عدنان جواد ||
في فترة ما سمي بالربيع العربي، اندلعت تظاهرات في بعض الدول العربية، وخاصة الدول التي تحكمها انظمة رئاسية، كانت المطالب الرئيسية فيها هي الديمقراطية ونشر العدالة و الحرية واسقاط الانظمة الدكتاتورية، بعد ان تم اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق بالأسلحة والقوات الامريكية، وتحولت تلك التظاهرات السلمية المطلبية الى تظاهرات عسكرية تستخدم فيها الصواريخ والقنابل ، وتسخير الاعلام العبري والعربي والغربي ، ووسائل التواصل بجميع انواعها، فاخضع الراي العام لغسل دماغ، فتحول الحق الى باطل ، والكذب الى حقيقة، فسقط بن علي في تونس، وسقط معمر القذافي في ليبيا، واستبدل نظام حسني مبارك بحكم الاخوان وبعدها تسليمه للعسكر بقيادة السيسي في مصر، وانقلاب في السودان وسيطرة العسكر، ومحاولة قلب النظام في سوريا عام 2011، التي اصبحت ساحة للمعارك والصراعات الدولية، وتعاني اليوم العوز والفقر بعد ان كانت اشهر الدول في المنطقة التي تشتهر بالصناعة المحلية.
واليوم وبعد مضي اكثر من عشرين سنة على بداية الربيع العربي، لازالت الدول التي حدثت فيها تلك التظاهرات تعاني من عدم الاستقرار والفوضى، فالجميع يعرف ما يجري في العراق من فوضى وفساد ، ومن يقوده هي الولايات المتحدة الامريكية فهي الحاكمة الفعلية منذ 2003 ولحد الان، وما يحدث في ليبيا من تقسيم وتحطيم لقوة تلك الدولة، وما يحدث في السودان واليمن، وان المسبب الرئيسي لتدمير تلك الدول اسرائيل وبريطانيا وامريكا، طبعاً تساندها بعض الدول العربية بالأموال والاعلام ، فالجزيرة والعربية كان لها دور فاعل في اسقاط انظمة واشعال حروب داخلية فتنوية، مرة بين احزاب سياسية ، ومرة بين طوائف دينية ، واخرى بين قوميات واعراق ومناطق جغرافية، والمحصلة النهائية تحطيم جيوش تلك الدول، وتحويلها من دول قوية الى دول ضعيفة وفاشلة،
وقفت بعض الدول مثل روسيا بوتين وريث الاتحاد السوفيتي وايران ومن خلفهما الصين بوجه هذا المشروع، فأنقذت بشار الاسد من السقوط، وحاولت منع التحرك على دول اخرى، ومنعت سيطرة داعش على العراق وسوريا وتقسيم البلدين وضياعهما، فأفشلت مخططات معدة مسبقاً، فتطلب من تلك الدول المهيمنة تحريك الشارع واشعال الحروب ضد روسيا نفسها ، فتم تحريض رئيس اوكرانيا لاستفزاز روسيا واندلاع الحرب هناك لإضعاف روسيا، وتحريض الشارع في ايران ضد الحجاب بداعي الحرية للمرآة لإضعاف نظام الجمهورية الاسلامية في ايران، واستفزاز الصين بتايوان واقليم الايكور ذي الاغلبية المسلمة، ويبدو ان سلاح التظاهرات صار السلاح الفعال في اسقاط الانظمة والحكومات، وشاهدنا ماذا فعلت في ايران من تحريض واستخدام الناشطين المدنيين في تخريب البلاد واشعال الفتنة عبر الذباب الالكتروني الذي يحرض على الفتنة والحرق واضرام النار في الاماكن المقدسة، واسقاط العمامة وهي رمز محترم في ايران، وايضا كان الدعم غربياً وإسرائيليا وامريكياً وبعض الدول العربية بالأموال والتحريض، والكثير من جنودهم من ابواق الفتنة من الناشطين في تويتر والفيس بوك وجميع وسائل التواصل واصحاب المحتوى والذين يتم تجيشهم للتخريب في بلدانهم، وراينا كيف تتحكم الولايات المتحدة الامريكية في السلطة في العراق وكيف تسقط من لا ترضى عليه بتأجيج الشارع ضده، واليوم التظاهرات في الاردن ، عادت نفس الشعارات" الشعب يريد اسقاط النظام" و "الشعب يريد اسقاط النواب" و " وليش نلف وندور عبدالله انت المسؤول" ، فهل انتقل الدور على الملوك في المنطقة بعد ان كانت محصنة كراسيهم من السقوط ام انها قرصة اذن لملك الاردن الذي انتقد سياسة اسرائيل في التوطين، وطرح الوطن البديل للفلسطينيين، والسيطرة على القدس الشريف، وتحذير للسعودية واميرها بن سلمان بالذهاب نحو الصين وتوقيعه اتفاقيات اقتصادية كبيرة معها، ومع الاسف البعض ممن يطلقون على انفسهم اعلاميين حيادين، او نشطاء سياسيين ، يرمون الزيت على النار، في بلدانهم من اجل الحصول على بعض الدولارات، ويدعون الوطنية وغيرهم ذيول لانهم يقفون ضد تخريب الدول واستقرارها، فهم يشجعون التظاهرات في العراق وايران وسوريا وبانها محقة حتى لو تم قطع المتظاهرون الطرق وحرقوا المؤسسات وتعطيل الدولة وقتل الناس، ويرون التظاهرات في بلدان اخرى غير قانونية وان المتظاهرين خارجين عن القانون!، فقتل الشرطة لمواطن اسود في الولايات المتحدة الامريكية امر مشروع، وقتل متظاهرة في المانيا وفرنسا امر قانوني، وقتل الناس وتصفيتهم في فلسطين امر فيه وجهة نظر، واحتجاز امرأة في ايران تحرض على العنف امر في غاية الخطر!، فهاهم الذين حرضوا على التظاهرات في وسط وجنوب العراق وايران، بداعي حقوق الانسان اليوم يصفون متظاهري الاردن بالخارجين عن القانون، وانهم قطاع طرق وغوغائيين واخوان وداعشيين، لانهم قد وضعوا اموالهم في الاردن بعد ان فقدوا التي وضعوها في لبنان، وندائهم ليس حباً في الاردن وانما حفاظاً على مصالحهم
الشخصية، نعم هناك مطالب حقه للناس بالعيش الكريم، لكن فقدان الامن والاستقرار لا يمكن اعادته اذا فقد فالفوضى تدمر الدول وتجعلها ضعيفة وفاشلة وهشة ، فينبغي تشخيص مثل هؤلاء الذين يحرقون بلدانهم بإشارة من محرضهم المستفاد الاول والاخير.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha