بهاء الخزعلي ||
من المعروف لدى الشعب العراقي حبهم لحفظ الأمثال وأطلاقها في محلها، وفق ما يتطابق من القول لحادثة ما، وقصة المثل القائل "دلي مسعود بلطم الخدود" يتطابق كلياً مع حال حكومة الأقليم في شمال العراق، لكن في قصة المثل يكون مسعود هو المظلوم الذي دائماً يبتلى بأمر محزن يجعله يلطم على وجهه، لكن (مسعودنا) لم يكن مظلوماً يوماً بل هو ماكر دوماً وغير معني بسلامة شعبه الكردي كما يدعي، وأهم ما يخالج خاطره هو سيطرة عائلته على موارد شمال العراق.
لكن يبدوا أن هناك من خطط لمسعود هذه المرة ودفعه بأتجاه معين قد يلطم الخدود لاحقاً، وهذا المخطط يرغب بتنفيذ مشروع التقسيم في المنطقة وفق أسس عرقية وطائفية، ويبدو أنه دعم ذلك منذ عام ٢٠٠٣ لخلق إدارة مركزية كردية في شمال العراق، وذلك ما لم يحظى به أي من الكرد في تركيا وإيران وسوريا خصوصاً بعد أعتقال الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، وكذلك عدم ثقة الداعمين لمشروع الكرد بمبادئ الزعيم الكردي الراحل جلال طالباني بأعتباره قريب من المعسكر الأشتراكي.
فقرر الداعمين للمشروع الكردي دفع حكومة الأقليم بأجراء أستفتاء شعبي للأنفصال عن العراق عام ٢٠١٧، وكانت هذه المحاولة البائسة كفيلة بكشف نوايا حكومة الأقليم بقيادة مسعود البرزاني، لكن من أهم أسباب فشلها هو قوة حكومة المركز في ذلك الوقت، والاستفادة من تحقيق النصر على داعش بفضل المجاهدين من الحشد الشعبي وفصائل المقاومة والأجهزة الأمنية، وكذلك الرفض القاطع لحكومات إيران وسوريا وتركيا لهذا الأستفتاء، كما أن الولايات المتحدة رفضت هذا الأستفتاء بداعي أن توقيته غير مناسب.
لذلك لخلق أجواء مناسبة لمثل هذا المشروع يجب التمهيد له ليتم بطرق سلسة دون وجود معوقات فكانت الخطوات كالآتي...
ـ لجأ مسعود الماكر بتخطيط من داعميه لرفع حالة أحتواء المعارضين الكرد من كرد إيران وكرد سوريا وكرد تركيا، وعلى سبيل المثال هناك أسماء كثيرة من هؤلاء الكرد يستلمون رواتبهم من الحكومة العراقية بداعي أنهم موظفين في حكومة الأقليم.
ــ بناء معسكرات للحركات الإرهابية التي تسميهم حكومة الأقليم اللاجئين الكرد ويتم تدريبهم من قبل عناصر من الموساد والأميركيون والاستفادة منهم لتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي التركية والإيرانية لزعزعت الأمن في دول الجوار، وهذا الأمر مخالف للدستور العراقي الذي يمنع أستخدام أراضيه للأعتداء على دول الجوار.
ــ دعم حكومة الأقليم تظاهرات تشرين من حيث الدورات السرية التي أستضافتها قبيل أنطلاق التظاهرات عام ٢٠١٩، أو من خلال أحتضان الذين ثبت جرمهم وعمالتهم للخارج بعد أنتهاء التظاهرات.
ــ أستثمار توجيه التظاهرات حينها للنيل من رموز المكون الشيعي من خلال حملات التسقيط للساسة والأحزاب الشيعية بل وحتى محاولة تسقيط الحشد الشعبي وفصائل المقاومة لأضعاف القرار في المركز وجعل المكون الشيعي في موقع الدفاع وليس الهجوم والتصدي لأي مفاجئة تحصل، والأستفادة كذلك من وصول المبخوت لرئاسة الوزراء والذي قام بتوفير الدعم المادي لهم على شكل دفعات دون تنفيذ الشروط التي كان من المفترض أن ينفذها الأقليم أتجاه حكومة المركز.
ــ دعم حكومة الأقليم لمشروع الحرب الشيعية الشيعية من خلال تغذية الخلاف السياسي بين الإطار والتيار لأضعاف الشيعة بأعتبارهم العقبة الحقيقية التي تقف بوجه مشروع تقسيم العراق أما بالنسبة إلى الأخوة السنة فهم متفقين مع الكرد عن قناعة بالسعي للحصول على أقليم سني.
● الخطوات الأخيرة للمشروع :
ــ دعم تظاهرات المنحطين في داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومصاحبة تلك التظاهرات تنفيذ عمليات أرهابية من قبل المجاميع الإرهابية التي تأويها حكومة مسعود البرزاني في شمال العراق، ويتم من خلال عناصرها أستهداف مقرات الحرس الثوري الإيراني لخلق صعوبة بالتصدي لقضية التظاهرات المنحرفة التي طالت شوارع الجمهورية، بغية أضعاف الجبهة الداخلية في إيران.
ــ يصاحب التظاهرات الإيرانية تظاهرات في العراق لخلق فتنة شيعية شيعية لضرب فصائل المقاومة فيما بينها وأضعاف المقاومة العراقية والتي تعتبر حليف إستراتيجي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبذلك يتم أضعاف الجبهتين.
ــ سيكون نتاج ذلك المشروع مطالبات كردية من الكرد الإيرانيين بالأنفصال عن إيران كأقليم ويتم دمجه مع أقليم شمال العراق بدعم أممي كما هو مخطط له.
● التحديات:
ــحملة الأعتقالات الواسعة التي قامت بها أجهزة الأمن الإيرانية على عناصر عميلة للخارج كانت تؤجج وتخرب وتدمر المحلات والأسواق لخلق نوع من الفوضى، وكانت نتائج التحقيق معرفة الداعمين الخارجيين لتلك الفوضى.
ــ بعد كشف المخططين والداعمين للمشروع مبكراً كان الرد الإيراني بإستهداف جميع معسكرات هذه الجماعات الإرهابية في شمال العراق بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة.
ــ حنكة وحكمة قادة الإطار أفشلت مخطط الأقتتال الشيعي الشيعي مما فوت الفرصة على حكومة الأقليم للأستفادة من ذلك المخطط للأنفصال بأقليم كردي يكون بداية لتنفيذ مشروع التقسيم لا سمح الله.
● ختاماً
يبدو أن مسعود سيتلقى كثيراً من لطم الخدود بعد كشف المخطط وفشله بصورة واضحة، فتارة تقوم تركيا بقصف الأراضي الذي يدعي أنها أراضي الأقليم الذي هو رئيس حكومته، وتارة إيران تقصف تلك الأراضي، وكلا الطرفين يستهدفون مواقع عسكرية لمعارضين من بلدانهم يأويهم مسعود سراً أو علناً، ولأن القتلى بتلك المواقع هم من الكرد الغير عراقيين فلا يوجد مبرر حقيقي لمنصات حكومة البرزاني وقد يعود ذلك بالضرر على مسعود برزاني كزعيم كردي حيث أنه أثبت فشله بحماية الكرد الذين آواهم مما يدل على ضعفه وعدم مبالاته بشأن الكرد مما سيجهض حلم الدولة الكردية قبل أن تولد، وذلك الشعور سينتقل بين قلوب محبيه لاحقاً مما يفقده الزعامة هو و عائلته بالكامل.
ومن الموروث الشعبي أن توصي جداتنا بأن ندعوا (أبو غيمة الزركَة) لينصرنا وهذا الدعاء بالمنظور السياسي هو أختيار الحليف المناسب وما أسعد الأنسان أن يكون الله سبحانه وتعالى حليفه بالنصر والنجاح، لكن الفشل المتكرر لحكومة الأقليم يبدو أن أسبابه أختيار حليف غير مناسب ويدعونه دائماً لينصرهم قائلين (أنصرنا يا أبو نجمة الزركَة).
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha