نعيم الهاشمي الخفاجي ||
المتابع إلى مايكتبه الاعلام البدوي حول الاحداث في سوريا والعراق ومناطق أخرى بمنطقة الشرق الاوسط، يصاب بالذهول، اتذكر بعام ١٩٨٢ وتحديدا في شهر حزيران، استعانت القوى الكتائبية بقيادة بشير الجميل وسمير جعجع وإيلي حبيقة بالقوات الإسرائيلية لاحتلال العاصمة اللبنانية بيروت، وبعد مقتل بشير الجميل، ارتكبت القوى الكتائبية جرائم بشعة بحق الفلسطينيين واللبنانيين في مخيم صبرا وشاتيلا والمناطق المحيطة بالمخيمين، حيث استشهد ٧٠٠مواطن شيعي لبناني غالبيتهم من بيت البعلبكي، مع ١٧٠٠ فلسطيني، عندما انتشر الخبر، خرج الشعب اليهودي في مسيرات ضد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أريل شارون الذي أشرف على العملية، حيث وقف على تل ومن خلال منظار يشاهد إجرام مليشيات الكتائب بحق الضحايا الفلسطينيين واللبنانيين.
الشعب اليهودي يرفض عمليات الابادة، بينما تجد فرح امين الجميل وأبيه البير جميل وجعجع وحبيقة، في أحداث الربيع تعرضت دول معينة عربية كانت تحكمها أنظمة جمهورية موالية إلى السوفيت إلى عمليات قتل وابادة لتدمير تلك الدول عقابا لمواقف تلك الأنظمة والشعوب المؤيدة لقضية الشعب الفلسطيني، بين حين وآخر تتعرض مواقع تحارب القوى الإرهابية بالعراق وسوريا إلى قصف مجهول من جهات أعلنت اعترافها بتنفيذ تلك العمليات، هذه الجهات تحتل أراضي دولة عربية،في كل عملية قصف تحدث، نشاهد الاعلام البدوي الوهابي يغمرهم الفرح والسرور، في الحروب بين الدول المؤثرة يتم استهداف تلك الدول ليس بشكل مباشر، تجنبا لحدوث صراع مباشر، وإنما من خلال دعم عصابات إرهابية أو من خلال فصائل مسلحة معارضة، أصبح تصنيع الطيران المسير ممكن من قبل الفصائل الإرهابية ومن القوى المعارضة التي تنتهج نهج المواجهة المسلحة، تعرض موقع قيل أنها عسكرية في محافظة بدولة داعمة لقوى المقاومة وداعمة لقضية الشعب الفلسطيني، شيء طبيعي، صراع بين دول، في أقل من ساعة كتب مستكبون من دول البداوة الوهابية غمرتهم السعادة وقال أحدهم هذه ( ليست المرة الأولى، فقد تمَّت هجمات على مواقع عسكرية ومنشآت سرية تتبع النظام داخل بلادهم)، وقال( هذه المرة الغارات كانت بطائرات مسيرة، نفس تكتيك …. في العدوان على جيرانها، السعودية والعراق والإمارات).
أقول إلى هذا الممسوخ، صناعة الطيران المسير بات ظاهرة تصنعها دول عظمى ودول نامية وعصابات وهابية تكفيرية وفصائل معارضة مسلحة، وليست هذه الصناعة مختصرة على دولة واحدة، الدول المتصارعة تصرف أموال طائلة لتجنيد عملاء لتنفيذ عمليات تفجير أو لسرقة معلومات مهمة، وهذا الأسلوب ليس جديدا، وقد طبق في العصور القديمة بصراعات الإمبراطوريات الكبرى، بل حتى في الصراعات القبلية يتم تجنيد العملاء والخونة لنقل المعلومات والأخبار للطرف الآخر.
صلات دول البداوة الوهابية مع قوى الاستعمار باتت واضحة، لذلك دول البداوة تفرح وتؤيد كل عملية تستهدف شعوب ودول معينة ترفض الانبطاح، وليس مستغربا فرح إعلام البداوة، صناعة الوهابية تمت من خلال قوى الاستعمار، وثائق وزارة الخارجية البريطانية التي سمح بتداولها تفضح الحركة الوهابية وتفضح ارتباط سعود الكبير مؤسس العصابة الوهابية الأولى بالاستخبارات البريطانية، وتفضح عبدالعزيز آل سعود الذي أسس له البريطانيين دولته الحالية السعودية في توقيعه على وثيقة بلفورد.
عندما هلك الإرهابي محمد زهران قائد المجاميع التكفيرية في غوطة دمشق، الاعلام الوهابي حزن على هلاك هذا المجرم، سُئِل الامام علي عليه السلام كيف نعرف أهل الحق في زمن كثرت فيه الفتن، فقال، (اتبعوا سهام العدو فإنها ترشدكم إلى أهل الحق ).
الوهابية تعيش في مستنقع الجهل والتخلف، والنصب والاحتيال في اسم الدين، بيئتهم المجتمعية بدوية تنتج امعات وجهلة، مصابين في أمراض نفسية مبنية على أسس غير صحيحة، وإنما على أوهام وشكوك وضنون واحقاد مذهبية ودينية بغيضة، لاتمت إلى دين الله عز وجل لامن قريب ولامن بعيد، يحكى أن رجلا زار أحد فلاسفة الرومان وقت الغذاء، فدعاه الفيلسوف إلى مأدبته، وعندما بدأ الرجل بشرب الحساء، بدا له وكأنه رأى فى الطبق أفعى صغيره، لكنه استمر فى الشرب مخافة أن يحرج الفيلسوف، وحين عاد الرجل إلى بيته ظل قلقا مما تناوله
وبالفعل أصابه ألم شديد فى بطنه أطار النوم من عينيه، وحين طلع الصباح قصد بيت الفيلسوف لعله يجد دواء لما يعانيه
وكم كانت دهشته عظيمه عندما أخبره الفيلسوف، أنه لم يكن فى الطبق أي أفعى
وإنما كان هذا إنعكاسا لصورة أفعى مرسومه على السقف، ولتأكيد قوله سكب له طبق حساء آخر ووضعه، تحت سقف حجرة الطعام فانعكست فيه على الفور صورة الافعى، واندهش الرجل أكثر حين أحس بزوال ألم بطنه فور معرفته بالحقيقة، وهنا قال له الفيلسوف:
الأفعى توجد فى عقلك فقط، فالوهم له قوة نفسيه عجيبه قد تتحول إلى واقع محسوس،فى نفس الإنسان المتوهم.
قبل قليل كنت اتابع بعض القنوات الإخبارية، قرأت خبر قيام انتحاري وهابي يصلي في الصف الأول في مسجد في مدينة بيشاور الباكستانية بتفجير نفسه على زملائه المصلين وقتل أكثر من ستين وأصاب مائة وخمسين اخرين، تصوروا فجر نفسه في جو إيماني وروحاني، جميع من استشهد وجرح عسكر من القوات الأمنية الباكستانية، وتصفحت المواقع السعودية ووجدت خبر التفجير الإرهابي في الصفحة الأولى للصحيفة سعودية معروفة، متخصصة بنقل اخبار التفجيرات الارهابية، ولسان حالهم يوحي أنهم فرحون بهذه الجريمة الإرهابية.
في الختام رحم الله الروائي البريطاني جورج أورويل، في قصته الشهيرة، ذكر حزب الأخ الكبير، ورفع شعارات بالقصة من قِبَل ما يدعى بالأخ الكبير، شعارات حزب الأخ الكبير تقول، الحرب هي السلام، الحرية هي العبودية
الجهل هو القوة.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
31/1/2023
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha