المقالات

موائدُ الأربعين..

1206 2022-09-15

حسين فرحان ||

 

يُحكى أنَّ دولةً أرادتْ أنْ تضعَ اسمَها في موسوعةِ (غينيس) لتُسجِّلَ رقمًا قياسيًا لأطولِ مائدةِ طعامٍ في التاريخ، فأعّدتْ واستعدّتْ وتهيّأتْ لتبلغَ الرقمَ الصعبَ الذي أعلنتْ عنه وقد كانَ ثلاثةَ كيلو مترات، فاجتمعَ أصحابُ الفكرةِ وما لبثوا حتى تناثرَ الطعامُ بينَ أيدي الجماهير المُحتشدةِ قبلَ أنْ يصلَ مائدتَهم التي كانوا يرجون أنْ تكونَ عيدًا لأولِهم وآخرهم.. فاستحالَ الحلمُ برقمٍ عالمي إلى سراب..

انبرتْ دولةٌ أخرى لتصنعَ ما صنعتْه الأولى، فلم تبلغْ رقمَها وحالتْ بينَها وبينَ الثلاثةِ كيلو مترات أمتارٌ قليلة..

ولستُ أعلمُ أنْ كانتْ (غينيس) قد دوّنتْ ذلك فيما دوّنتْ من تطلُّعاتِ البشرِ للانفرادِ بشيءٍ يُميّزهم.. حقٌّ يراه الناسُ أنّه مُباحٌ ومشروعٌ ولا غبارَ عليه.. فليستعرضوا ما شاؤوا..

ضوءٌ إعلامي ساطعٌ يُسلَّطُ على تلك الأحداث، وضوءٌ خافتٌ يمرُّ مرورَ الكرامِ بموائدَ تجاوزَ طولُ بعضِها العشرين كيلو مترًا..

مسألةٌ حماريةٌ جديدةٌ تُفصِحُ عن باءٍ تجرُّ وأخرى لا تجر! تُقابِلُها اللامُبالاة بشأنِها إنْ جرّتْ ما بعدَها أم تركته على حاله..

فالمائدةُ التي لم تلتفتْ إليها (غينيس) ولم يُعِرْها الإعلامُ ذو السطوةِ العالميةِ اهتمامًا، لم تُصنَعْ لتنالَ الشهرة، فهي المُباركةُ بالصلواتِ والعامرةُ بالخيراتِ والمليئةُ بالطيبات، صنعتْ طعامَها يدُ خادمٍ نذرَ الغالي والنفيسُ ليبلغَ رضا فاطمةَ وعلي (عليهما السلام)، وبذلَ ما لديه ليثبتَ للعالمِ أنّه بمنزلةِ (الحُسيني).. فلم تكُنِ المائدةُ التي يُشاطرُه بها أهلُ المواكبِ سوى فعاليةٍ واحدةٍ وجُزئيةٍ صغيرةٍ في بحرِ زيارةِ الأربعين المليئة بالأسرارِ والعطاء..

والقضيةُ أكبرُ من كونِها عرضًا (كرنفاليًا) أو تقليدًا شعبيًا يشبهُ مهرجاناتِ الطماطمِ في بلدانٍ أخرى، إنّما هي عقيدةٌ ودينٌ وشعيرةٌ من الشعائر، وحين تكون بهذا الشكلِ وتحملُ مثلَ هذه العناوين؛ فهي بلا شك لا تنتظرُ من أحدٍ أنْ يُدوّنَها في موسوعاتِ العالمِ التي تُسجّلُ ما عجزَ عنه البشرُ في مجالٍ مُعيّن، فإنْ دوّنتها الموسوعاتُ فبها وإلا فمن المُتيقَنِ لدى أصحابِ الموائدِ الحُسينيةِ أنَّ هناك من سجَّلَها وادخرها لهم..

وهذا ما لا يُمكِنُ للإعلامِ الأعورِ وللمُنظّماتِ التي تغضُّ طرفَها عن عجائبِ الأربعين أنْ يفهموه.. وكيفَ لهم أنْ يعرفوا أو يفقهوا أنَّ للمواكبِ أسرارَها وللخدمةِ أسرارَها.. وأنَّ كُلَّ الذين يتجاهلون قضيةَ الحُسينِ وأدواتِهم لا يُشكِّلون إلا قطرةً في بحرِ اهتمامِ الشيعةِ بأداءِ أجرِ الرسالةِ على أتمِّ وجهٍ لا يُريدون جزاءً من أحدٍ ولا يُريدون شكورًا.

 

 

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك