إكرام المحاقري ـ اليمن ||
طغت المصلحة والأيدولوجيات الدخيلة في الأنظمة المطبعة في منطقتنا، فعملت على التفريط بالمقدسات الإسلامية وكرامة المسلمين وتضخيم الصيهونية ومصالحها في المنطقة، ليتوجه الصهاينة أخيرا للتوغل في الجزيرة العربية وبسط السيطرة على رأس الهرم في تلك الدول لتمرير المخططات تحت مسميات مزعومة ومموهة كالتطبيع والتعاون والعولمة. فيما كان هذا في الحقيقة باكورة نتائج الحرب الثقافية الناعمة التي شنها العدو الصهيوني منذ إصدار وعد "بلفور"، بل ومن قبل ذلك، حين شن الغرب حرب المصطلحات على المسلمين، وتلاعبوا بورقة الدين بحرفية خبيثة.
وعد "بلفور" الذي أطلقه وزير بريطانيا "آرثر جيمس بلفور"، في العام 1917 إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، بعد ثلاث سنوات من المفاوضات بين الحكومة البريطانية واليهود البريطانيين، والمنظمة الصهيونية العالمية، واستطاع الصهاينة من خلالها إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا الخبيثة، والحفاظ على مصالحها في المنطقة، ومنع توحد العرب والمسلمين عبر تقسيمهم، وزرع كيان شيطاني في وسط منطقتهم.
فذلك الوعد المشؤوم المتوافق مع المصلحة البريطانية في المنطقة ما يزال قائما حتى اللحظة، فقد زرعت السياسة البريطانية العدو الصهيوني في فلسطين، ومن ثم قامت أمريكا برعاية هذا الكيان في الدول العربية بطريقة أخرى، لكن الحقيقة الأهم تبقى في أن كل هذه التحركات المشبوهة مرتبطة بأهداف ذلك الوعد الذي حقق ما كان يحسبه اليهود والصهاينة مستحيلا بالنسبة لهم، فهم اليوم يتمتعون بكامل الصلاحيات في بعض الدول العربية المطبعة، واصبحوا يطمحون إلى أكثر مما هم عليه اليوم من الاحتلال لفلسطين وتدنيس القدس، فالبحرين مثلا إنموذج واضح لتفعيل تلك المخططات، حيث وقد حذر سياسيون عرب واجانب عن خطوات تعتبر تمهيدا لاحتلال البحرين من قبل الصهاينة تشبه خطوات الاحتلال التي مهدت للوعد المشؤوم في فلسطين.
اصبحت الدول العربية للاسف الشديد تمتلك تاريخ حافل بالعمالة والانبطاح الذي تجلى بشكل فاضح خلال العقود الأخيرة، بل اصبحت الإنظمة العميلة هي من تقوم بتحقيق وعد بلفور بتسارع عجزت عن الإتيان بمثله بريطانيا نفسها التي أنصدمت بالمقاومة الفلسطينية، فخيانة القضية وتمميع الحقوق من قبل الأنظمة العربية هو من سهل الأمر، بل وجعل من العدو الصهيوني يتطلع للسيطرة على باب المندب وذلك بالتوغل العسكري في الجزر اليمنية مثل جزيرتي (ميون وسقطرى) بغطاء سعودي إماراتي، ليصبح مشروع التطبيع أشد خطرا من الوعد الذي جعل الصهاينة يطأون منطقتنا.
لذلك ما يجب على الجميع إدراكه أخيرا هو أن بريطانيا كانت وما زالت واقفة خلف التحركات الصهيونية، وأن الكيان الصهيوني صنيعة بريطانية لتمرير المخططات والجرائم واستهداف الجزيرة العربية، وهو ما يحدث اليوم في اليمن والبلدان الأخرى من حروب واحتلال ونهب للثروات تحت الغطاء الخليجي، والواقع يوضح تمرير خطير لذلك الوعد ليس فقط في فلسطين، لكن في الجزيرة العربية بشكل عام، حينها ستظهر بريطانيا في واجهة الصراع، كما حدث أخيرا مع الأمريكيين، ولكل هذه تبعات لها نهاية محتومة كانت قد بدأ تاريخها في جنوب اليمن آنذاك، في 14 أكتوبر 1963، ويلية 30 من شهر نوفمبر 1967م، ولهم وقفة مع هذه التواريخ، ليراجعوا حساباتهم مجددا.
كاتبة صحافية ـ اليمن
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha