المحامي عبد الحسين الظالمي ||
منذ الربع الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الواحد وعشرون اخذ العراق يتجه نحو الانحدار في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وبدت سمعة العراق تتدهور نتيجة الممارسات التى مارسها النظام المقبور والتي عزلت العراق عن العالم الخارجي ونحدرت به الى قاع التخلف والانهيار واصبحت صورة العراقي عالميا تمثل حاله من التخلف والحرمان ونموذج للقتل والاجرام ، وقد اصبح العراقي غير مرحب به في اغلب دول العالم .
مع سقوط النظام وتداعيات السقوط واحتلال الامريكان للعراق وما صاحب هذا الاحتلال من تداعيات وتعاقب الحكومات العراقية في ظل النظام الديمقراطي الجديد ومع سوء الادارة وموجات الارهاب والقتل واشاعة الفساد في كل مناحي الحياة مما انعكس على سمعة العراق وزاد في الطين بلل.
في هذه الاجواء كان عزاء العراقين وشعورهم بالظلم الذي ساد حياتهم وما يعانون فكانت وجهتهم نحو قبلة العشق ومنارة التحرر كربلاء الحسين ع اذا كان عزاء العراقين الوحيد ومتنفسهم مما يعانون ناهيك عن ، ان قضية الحسين قضية وجدانية عقائدية بالنسبه لاتباع اهل البيت ومحبيهم لذلك كان اغلب العراقين يشدون الرحال في زيارة الاربعين مشيا على الاقدام انطلاقا من منازلهم ومدنهم مهما كانت بعيدة مما جعل هذه الممارسة تتزايد سنويا ،
ولكون قضية الزيارة قضية عباديه وتعد عند الشيعة من الشعائر الالهية
فكان البذل والعطاء وتسهيل امور الزوار وخدمتهم عمل مقدس فيه قربه لله سبحانه وتعالى ورجاء في شفاعة صاحب الذكرى .
وسنة بعد سنه بدءت هذه الشعيرة تكشف عن معدن العراقي رغم ان الاعداء والخصوم كان يصبون جم حقدهم واساليبهم في تشويه هذه الشعيرة بالقتل والتفجير وبالتشويه ولاتهام بان الشيعة اهل لطم وبكاء واكل قيمه وقد اتهم المشاي انه يمارس المشي لغرض الترفيه ويستدلون بابسط ممارسه شاذه تصدر من جاهل يشارك في الزيارة .والبعض يتهم الخدم بالتبذير والاسراف والبعض يجعلها سبب من اسباب انتهاك سيادة العراق
مما زاد في اصرار اتباع اهل البيت على تعظيم هذه الشعيرة المباركة
من خلال التعبير الصادق عن صميم مشاعرهم وايمانهم واستعداهم للتضحية من اجل المبادىء التي ضحى من اجلها صاحب الذكرى.
ومع هذه الاجواء حدث مالم يكن متوقعا هاجمت داعش العراق واحتلت ثلث ارضه ومدنه ووصلت الى مشارف بغداد وهنا بلغت القلوب الحناجر ورتبك الكل وختلطت الاوراق وصفق من صفق ورقص مستبشرا ان العراق والشيعة وصلوا خط النهاية وهنا تفاجىء العالم بصوت يعلوا من مرقد الامام الحسين يتلو سطرين من الكلمات
كتبها مرجع الشيعة الاعلى ( الامام السيستاني) لتكون هذه السطور ملحمة حسينية حولت اقوال الشيعة وشعارات الزيارة من شعارات
الى تضحية بالنفس والمال من اجل نصرة المظلوم وتحريره وتقدم الشباب الذين كانوا يخطون الخطى نحو الحسين كل سنه تقدموا هذه المرة بنفس الرايات نحو الجبهات .
وفي الوقت الذي يقاتل ابناء العراق الاعداء ويضحون بشبابهم والكهول
ويرفعون شعارات نفس شعارات التي ترفع بالمسيرة ، فيما يستعد اخرون للزحف نحو الحسين عليه السلام سنويا تشاركهم الملاين من مختلف الجنسيات في مسيرة مليونية( زيارة الاربعين ) وبذلك اصبحت الصورة تجسيد عملي للتضحية بالانفس في الجبهات وعطاء منقطع النظير بالمال والجهد اثناء المسيرة خدمة لزوار بمختلف اعراقهم وهوياتهم في سفرة عطاء ممتده من الفاو الى كربلاء جنوبا ومن الموصل الى كربلاء غربا ومن هنا اخذ العالم يرى صورا عن ابناء العراق
قمة في العطاء والجود بالمال والنفس
والكر م والبطولة وهكذا عكس هذا الثنائي صورة جميلة وحقيقية عن اصل ومعدن العراقي الاصيل اذ غيرت هذه الملحمة صورة العراقي ، ونتوقع ان زيارة الاربعين سوف تكون رساله اتباع اهل البيت في العراق لكل العالم
لتكشف حقيقه هذا الفكر بعد ان حاول الاعداء طمسه وتشويه ، بالتالي حققت الزيارة امرين مهمين اذ كشفت معدن العراقي من جهة ومن جهة اخرى حقانية قضية الامام الحسين وحجم المظلومية التي تعرض لها اهل البيت سلام الله عليهم . ومن هنا نقول
(ستكون الزيارة ان شاء الله شمس الحقيقه التي سوف يراها كل العالم) والتي باتت اثارها الان في جميع انحاء المعمورة اذ حولت قضية الامام الحسين ع الى قضية عالمية لتكون بعون الله مقدمة للقضية الظهور الكبرى .
قد يتاخر النصر ولكنه سوف ياتي لانه وعد اللهي .
يتبع مقال حول دور الزيارة في النمو الاقتصادي وتطور في العلاقات الاجتماعية في العراق .
https://telegram.me/buratha