د. علي المؤمن ||
العمامة بلونيها الأبيض والأسود؛ زي ديني لا أكثر، شأنها شأن أي زي مهني أو رمزي، ولاتعطي لمن يعتمرها أية قدسية أو تميز أو جاهة، بل أن المحتوى العلمي والمعرفي والعملي والسلوكي هو معيار الاتّباع والتقدير والتبجيل، وهو ما يلخصه الموروث الديني بالفقاهة والعدالة. وبالتالي؛ هناك من يُحسن لرمزية الزي الديني ويعطيها حقها في الاتّباع والاجلال، وهناك من يسيء لها، ويجعلها سبباً في ازدراء الدين والابتعاد عنه، خاصة من الذين يعدون من يرتدي العمامة عنواناً للدين ورمزاً له، وهو فهم خاطئ تماماً للزي الديني؛ لأن الذي يمثل الدين هو العقيدة والشريعة من جهة، والتطبيق والسلوك الحقيقي من جهة أخرى، بصرف النظر عن الزي ولون العمامة.
هناك ثلاث عمائم تسيء للدين:
الأولى: تنشر الخرافة والبدع بين الناس، من خلال الضعاف والمرسلات والإسرائيليات؛ بذريعة تقوية المذهب ورموز الدين.
والثانية: تنشر الشكوك والطعون في الثوابت الدينية؛ عبر الخطاب الشعبوي الاستعراضي ووسائل الدعاية؛ بذريعة تنقية التراث.
أما الثالثة؛ فهي تستغل الخطاب الديني لتحقيق أهداف سياسية وسلطوية شخصية وفئوية؛ بذريعة حماية الدين والدولة.
وهناك ثلاث عمائم تحسن للدين:
الأولى: تحارب الخرافة والبدع، وتعمل على تنقية التراث، وتجيب على أسئلة الواقع ومتغيراته، من خلال الاجتهاد المنسجم مع حركة العصر، والتجديد اللصيق بالثوابت، وعبر العمل العلمي الرصين الهادئ، بعيداً عن الخطاب الشعبوي ووسائل التهريج.
والثانية؛ التي يكون سلوكها الفردي والجماعي انعكاساً لعلمها، ولتعاليم الدين ومقاصده وأخلاقياته وإنسانيته.
أما الثالثة؛ فهي التي تحمي الدين والدولة والمجتمع والإنسان، عبر استثمار قوة الدولة والدين ومقاصدهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ