مالك العظماوي ||
تنهض البلدان وتقوم الحضارات بسواعد أبنائها وأفكار علمائها وجهود مثقفيها، ولذا فالمثقف يلعب دوراً بارزاً وكبيراً في تشييد البلدان وبناء حضاراتها. ومما لاشك فيه، يُعد الشباب الواعي والمثقف الركن الأساس في ثقافات الشعوب، وعندما تتحرر العقول يصبح الفرد ناضجاً وقادراً على إتخاذ القرارات الصحيحة التي من شأنها تنهض بالمستوى العلمي والثقافي للبلد. وكثير من البلدان والشعوب تعوّل على شبابها ومثقفيها وعلمائها في عملية التحرر الفكري في مجال الثقافة والفنون والآداب، ومن ثم تزدهر الحياة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وغيرها من المجالات الأخرى.
ونحن في العراق، عندما واجه البلد مرحلة خطرة جداً من الفساد السياسي والاقتصادي والإجتماعي خرج الشباب والطبقات المعدمة من الشعب إحتجاجاً على السياسيين الفاسدين والأحزاب المهيمنة بطريقة أو بأخرى على زمام الأمور، وساندت كافة شرائح المجتمع شبابنا المتظاهر وأيدت مطالبهم الحقة والشرعية. ولاحظنا مجموعة من الجهلة وأنصاف المثقفين ممن يطلقون صفة المثقفين على أنفسهم وهم يدفعون هؤلاء الشباب من أجل التخريب وتدمير مفاصل البلد ظناً منهم أن أساليبهم تنطلي على الشباب الواعي والمثقف. فقد عمد هؤلاء (المثقفين/ الجهلة) على خداع الشباب المتظاهرين بأن المشكلة تكمن بإستمرار الحياة في مفاصل الدولة والمدارس والجامعات، فلابد من إيقافها وبث الخراب والدمار، ورفع شعار (ماكو وطن، ماكو دوام) للإساءة إلى هذا الشعب وإعادته إلى الوراء من خلال استغفال الشعب والعزف على وتر الجميع فاسدون والجميع لصوص، ونحن لا ندافع عن شخص بعينه، لكن التعميم غير صحيح ولا يمكن بأي حال.
ولو أردنا أن نناقش هؤلاء وآراءهم فنقول وبحسب النقاط التالية:
أولاً: يقول هؤلاء المدعون للثقافة، بأنهم ضد الأحزاب، ونقول حسناً، إذا كان قصدكم حظر كافة الأحزاب، فعليكم أن لا تشكلوا أحزاباً وتنتمون لها بحجة إحتجاجات تشرين، وما من حركة تشكلت إلا وهي حركة سياسية، وما (علاء الركابي) وزملاؤه ممن ركبوا الموجة وأصبحوا نواباً (سياسيين) في البرلمان! إلا هم سياسيون!
ثانياً: إذا كنتم تؤمنون بالديمقراطية وتطالبون بتحقيقها، فعليكم أولاً أن تمنحوها للآخرين، لا أن ترغموا الناس بأفكاركم مرغَمين! بل عليكم إقناعهم بما تقدمون خدمةً للمجتمع وتتركون الجمهور حراً بآختياراته.
ثالثاً: أن يكون رفضكم للأحزاب جميعها، لا أن ترفضوا بعضاً منها وتغضون الطرف عن من تخشون سطوته وتخافون عقابه!
رابعاً: إياكم وإتهام الآخرين بالخيانة والعمالة، فلا تفضلوا أنفسكم على من سواكم، فالآخرون ينظرون إلى الأمور من زاوية أخرى، فالكمال لله تعالى وحده.
خامساً: عليكم تشخيص الأمور كما هي، فإن من سحل وصلب الأبرياء وقتل الشباب صبراً على طريقة (الدواعش) خليق بالنقد والنصح، فمن يدعو إلى الحرية والديمقراطية لا يقتل ولا يسلب ولا يعتدي ولا يتجاهر بالفسوق وشرب الخمور.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha