زيد الحسن ||
نحن الحالمون واقصد بكلمة ( نحن ) جميعنا ، انا وانت وهم ، نحلم بامتلاك الاشياء ، وحتى بامتلاك المقامات ، واحياناً نلهث حفاة العقول خلف غاية ما ، وسرعان ما نكتشف انها لا تساوي قشرة بصلة ، فنصاب بالاحباط ونشعر بقزميتنا بدليل اننا نعود لنحادث انفسنا ونقنعها بعدة حوارات هشة جداً .
الحلم المشروع ؛
نحلم ببناء اسرة ، ونفعلها و نخطط النظريات المثالية للمحافظة على هذا المنجز ، وتسير بنا الايام لنكتشف ان نظرياتنا كانت مقبورة تحت اقدام الواقع ، وان كل ماحصل معنا ترتيب من ترتيبات الاقدار ، ان كان النجاح حليف لنا انتفخت لنا الاوداج زهوا ، وفتلت لنا عضلات التباهي ، وان كان الفشل يطرق ابوابنا ويدخل ليتربع على عرش تهديم نظرياتنا نلوذ بفكرة ان الاقدار تعاندنا ، ولا نملك شيئاً يسعف خيبتنا ، ونعاود الاحلام علها تطوف سمائنا .
حب الذات ؛
جميعنا نعش ذواتنا ،حتى المرآت اشتكت لفرشات تصفيف الشعر ، هندامنا و عطرنا المميز الخلاب ، ملك خاص بنا ، ونعتقده بصمة قوية تضاف الى بصمة شخصيتنا ، فهل ياترى في خلواتنا رأينا هذا الجسد وهو عاري كم هو ضعيف ، وكم هو يستحق الشفقة ، فايروس صغير يجعل الادوية تمزق الاوردة و الشرايين ، ونظراتنا الى طبيبنا بتوسل فيها من الجبن الشيء الكثير ، فهل تستحق هذه الحياة كل هذه التنازلات ؟.
فرق بين الاحباط وبين ان تكتشف انك بلا حول وقوة في كل مراحل حياتك ، بعد ان يعلو الشيب في مفارق الرؤوس ندرك قرب الاجل ، ونحاول ترميم انفسنا من الخارج ، ونهمل دواخل الروح ، هذه الروح المسكينة التي تحملت كل مراحل العمر ، لقد انهكناها برعونتنا ايام الطفولة ، وفي شبابنا حملناها ما لاطاقة لها به في نزقنا ، وفي ايام الكبر نريد تهذيبها لتكون وقورة صالحة محترمة ، وننسى كل ما وضعناه على ظهرها لسنوات طوال .
الخلوة مع النفس ضرورية جداً لنا ، ولا اقصد ان تكون بمفردك لتختلي بشخصك ، كلا بل الخلوة التامة مع فكرك وروحك التي في داخلك ، تلك الروح التي قاربت على الرحيل ، ان حدثتها عن بطولاتك واقنعتها بانك كنت صاحب الفضل في كل ماحققته وانك كافحت و ناضلت من اجل كل ماصنعته في حياتك ، هنا تكون انت اكبر كاذب ، وان اخبرتها ان الفشل و سوء الحظ كان خلف كل اخفاقاتك ، وانك حاولت مراراً وتكراراً ان لاتصل الى هذه النتيجة ، لكن الاقدار كانت لك بالمرصاد ، وسوء الطالع كان لك رفيق ، هنا انت ايضا كاذب .
قل الحقيقة ؛
الحقيقة اننا لانملك شيء في كل مامضى لنا في الحياة ، نحن لسنا سوى مكائن كانت تعمل وفق ما صنعت من اجله ، نحن لسنا فلتات من فلتات الزمن ، بل نحن افات استهلاكية ، نعشق ذواتنا لدرجة نسيان ماهيتنا ، وكل افعالنا كانت لزاماً علينا ان نفعلها ، وما نجح الناجح الا لانه ناجح وما فشل الفاشل الا لانه فاشل ولا دخل لنا نحن بفشل او نجاح ، ولم يكمل احدا منا رسالته ، والسبب اننا نعيش بلا رسالة حقيقية .
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha