منهل عبد الأمير المرشدي ||
إصبع على الجرح ..
قرية مسالمة يعيش اهلها على ضفاف نهر جار كان اهلها يتمتعون بخير وفير مما يزرعون إلا إن سنينا من الجفاف أضرت بأحوالهم وصار الناس يشكون العوز والفقر , في تلك الأيام تواردت ألأخبار إن حدثا غريبا أشبه ما يكون بالمعجزة حصل في بيت حجية سعيدة بطرف القرية فتسارع الناس اليه ليشاهدوا ما حصل فوجدوا إن حمارة الحجية سعيدة البيضاء ولدت جحشا أسودا له غرة بيضاء وذنب ابيض وأذنان يخطان على جنبيه .
استبشر الناس وأهل الدار خيرا بعد أن شرحت لهم حجية سعيدة إن هذه الحالة النادرة معجزة من السماء وانها لم تحصل في تأريخ الحمير أبدا وهي بشارة خير كبير سيأتي للقرية واهلها فالأذان الطويلتان على جنبي الحمار تعني الرزق الوفير والذيل الأبيض يعني حسن العاقبة والغرة البيضاء تعني رضاء الله عنهم واقسمت لهم ان هذا الجحش الوليد هو جحش مبارك وعلى الجميع الإعتناء به واحترامه والتعامل معه معاملة خاصة تليق بمقامه الرفيع .
صار أهل القرية والقرى المجاورة ياتون لمشاهدته طلبا للبركه. حاملين معهم انواع الحبوب من الحنطة والسمسم والرز العنبر وحتى الهيل يقدمونها علفا له وبكميات كبيرة جدا . ولانه مازال جحشا رضيعا لا يأكل العلف صار أهل حجية سعيدة ينعمون بتلك الخيرات ويقوموا بتخزينها وتسويقها وجني الأرباح منها.
أما النساء في القرية اللواتي تأخر زواجهن أو تأخر انجابهن او كثرت مشاكلهن مع الرجال من تداعيات طول اللسان وقلة الإحسان وشحة الميزان فكانت النذور تنهال منهن على بيت اهل الحمار من أساور الذهب وكل ما هو ثمين وما لم يخطر ببال .
انتبه حكيم القرية وشيخ مشايخها للامر ولحاله فوجد نفسه وحيدا ومضيفه فارغا فلا احد يزوره او يستشيره او يأخذ رأيه فالناس صارت تحج الى بيت الجحش الأسود ذو الذيل الأبيض والأذنين الطويلتين لتستشيره وتاخذ الرأي منه فجمع المشايخ وأخوته وقال لهم ؛ لنحزم اغزاضنا ونغادر هذه القريه.
أستغرب الشيوخ واخوته منه وسألوه عن السبب فهو الحكيم والكبير ومعروف عنه الصبر وبعد النظر والقول السديد ولابد من بقاءه في القرية لحاجة الناس اليه فرد عليهم قائلا . ربما بعد الآن سيصير لزاما علينا أن نزور الجحش ونقدم له الطاعة وربما نبايعه نزولا عند رغبة أهل القريه أو نكون في نظرهم أناس ملعونين .
ثم تحسر حسرة وصلت الى شغاف القلب ونظر في عيون الحاضرين بحيرة وحزن وقلق وانشد بيتا من الشعر الدارمي ( صار الجحش يفلان هوه الجعيده ، نعله اعلا ابو التحكيم لابو اليريده) ...
https://telegram.me/buratha