المقالات

نجاح الحكومة يعني انقلابا..!

1489 2022-10-23

حافظ آل بشارة ||

 

الحكومة المقبلة كغيرها من الحكومات في العالم ، توليفة سياسية مكونة من رئيس الوزراء ووزراءه وبرنامجه ، من ناحية البرنامج فالعراق اكثر البلدان لديه برامج حكومية ، الاحزاب تكتب برامج انتخابية تنفيذية في كل انتخابات ، ومجالس المحافظات تكتب ، والحكومات الماضية تكتب ، ورغم ان احزاب البلد اما طائفية او قومية او مناطقية او عديمة اللون لكنها تكتب برامج انتخابية رائعة لكل الدولة ،  البرنامج الحكومي هو عبارة عن حلم مثالي ، لكن الغريب في العراق ان برنامج سنة 2005 نفسه يصلح لسنة 2022 دون حذف او تعديل في اولوياته وفقراته ! لماذا لأن ذلك البرنامج وكل ما تلاه من برامج لم ينفذ منها شيء ، لذلك فهي تحفة ولوحات فنية تصلح لكل الحكومات ، حاليا العراق ليس بحاجة الى كتابة برنامج بل يبحث عن منفذ برنامج حر مختار . خبراء التخطيط ينصحون بدراسة تجارب الفشل في الحكم اكثر من دراسة تجارب النجاح ، اذن السؤال هو : لماذا فشلت الحكومات المتعاقبة في تنفيذ برنامجها ؟ يجب تحديد اسباب الفشل واعتراف الفاشلين بفشلهم ، وان لا يحاول البعض ان يدافع عن فشله او يلصقه بالآخرين ، ويجب تصنيف اسباب الفشل بدقة فما هو الفشل الذي كان سببه القوى الاجنبية واملاءاتها ؟ وما هو الفشل الذي كان سببه العراقيون واحزابهم وساستهم ؟ ثم تأتي خطوة اصلاح اسباب الفشل وليس فقط اصلاح نتائج الفشل ، يجب خياطة الجرح وليس مسح النزيف.

القضية الاكثر اهمية ان لا يتم تقييم تجربة الفشل بالطريقة (التجزيئية) بل بالطريقة (الموضوعية) العميقة ، الفشل والفساد في العراق ليس مجرد سلوك افراد منحرفين وانما هو مخطط ومنظومة معقدة وعميقة تسمى (دولة المافيات)  اوجدتها القوى الاجنبية والسفارات ومؤيدوها فحكمت البلد منذ 2003 ، ويوجد داخل المنظومة كثير من الشرفاء والمخلصين والقوى السياسية المحترمة ، الا انهم عاجزون عن الوقوف بوجه الطوفان ، وهذا يعني ان عملية الاصلاح التي تريدها الحكومة الجديدة عملية تشبه الانقلاب ، لانها تريد تغيير النهج المافيوي للنظام السياسي الى نهج حكومي دستوري ، وخلافا لما تريده قوى التدخل الاجنبي ، وخلافا لمصالح المافيات الوطنية ، وهنا تكمن صعوبة التحول ، خاصة وان عمر الحكومة المتوقع ربما لا يسمح بهذا النمط من التغيير العميق ، ومقاومة المافيات للتغيير ستكون مقاومة ضارية ، خاصة وانها تنتمي الى كل المكونات السياسية وليست تابعة لمكون دون غيره ، وقد توحدها التهديدات مثلما تفرقها المكاسب ، والمؤسف حقا ان الخلافات الحالية على الحصص بين القوى السياسية هو الذي يؤخر تقديم الكابينة لغاية الآن ، وهذا ايضا يعد نوعا من الانسداد المتعمد لأجل المصالح الضيقة ، وهذا السلوك التعطيلي سيؤدي الى تدن اكثر في سمعة ومصداقية اغلب القوى السياسية من كل المكونات.

سبب آخر للتعطيل تلك الحقيقة التي تقول : ان نجاح اي رئيس وزراء في ظروف العراق الحالية قد يؤدي الى تحوله الى حالة رمزية مثل حالة عبد الكريم قاسم ، ومن الرمزية ينتقل الى حالة الفريق السياسي الاستقطابي ثم تيار اجتماعي جارف ، وهذا معناه ان اغلب القوى التقليدية سيتراجع نفوذها ، خاصة وان الشارع مستعد للالتفاف حول كل من يتوقع فيه املا للانقاذ بعد هذه الرحلة الطويلة من الفشل والفساد وفقدان مقومات الحياة الكريمة ، فهل ستكون مثل هذه التحولات موضع ترحيب لدى القوى السياسية من كل المكونات ؟ وهل تسمح معادلات الاحتلال بمثل هذا التحول ، الم تكن بعض السفارات شريكة في تكريس هذا الواقع المرير وتتمنى بقاءه ؟

هذه ليست دعوة للتشاؤم بل دعوة للشعب والقوى المخلصة ان تستثمر تشكيل الحكومة الجديدة للتصحيح الحقيقي بجهد سياسي سلمي وتعاون وتضامن ، ولا توجد قوة في الارض قادرة على افشال التغيير اذا كان مستندا الى تحالف سياسي موحد ، وشعب مؤيد وداعم ، وفريق تنفيذي مخلص ومتماسك فهل سيحصل ذلك ؟

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك