المقالات

اعلان نوايا..!


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

لو كان المنهاج الوزاري لحكومة السيد السوداني قد كتب على اساس المنهجية التي اقترحتُها قبل كتابته وهي تبويب المنهاج الى ثلاثة ابواب هي: باب المهام العاجلة وباب المهام المتوسطة المدى وباب المهام بعيدة المدى، لكن من الاسهل علينا متابعة خطوات الحكومة واجراءاتها وتقييمها. ولأني لست معارضا لحكومة السوداني، كما كنت بالنسبة لحكومة الكاظمي، وانما انا مراقب بحذرٍ، وشيء من الامل والتفاؤل لقراراتها حتى الان، فاني اعيد الكرة على الحكومة، حيث لم يفت الوقت بعد، وادعوها الى  اصدار "اعلان نوايا" يتضمن تبويب تصورها للمهام على هذا الاساس خاصة واننا نشهد ان السوداني مازال منهمكا بتصفية تركة المرحلة المظلمة التي مثلها الكاظمي وحكومته الهزيلة. علما ان هذا الانهماك ليس مضيعة للجهد والوقت بل لعله يمثل المهمة العاجلة الاولى للحكومة الحالية، لان حجم التخريب والفساد الذي احدثه الكاظمي هو من اسوأ ما حصل للعراق منذ سقوط صدام الى توليه الحكم في غفلة من الزمن. ومع ذلك فلا ينبغي التوقف عند معالجة تركة الفترة المظلمة، وانما يجب معالجة ايضا تركة فترة المحاصصة (من ضمن  مفردات باب المهام المتوسطة)، ويجب ايضا معالجة تركة فترة الدكتاتورية (من ضمن مفردات باب المهام البعيدة المدى). وبذا تضع حكومة السوداني العراقَ على الطريق المؤدي الى البناء، وهو الوجه الاخر للتغيير، حيث ان معالجة التركات في ابعادها الثلاثة تمثل جانب الهدم في التغيير، على اعتبار ان العملية التغييرية تستبطن في ان واحدد وجهين هما: الهدم والبناء. ولا ينبغي التوقف عند (الهدم) وانما لابد من الشروع بالوجه الثاني اي (البناء). وهنا ايضا يكون البناء على ثلاثة ابعاد هي العاجل والمتوسط والبعيد. وهذا ما ادعو السوداني اليه بقوة من اجل ان يشهد الجمهور ايجابيات ملموسة في خطوات حكومته.

وقد لا يجادل كثيرون في ان من المهام العاجلة استعادة بل بناء ثقة الشعب بالدولة والحكومة. فليس سرا ان المجتمع العراقي قليل الثقة بحكوماته منذ بداية الدولة العراقية الحالية الى اليوم. وقد لا نبالغ بالقول ان ثقة الشعب بالدولة وصلت الى ادنى مستوياتها في الفترة الاخيرة، وهو ما تجلى بعزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات، وتصاعد دعوات الغاء النظام البرلماني والعودة الى النظام الرئاسي، ونبذ الحزبية فكرةً وممارسةَ، وتراجع الايمان بالديمقراطية نفسها، وهذا امر خطير، لانه يمثل قبولا ضمنيا بالدكتاتورية حتى مع تغيير المصطلحات والاوصاف والكلمات.

وليس من الصعب تصور الامور العاجلة التي تساعد على بناء الثقة واستعادتها، ومنها:

اولا، محاربة الفساد: قد يكون هذا من المهام التي تستغرق وقتا طويلا، لكن الشروع به ضمن رؤية متوسطة او بعيدة المدى يساعد على منح الشعب العراقي ثقته للحكومة.

ثانيا، تحسين الخدمات: يمثل هذا من ابرز معالم الدولة الحضارية الحديثة. والخدمات، خاصة الصحية والتربوية وغيرها،  تشمل كل جوانب حياة الناس بشكل مادي يمكن تلمسه وقياسه. وتمثل هذه المهمة اقترابا مباشرا وملموسا بحياة الناس، ويبدو من بعض خطوات السوداني المعلنة انه مهتم بهذا الامر. ولكن الامر لا يقتصر على الزيارات الميدانية والقرارات الفورية، انما يحتاج الى العمل وفق خطة واضحة تتضمن، مثلا،  تحسين اوضاع المستشفيات والمستوصفات ومعالجة الاوضاع السيئة فيها والتي شهد السوداني بعضها. وعلى السوداني ان يحسن استثمار اموال الدولة وعائدات بيع النفط بافضل طريقة ممكنة في مجال تحسين الخدمات.

ثالثا، حكم القانون: يثق المواطن بالدولة متى ما شعروا ان العلاقة بينه وبينها تقوم على اساس القانون الذي يساوي بين المواطنين، ولا تقوم هذه العلاقة على اساس الوساطة والمحاباة والتحيزات الشخصية والفئوية.

رابعا، فرض الامن. يساعد فرض الامن من قبل الدولة عن طريق شرطتها واجهزتها المختصة على نمو شريحة المعتدلين في المجتمع ويقطع الطريق على فئات المتطرفين من اي اتجاه كانوا. كما يساعد على ازدهار الحياة الاقتصادية ونشاط القطاع الخاص.

خامسا، وقبل كل هذه النقاط تأتي مسألة تحسين الحالة المعيشية والحياتية للافراد وتعظيم مواردهم المالية عبر طرق شتى بعضها تقوم بها الحكومة ويقوم الافراد بالبعض الاخر بدعم من الحكومة. وفي هذه النقطة بالذات على السوداني ان يستمع الى الخبراء ورجال الاعمال والاقتصاد الذين قدموا مقترحات بنّاءةً في هذا المجال، فلا اعيدها.

 

 

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك