د.مسعود ناجي إدريس ||
• سؤال: عندنا رواية عن الإمام الباقر (ع) قال فيها: «الناس کلهم بهائم...» أصول الکافي ، ج 3,531 ماذا يقصد بهذا الوصف الذي وصفه للناس؟
• جواب: السؤال يتعلق بالحديث التالي الذي رواه كامل تمار عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام): «عَنْ کَامِلٍ اَلتَّمَّارِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَیْهِ اَلسَّلاَمُ یَقُولُ: اَلنَّاسُ کُلُّهُمْ بَهَائِمُ ثَلاَثاً إِلاَّ قَلِیلاً مِنَ اَلْمُؤْمِنِینَ وَ اَلْمُؤْمِنُ غَرِیبٌ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.» (١)
جاء هذا الحديث في مصادر موثوقة وله وثيقة حقيقية.
من حيث المحتوى، يمكن فحص معنى هذا الحديث، أي أن "مقارنة الناس بالحيوانات بسبب حقيقة أن المؤمنين الحقيقيين قليلون وغربيون بين الأغلبية" وهذا السبب صحيح على الخصوص لو نظرنا للموضوع من عدة زوايا:
مضمون هذا الحديث لا يتعارض مع أدبيات ومنطق القرآن الكريم في مقارنة بعض الناس بالبهائم والأنعام في بعض الآيات ومنها الآيتان التاليتان حيث نوه لهذا التشبيه بوضوح:
١. «وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ کَثِیرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا یَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْیُنٌ لَّا یُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا یَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُو۟لَـٰٓئِکَ کَالْأَنْعَـامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُو۟لَـٰٓئِکَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ.» (٢)
٢. «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَکْثَرَهُمْ یَسْمَعُونَ أَوْ یَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا کَالْأَنْعَـامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا. » (٣)
٣. «... وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ ۚ فَمَثَلُهُۥ کَمَثَلِ ٱلْکَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُکْهُ یَلْهَث ۚ ذَّلِکَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِینَ کَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا....» (٤)
في هذه الآية تم الإشارة إلى قصة بلعام بعور الذي كان عالماً عظيماً ، وكان في البداية على الطريق الصحيح ، بحيث لم يتوقع أحد انحرافه ، وفي النهاية دنيويته واتباع غروره أدى به إلى السقوط ، وشبهه الله بكلب مسعور.:«فمثله کمثل الکلب ان تحمل علیه یلهث اوتترکه یلهث»
كما يُفهم من تشبيه البشر بالحيوانات في آيات القرآن الكريم ، فالمعنى أن لديهم عيون وعقول وقلوب، لكنهم لا يستخدمونها في البحث عن الحق ليسلكوا طريق الله المستقيم. باستثناء عدد قليل من الناس الذين يستفيدون من هذه النعم التي انعم بها الله عليهم ليقتربوا ويقوّا إيمانهم بالله. لذلك فإن ما قصده الإمام المعصوم (عليه السلام) في الواقع من تشبيه البشر بالحيوان هو تاكيد على ما قصد الله تعالى في القران وسبب مقارنة البشر بالحيوان في الحديث المذكور أيضا لعدم وجود الفكر ، قلة الفهم ، هيمنة القوى الحسية والشهوات على العقلانية البشرية. لهذا السبب ، المؤمنون الحقيقيون قليلون وهم كلغرباء بين هؤلاء الناس.
• المصادر:
(١) الکافي ج2 242
(٢) الاعراف/197.
(٣) الفرقان/44.
(٤) الاعراف/ 176.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha