د. علي المؤمن ||
كثير من المدوِّنين أعرب خلال الإسبوع الماضي عن استغرابه وامتعاضه من رصد المملكة الوهابية السعودية مبلغ (100) مليون دولار لانتاج فيلم عالمي عن معاوية بن أبي سفيان؛ بهدف تبييض صفحته.
وأعتقد أن هذا الاستغراب لا مبرر له؛ فمن حق كل نظام سياسي الترويج لرموزه وجذوره، وهو لون من ألوان الحرب الايديولوجية الناعمة التي تعرض من خلالها الدول معتقداتها وسير رموزها، والدفاع عنها والترويج لها والتباهي بها؛ فكما أن ايران الشيعية، وكذا شيعة العراق وشيعة لبنان، انتجوا أفلاماً ومسلسلات عن الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين والسيدة الزهراء والسيدة زينب والإمام الرضا والمختار وميثم التمار وأبي ذر الغفاري ومسلم بن عقيل؛ كونهم رموزهم العقديين، الذين يرون أنفسهم ملزمين بتقديمهم للمشاهد بالصورة التي توضح أسباب تمسك الشيعة بهذه الرموز؛ فإن السعودية أيضاً من حقها الترويج لآبائها المؤسسين ورموزها التاريخيين، والدفاع عن سيرتهم في الأفلام والمسلسلات، أمثال معاوية ويزيد وهند ومروان بن الحكم والحجاج وعبد الملك بن مروان وصلاح الدين؛ فما الغريب والخطأ في هذا الموضوع؟!
الغرابة ليست في سلوك السعودية الوهابية؛ فهو سلوك طبيعي ينسجم مع عقيدتها، بل الغرابة في الإنسان الذي لايعي رمزية هذه السلوكيات التي تصدر عن الدول، ويعيش حالة التيه والضياع في بوصلته وفي معرفة مكامن مصالحه المعنوية والواقعية، بل تراه ينحاز - أحيانا - الى خصمه الايديولوجي ضد نسيجه العقدي، في الوقت الذي يعمل ذلك الخصم على سلب وعيه وعقيدته وحقوقه ووجوده وحياته.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha