عدنان جواد ||
بعد استمرار فقدان الثقة بين الشعب والاحزاب السياسية الحاكمة، وذلك بسبب اخفاق الحكومات السابقة، وشاهدناه واضحاً في المشاركة المتدنية في الانتخابات الاخيرة، وهذا الامر يجبر الحكومة الحالية على الاسراع في انجاز حلول انية ملموسة لإعادة الثقة بالدولة والنظام السياسي.
طرحت حكومة السوداني برنامج حكومي واقعي، يتبنى اصلاحات اقتصادية في مجالات الزراعة والصناعة ودعم القطاع الخاص، وتنويع مصادر الدخل، ومعالجة الاثار البيئية والتصحر والتغيير المناخي وحماية الموارد المائية، وحل لازمة السكن وانهاء ظاهرة العشوائيات، ومحاربة الفساد واعادة الاموال المسروقة، ومعالجة ملف الكهرباء الذي فشلت الحكومات السابقة من حله رغم صرف المليارات من الدولارات لوزارة الكهرباء،
لكن هناك تحديات صعبة تواجه الحكومة منها خارجي والثاني داخلي، الخارجي المتمثل بالدول الاقليمية والجارة للعراق والولايات المتحدة الامريكية واوربا، فالدوافع الدولية المتعلقة بالأزمة الروسية الاوكرانية وطبيعة تأثيرها على الاقتصاد العالمي، وازمة الوقود والطاقة والغذاء العالمي، دفعت واشنطن وحلفائها المحافظة على الهدوء والاستقرار السياسي في العراق ودفع التأزيم لوقت اخر، خاصة وان الصين وروسيا وكوريا والشمالية تدعو دول اخرى مثل ايران والبرازيل والهند وحتى دول عربية حليفة لواشنطن تحاول سحبها اليها وانشاء قطب جديد ينافس القطب القديم المتمثل بالولايات المتحدة الامريكية واوربا، والداخلية المتمثلة بالخلافات السياسية بين الكتل والاحزاب ، والخلافات بين الاقليم والمركز في مجال تصدير النفط وتحويل الاموال للإقليم ، والمناطق المتنازع عليها.
الطموحات الشعبية كثيرة تحت عجز حكومي واضح في كافة المجالات، فهناك (5) مليون عاطل عن العمل، و62% من الاراضي الزراعية لاتزرع، و40% من المصانع متوقفة، ومساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي لا تتجاوز 3%، وقد ذكر ديوان الرقابة المالية ان نسبة الاراضي المهددة بالتصحر تبلغ (94) مليون دونم، ومساهمة القطاع الصناعي لا تتجاوز 2% ، ونقص الكهرباء حسب الانتاج الحالي (24) الف ميغا واط الى (35) الف ميغا واط، وتبليط الطرق وبناء الجسور وانشاء طرق جديدة لاستيعاب الزخم السكاني والبشري، والمشكلة المتعاظمة بإمكانية تخفيض سعر الدولار الذي بدا بالارتفاع بدل الهبوط، والثقب الاسود في الدولة العراقية المتمثل بالفساد واخرها سرقة الامانات الضريبية، والسلاح المنفلت، وعصابات الجريمة المنظمة كعصابات الاتجار بالمخدرات.
فينبغي على رئيس الحكومة محمـد شياع السوداني اذا اراد النجاح، في ظل هذه الظروف المعقدة، استغلال الوفرة المالية في مشاريع خدمية واضحة، وملفه الشخصي النظيف في محاربة الفاسدين، من باب( حرامي لا تصير من سلطان لا تخاف) ، والدفع بإقرار القوانين المهمة المعطلة، ومصارحة قوى الاطار بين الدولة واللادولة وبين القانون واللاقانون، والكف عن الرغبات غير المحدودة في المناصب والتعينات الحزبية في المواقع المتقدمة في الدولة، واخيرا ما حدث من ضجة في تعينات المستشارين، ومنح الفرص للمستحقين لها من الكفاءات من غير المتحزبين، وتطبيق القانون على الجميع فالمجاملة تضعف الحكومة، فاغلب احزاب السلطة تستغل تلك السلطة في تمشية امورها الخاصة، من مصارف وشركات وشخصيات لا تخضع للقانون ، حتى ان الجهات التنفيذية صارت مترددة في تطبيق الاوامر التي تصدر اليها من الحكومة، لأنها تخاف ارهاب تلك الجهات، وهذا الامر موجود في اغلب مؤسسات الدولة، فمن لديه معارف في السلطة تمشي جميع اموره، ومن لا يملك يطبق عليه القانون والبيروقراطية والروتين وكل انواع التعطيل، وفي الجانب الاخر مصارحة الشعب في كل خطوة يخطوها، والجدوى الاقتصادية من المشاريع الكبيرة كميناء الفاو وغيرها، حتى تتفهم الناس الهدف من تلك الاجراءات، فبالرغم ان مدة تولي الحكومة(100) يوم ، اطلقت الاتهامات وان السوداني حاله حال الكاظمي، وان الاحزاب الداعمة للسوداني هي من تحكم وتصدر القرارات، والبعض بدا بتشكيل معارضة سياسية، فالوقت يمضي والاحزاب لا تشبع والشعب يريد حقوقه الضائعة في جيوب السارقين طوال تلك السنين.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha