المقالات

ولادة طالب الاصلاح


الشيخ محمد الربيعي ||

 

نلتقي في الثّالث من شهر شعبان المبارك بذكرى الولادة الميمونة لسبط رسول الله(ص)، الإمام الحسين بن عليّ بن أبي طالب(ع)، حيث كانت مناسبة الفرح الرّسالي، فرح بيت النبيّ(ص)، وفرح محمد وعليّ وفاطمة(ع)، وفرح الإسلام كلّه، بما كانت عليه هذه الولادة من بركةٍ وخيرٍ وضياءٍ وحجّةٍ على أهل الدّنيا والآخرة.

وحريٌّ بنا أن نعيش الفرحة بالولادة وما تعنيه، كما عاشها رسول الله(ص)، إذ نرى في الرّوايات عظيم العشق والمحبّة والرّأفة بولديْه الحسن والحسين(ع)، إمامي الأمَّة في قيامهما وقعودهما، حتى روي عنه(ص) في أكثر من مصدر بروايات المسلمين جميعاً أنّه قال: "اللّهمّ إني أحبّهما، فأحبّهما وأحبّ من يحبّهما"، كما ورد عنه(ص) قوله: "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنَّة"، وقال عن الإمام الحسين(ع): "حسينٌ مني وأنا من حسين".

فعندما نحب الحسين(ع) فإننا نحب رسول الله(ص)، إذ الحسين(ع) امتدادٌ حيٌ في الروح والعقل للرسول(ص) الذي هو الرحمة المهداة للعالمين جميعاً.

نفرح لولادة الحسين(ع) لأنّنا نفرح لامتداد قيم الإسلام والرّسالة فيه، بحيث جسّد في سلوكه وعلمه وجهاده واستشهاده روح الدّين والعقيدة، وكان ولا يزال قدوةً للمجاهدين والعابدين والمتّقين.

في الحسين(ع) أخلاق محمَّد وطهر فاطمة وشجاعة عليّ وحكمته وحلم الحسن، وفيه استجمعت كلّ الفضائل والكمالات العقليَّة والرّوحيَّة بما ورثه من أخلاق النبيّين والصدّيقين.

وُلِدَ الإمام الحسين(ع)، وفي ولادته ولادةٌ للإسلام من جديد، بما أعطاه للأمّة من حياته وسيرته وجهاده وعلمه وأخلاقه.

عندما نعيش ذكرى مولد الإمام الحسين(ع)، فإنّنا نفرح به، في الوقت الّذي نعيش الحزن الكبير عليه، وفرحنا بالحسين(ع) هو الفرح بالرّسالة الّتي حملها وعاش كلّ حياته من أجلها، وقد تحرّك بطلب الإصلاح في أمّة جدّه(ص)، ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالكلمة الطيّبة، وبالموقف الصّلب، وبالجهاد الصّعب.

عندما نتمثَّل الحسين(ع)، فإنّنا نتمثَّل فيه رسول الله(ص) في كلِّ أخلاقه وصفاته الّتي تمثّلت في شخصيَّته، كان الحسين(ع) تجسيداً لجدِّه رسول الله(ص) في روحانيّته وعلمه، وفي كلّ الصّفات المميّزة، وكان تجسيداً لطهر الزَّهراء(ع) وصفائها ونقائها وروحانيّتها...

إنَّ هؤلاء العظام(ع) عاشوا في زمانٍ لم يرتفع فيه النَّاس إلى مستوى معرفتهم وفهمهم وتأكيد قوَّة الإرادة في الوقوف معهم.. ومن خلال هذا، لا بدَّ من أن نستوحي من تلك المشكلة الّتي عاشها الأئمَّة(ع)، ومن قبلهم الأنبياء(ع)، كيف يجب علينا أن نميِّز بين السَّائرين في الخطِّ المستقيم، والسّائرين في الخطِّ المنحرف، بين من يفتح عقول النَّاس على الحقّ، ومن يسير بالنَّاس نحو الباطل.. عندما نعيش الفرح بالحسين الرّسالة والجهاد والتّضحية والشّهادة والقوّة، فإنَّ علينا أن نبقى معه، لا أن نذرف مجرَّد دموع حزينة تنطلق من إحساسنا بالمأساة".

محل الشاهد :

اذن في ذكرى ولادة الإمام الثَّالث من أئمَّة أهل البيت(ع) الإمام الحسين(ع)، نطلّ على عظمة هذه المناسبة بما شكَّلت لنا من محطّة مفصليّة في حياة الرّسالة والدّعوة إلى الله تعالى، وما علينا سوى أن ننفتح بكلّ عقولنا وقلوبنا على المعاني والقيم الّتي عاش الحسين(ع) من أجلها، وضحّى بنفسه وأهل بيته كي تبقى حيّةً في الذّاكرة والوجدان والعقل.

إنَّنا أمام ذكرى ولادة الحسين(ع)، لا بدَّ من أن نعيد الالتزام بخطِّ الحسين(ع) ومسيرة الحسين(ع) في إعادة بناء الإنسان والحياة على أساس العدل والحقِّ والصَّلاح، ولن يكون هذا الالتزام ذا قيمة، ما لم نعمل على مراقبة أنفسنا وأوضاعنا، ونغيِّر من حركتنا وأخلاقيّاتنا بما يعيد انسجامنا مع الخطّ الإسلاميّ الأصيل، والهويّة الإسلاميّة الحضاريّة الإنسانيّة الّتي تمثّلت في عطاء الحسين(ع) وشهادة الحسين(ع)...

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق وشعبه

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك