حمزة مصطفى ||
طلبت عائلة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر "98 عاما" إحترام خصوصيته "لما تبقى له من وقت". العائلة وفي بيان لها أعلنت أن كارتر الرئيس المؤمن على طريقة صديقه الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي أطلق نفس التسمية على نفسه غادر المستشفى الذي يعالج فيه لأنه يريد بقاء ماتبقى له من وقت بين أفراد عائلته, وينبغي إحترام خصوصيته. وكارتر الذي يعد أقدم رؤساء أميركا الذين مازالوا على قيد الحياة هو الثاني عمرا بعد هنري كيسنجر "100"وزير الخارجية الأميركي الأسبق والذي هو أقدم وزراء خارجية العالم أجمع. الأعمار بيد الله ومن واجب الجميع إحترام خصوصية كبار السن ممن باتوا يتنافسون على لقب ليس الأقدم الباقي حيا بل على حيازة لقب عميد البشرية. كيسنجر الجمهوري لاتربطه علاقة مع كارتر الديمقراطي ولم يعملا معا لكنه أكمل مابدأه كيسنجر الذي ينافس الآن على حيازة لقب الأكبر عمرا في العالم. فمالم تطلع لنا صفح عجوز في مجاهل أفريقيا أو في إحدى مناطق سيبريا ممن ينوف عمرها على المائة والثلاثين عاما فإن كيسنجر هو عميد البشرية. وكيسنجر هذا هو مهندس الإنفتاح الكبير على الصين أوائل سبعينات القرن الماضي وبعدها بسنوات قلائل مهندس دبلوماسية "الخطوة خطوة" التي أفرغت إنتصار حرب تشرين عام 1973 من كل محتوياتها "الهابطة منها والصاعدة" طبقا لتوصيفاتنا هذه الأيام, لكنها مهدت لما فعله بعد سنوات كارتر على صعيد معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
وحتى ينفد الوقت المتبقي لكل من كسينجر الذي يحمل على كاهله 100 لم يقض منها يوما بالبر والتقوى بل بالدسائيس والالاعيب لاسيما تأثيره الواضح على السادات, وكارتر الذي ينقص كيسنجر بعامين فإن صلواته ودعواته بوصفه مؤمنا إنجيليا كانت لصالح إسرائيل. فكارتر هو الذي أجبر السادات على التنازل أثناء المحادثات الثلاثية (السادات, كارتر, بيغن) التي جرت في منتجع كامب ديفيد والتي أسفرت عن توقيع تلك المعاهدة عام 1978. كارتر الذي خطف جائزة نوبل للسلام مناصفة مع بيغن والسادات جراء "دكته الناقصة" تلك أكمل وهو الديمقراطي ما نسجه عبر سياسة الخطوة خطوة الجمهوري هنري كيسنجر حقق للكيان الصهيوني كل مايريده في وقت لم يقدم مجرم مذبحة دير ياسين مناحيم بيغين أية تنازلات في مقابل ذلك. والدليل على تنازلات السادات المهينة هي سلسلة الإستقالات لوزراء خارجيته. فمصطفى فهمي إستقال قبيل التوجه الى كامب ديفيد, وبينما عرض السادات المنصب على محمد رياض فقد إستقال بعد 6 دقائق من تعيينه وزيرا للخارجية. أما محمد إبراهيم كامل الذي رافق السادات الى هناك فقد إعترض من هناك وأعلن إستقالته من كامب ديفيد وعاد الى مصر ليؤلف كتابه المعروف "السلام الضائع في كامب ديفيد". مات السادات بعد سنتين ومات مصطفى فهمي ومحمد رياض ومحمد إبراهيم كامل ومصطفى خليل رئيس الوزراء الذي بقي مخلصا للسادات ومات بيغن وشامير ورابين وبقي كارتر, ولا نعرف كم تبقى له ولكيسنجر من وقت.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha