنُ مصرونَ على إنّ الحسينَ يجمعنا! والمسؤولونَ أشد إصرارًا على ترديدِ الشعاراتِ رغم كثرةُ كذبُهم وإجرامِهم وتقصيرِهم بحقِ الدينَ، والمذهبَ، والإنسانيةِ عذرًا؟ فالحسينُ منا براء لاننا كنا شينا عليهِ ( كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا) ولم نجتمعْ على حبِهِ بل جمعَتنا المصالحِ، والمناصبِ، وحب السلطةَ اضطرنا إلى ذكرِ الحسين عليهِ السَّلامُ.
الحسينُ بنُ عليِّ يجتمعُ عندهُ المضحونَ بانفسِهم واموالِهم وابنائِهم، يجتمعُ عندَهُ المصلحونَ الذين يكونونَ نموذجٌ صالحٌ يقتدى بهِ من الصدقِ، والأمانةِ، والشجاعةِ، والإيثار.
الحسينُ عنوانُ السلامِ والأمانِ حتى أنه رضي أنّ يكونَ مظلومٌ على إن لا يكونَ ظالمٌ حتى لعدوِهِ الذي يشهرُ السلاحِ بوجهِهِ.
الحسين عليهِ السَّلامُ يرفضُ رفع السلاحِ وابتداء المعركةِ ويدعو لهدايةِ عدوه ولا يقتلُ النفسَ التي تطلبُ حقوقها المشروعةِ.
الحسينُ قاتلَ من أجلِ حمايةِ المجتمعَ وإصلاحِهِ لا من أجلِ حمايةِ المنصبَ واستغلالِه، فلنتقي الله في إمامِنا الحسين ولا نذكره ونحنُ ثملون بالدنيا ومغرياتِها فالحسينُ مطلقها كما طلقها ابوه أمير المؤمنين علي عليهِ السَّلامُ.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha