المقالات

امي الاقرب لي..


الشيخ محمد الربيعي ||

 

الأمُّ نفحةٌ من نفحاتِ الجنّة، ونسمةُ ربيعٍ وادعة تملأ القلبَ بالحياة وتملأ الروح بالأمل، وهي أقربُ مخلوقٍ وأكثر الناس عطاءً، وهي الشمعة التي تفني نفسها لأجل أن ترى أبناءها أفضلَ الناس، وهي التي تحملُ وتتعبُ وتُنجب وتُربّي وتسهر، فهي الصديقة والمعلّمة والطبيبة وكلّ شيء، فالأم عالمٌ عصيٌّ على الوصف، ولا تستطيع الكلمات والعبارات أن تصفَ هذا العالم أو تحتويه؛ لأنّ في الأم سرًّا عظيمًا أودعَه الله في فطرتها، فجعلها ترى في أبنائها كلّ حياتها، ولهذا تُعطيهم من قلبها وعمرها وروحها دون أن تنتظر أيّ مقابل، ولا عجبَ أنّ الله تعالى جعل رضاه مربوطًا بِرضا الأمّ وبرّها.

الأمومة: عاطفةٌ ركزت في الأُنثى السوية، تدفعها إلى مزيد من الرحمة والشَفقة.

ولقد كرر القرآن الكريم الوصية ببر الأم والإحسان لها، وذلك لفضل الأم ومكانتها، قال تعالى: [ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ] .

ان الأم كلمة صغيرة وحروفها قليلة لكنّها تحتوي على أكبر معاني الحبّ والعطاء والحنان والتّضحية، وهي أنهار لا تنضب ولا تجفّ ولا تتعب، متدفّقة دائماً بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصّدر الحنون الذي تُلقي عليه رأسك وتشكو إليه همومك ومتاعبك.

محل الشاهد :

الأم لها مكانةً عظيمة وأمر بطاعتها والإحسان إليها وبرها، إذ قال تعالى: [ وقضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ] .

وقدس الإسلام رابطة الأمومة، فجعلها ثابتة لا تتعرض للتبدلات والتغيرات، فحرم الزواج من الأمهات [ حُرمت عليكم أمهاتكم ]

ولما كانت الأم مصدر الحنان ومنبع الإحسان بالنسبة للولد ذكّر هارون أخاه موسى ( عليهما السلام ) ،بأمه حين غضب وأخذ برأسه، قال سبحانه: [ ولما رجع موسى إلى قومه غضبانَ أَسِفاً قال: بئسما خَلَفتموني من بعدي أَعَجِلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه قال ابنَ أمَّ إن القوم استضعفوني.. ] ، وفي موضع آخر قال: [ يا بنَ أُم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ].

وذِكْر الأم هنا دون سواها للاستعطاف والاسترحام ولما ترمز إليه من الحنان والرحمة والشفقة.

إنّ للام حقوقٌ، مهما فعل الأبناء تجاهها، فلن يوفوها حقّها، ولكن على الأبناء الاجتهاد في ذلك، وبذل أقصى ما يمكنهم من البرّ والإحسان؛ لينالوا رضا الله تعالى في دنياهم وآخرتهم، وواجب الأبناء تجاه والدتهم يقسم إلى ثلاثة أقسام: واجباتٍ مادّية؛ تعنى بالأموال، وواجباتٍ أخرى معنوية، وواجباتٍ بعد رحيل الأمّ إلى جوار ربها.

للأم حقوقٌ كثيرة يجب على الأبناء أن يقوموا بها كاملة، ومن حقّ الأمّ على أبنائها أن يُحسِنوا إليها، ومن حقها عليهم طاعتها وعدم التأفف في وجهها أو التسبب لها بالأذى، ومن حقّها أيضًا أن يبرّوها في كل وقت خصوصًا في أوقات مرضها وعجزها، وتجنب معاملتها معاملة فظّة أو غير لطيفة، لأنّ الأم التي منحت أبناءها كلّ سُبل السعادة لا تستحق منهم إلّا كلّ خير، ومن حقّ الأم على أبنائها أيضًا أن يُدخلوا السرور إلى قلبها في كل وقت، وأن يُخفّفوا عنها التعب والإرهاق، وأن يُنفقوا عليها إذا احتاجت إلى النفقة، وأن يُكرموها في كلّ وقت. برّ الوالدين خصوصًا الأم يفتح أبواب الرحمة، ويزيدُ من بركة العمر والرزق، ويُثقل في ميزان الحسنات، ويُميط الأذى عن القلب ويُيسر الأمور جميعها، كما أنّ طاعةَ الأم وبرّها فيها امتثالٌ لأوامر الله تعالى ورسوله ( ص ) ، وهذا بحدّ ذاته مَدعاةٌ لبرّها في كلّ وقت، فهنيئًا لمن كانت أمّه راضية عنه، وهنيئًا لمن أعطاها حقّها وأطاع الله فيها.

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق وشعبه

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك