المقالات

هم قضيتنا الكبری؛ حتی مع الحجية والزايرة والمحاجر!

1426 2022-09-10

د.أمل الأسدي  ||   قضيتنا لاتنحصر بالزيارة الأربعينية المليونية المذهلة، تلك الزيارة التي تتحدث بلسانين وفم واحد، لسان العالمية التي تتسم بها رسالة  الرسول الأعظم(صلی الله عليه وآله)،ولسان المحلية التي تعكس تفرد بيئة العراق بخصائصها الاجتماعية، وتثبت أن العراقيين قد ورثوا الكرم الهاشمي المحمدي، وورثوا  سمات حضارية كقبول الآخر والتكيف معه، والقدرة علی احتوائه،وكذلك خلو بيئة الأربعينية من الأعرابية الصحراوية، وما يتفرع منها من قومية ومناطقية وعنصرية، فهي بيئة آمنة منزوعة الغل والكراهية!! القضية لاتتوقف عند هذا الحد، ولا تنحصر بهذه الزيارة وحسب!! القضية أن وجوه العراقيين  وسمرتها، تذوب في محبة محمد وآل محمد، تذوب في ولائهم، فيومنا منذ بدايته إلی نهايته لصيق بهم، بسيرتهم، بذكرهم، بقصصهم، بأسمائهم وكناهم!! نحن نتنفس حبهم ولاسيما في أوقات الشدائد، أوقات الظلم والظلام التي عشناها  في زمن النظام الأموي الذي جثم علی صدورنا ثلاثة عقود وأكثر، ففي المحاجر التي تغص بآهاتنا، كان اسم (علي بن أبي طالب) لا يفارقنا لحظة!! ومع كل نهاية تعذيب لابد أن نتحدث إليه ونشكو، ولابد أن نتدثر بإباء الحسين وبصبر زينب!! كانوا يسخرون منّا  ومن عقيدتنا حتی أثناء  تعذيبنا، فتجدهم يقولون للسجين أو المعتقل: تريد الحجية لو الزايرة؟  والحجية: هي قطعة من  خرطوم الماء (صوندة) غليظة بيضاء،تستعمل لضرب المعتقلين، أما الزايرة فهي صوندة غليظة سوداء تُستعمل لضرب المعتقلين أيضا، يقصدون بالحجية أنها بيضاء كالحاجّة في ملابس الإحرام، ويقصدون بالزايرة أنها سوداء كالزائرة التي ترتدي العباءة السوداء في أثناء  زيارة المراقد المقدسة!! فيهجمون كالوحوش،وينهالون  علی السجين ضربا وشتما، مجموعة علی فرد واحد!! ظنوا بفعلهم هذا أنهم هزمونا وتلذذوا بعذاباتنا ودمائنا التي  تسيل كخارطة حبٍّ خالدٍ وعهد أبدي!!  ـ وحتی حين تُنصَب لنا المشانق، ويسكت ضوء عيوننا، يربطون أيادينا إلی الخلف بقطعة قماش خضراء داكنة، خيطت كحبل قصير لتقييد يدي المعدوم، كان هذا الحبل يشبه(العلگ) ذلك الخيط الذي نشده بمحبة، ونشعر به مصدرا للطاقة، وكأنه يكوّن هالة مضيئة حولنا، فحتی في الشهادة نبدو بزينة"العلگ"  ويتصور من ينظر إلی الشهيد المقيّد وكأنه يضع العلگ الأخضر!!  ـ هل تعلمون أننا كنّا نموت علی حبهم، ومن أجل حبهم، نموت؛ لأن هويتنا ولايتهم، وولايتهم هويتنا، وفي لحظات النهاية أو البداية، وحين يجتمع الضباع حولنا كي يسلبوا  أنفاسنا،  قد يصادف أن يسأل أحدُهم القادمَ  إلی الموت: تريد تشرب مي؟ فيرفض شربه؛ لأن صوت الحسين العطشان، وإيمان العباس وبطولته، يحضران أمامه، فيرفض  الماء تأسيا بأصحاب الطف الخالدين(ع)!! ـ هل تعلمون أن الماضين منّا كانوا يحملون أسماءهم  نفسها؟ فجُلّ أسماء الشهداء( محمد، علي، كرار ، حيدر، حسن، حسين ، كاظم، عباس،قاسم، جاسم...) فلا يخلو بيت من بيوتنا من هذه الأسماء،كما تحمل أمهاتنا وعماتنا وخالاتنا أسماء(فاطمة ،زينب، خديجة، زهراء، رقية...). ـ هل تعلمون أن أمهاتنا كُنّ لايفارقن قصة(حلال المشاكل)؟ ففي كل خميس تضع الأم ما يتوفر لديها من حلوی(تمر ،زبيب..) وتجلس تبكي وتقرأ: نَادِ عَلِيّاً مَظْهَرَ الْعَجَائِب  تَجِدْهُ عَوْناً لَكَ فِي النَّــــــــــوَائِبِ‏ كُلُّ غَمٍّ وَهَمٍّ سَيَنْجَلِـــــي بِوَلَايَتِكَ يَا عَلِيُّ يَا عَلِيُّ ياعَلِي  أو تصعد إلی السطح وقت الغروب وتضع رأسها في فوهة( التنور) وتنادي: يالزهرة احضرينا ونجي وليدي من هالشدة! وهذا ما يعرف في المخيال الشعبي العراقي بـ(تنور الزهرة). وقد تری الأم  في مشهد يطحن الروح ، تراها واقفةً في(الحوش) كاشفة رأسها، موجهةً نظرها إلی السماء وهي تنادي: يا صاحب الغروب ويا علي المندوب ...اريد حوبتي تبين بالظلام!! وهكذا لا يفارقنا حضور أهل  البيت، فعلاقتنا بهم علاقة  طردية في الشدة والرخاء، فكلما ازداد الظلم والتآمر علينا لتركهم، وتمييع هويتنا وطمسها، ازداد حبنا لهم، وازداد ارتباطنا بهم، وثبت تمسكنا بهم! وكلما ازدادت نعم الله علينا بفضلهم وبركاتهم، ازداد ذكرنا لهم، وتمسّكنا بهم، وشكرنا لله ولهم، وإنفاقنا علی حبهم!! إذن، نحن نذوب في محبة محمد وآل محمد(صلوات الله عليهم) نصطبغ بمحبتهم، هم هويتنا، وبهم نحب العالم والأرض والوطن، والنخيل ودجلة والفرات والعنبر والقصب والبردي، وبهم تحول العراق إلی نقطة جذب إنسانيةٍ عالميةٍ نابضةٍ، وعلی ذلك خاب كل من حاول   فصلنا عنهم،  وسيخيب كل من يحاول ذلك أيضا !! وقد صرح الإمام الصادق(ع)  بهذا قائلا: "أهل خراسان أعلامنا، وأهل قم أنصارنا، وأهل كوفة أوتادنا، وأهل هذا السواد منا ونحن منهم".
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك