المقالات

الشهر الفضيل وتكليف المسلمين..!


إيمان عبد الرحمن الدشتي ||

 

شهر رمضان ضيف كريم مبعوث من الرحمن الرحيم، يدعو المسلمين لمائدة ربهم الملأى بما لذَّ وطاب؛ جزاء أدائهم لفريضة الصيام لساعات معدودة من النهار عن ما أحله في باقي الساعات، مع صوم الجوارح ساري الوجوب عن كل ما يذل المسلم المكلَّف.

تتباين إهتمامات المسلمين بشهرهم الفضيل -شهر رمضان- بحسب عدة عوامل، ومنها وعيهم وقوة إيمانهم ورسوخ عقيدتهم، فمنهم من يمر عليه الشهر المبارك ولا يشم عطر نفحاته، ولا يمثل سكينة لروحه، ولا يغترفُ من فيض كرمه ولا حتى غرفةً واحدة، وما أكثرهم في زماننا هذا! وآخرون يعرفون قدره ويستشعرون بركاته لكنَّ ما يؤسف له أنهم يخلطون بين تلك البركات وهوى النفس، فيفسدون زرعهم بذنب من هنا وغفلة من هناك، أما أصحاب الوعي والبصيرة، فيعظِّمون قدر ضيفهم الكريم هذا، ويوقرونه ويجلّونه، حتى إذا ما عزم على الرحيل إعتصرت قلوبهم وتألمت، ورجت الله أن تلتقيه في قابل، وبذلك يرحل حاملاً عنهم كتاب تزكيةٍ يقدمها بين يدي اللطيف الخبير.

شهر رمضان شهر الخير والبركات، والعطايا الإلهية التي لا تحصى لكثرتها في كل آن من آنائه، كأني به يحاكي جميع المسلمين كل بحسبه، فيخص الفئة التي لا تعرف عنه إلا إسمه معرِّفاً عن نفسه، بكلمات اقتبسها من كلام رب العزة: أنا (شهرُ رمضان الذي أُنزلَ فيه القرآن، هدى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان) جئتكم وفي كفيَّ أحملُ لكم العطايا؛ ولا أحد منكم يستقبلني! تشحون بوجوهكم عني! تتركون لذَّتي لدنياكم ومتاعي لآخرتكم وتبحثون في دنياكم الفانية عن ملذات لن تسمن ولن تغني من جوع! فما دمت بينكم؛ عودوا إلى رشدكم، وسيروا نحو ربكم فهو الغفور الرحيم.

يوجه خطاباً ثانياً لإولائك الذين يجمعون مع هواه هوى آخر، أتصومون؛ وتتلذذون باستغابة الناس وظلمهم؟! أتصومون؛ وفي قلوبكم غلٌ للذين آمنوا؟! أتصومون؛ وتفسدون في الأرض من حيث تعلمون أو لا تعلمون؟! أتصومون؛ وتفرطون بساعاتي الثمينة؟! لماذا تؤسرون أنفسكم لشاشات التلفاز؟ التي كثير منها آلت على نفسها فك أسر الشيطان المكبل! آلت على نفسها أن تفتح بوجوهكم أبواب النيران التي أوصدها ربنا الرحيم كرامة لي! فتنبهوا!

كأني بالشهر الفضيل، يرفع أكف الدعاء لأصحاب البصيرة الذين يغرفون من كل بركاته، فهم صوّام بالنهار رهبان في الليل، يناجون الله في كل الساعات، يجولون ويرتعون في رياض ربيع القرآن الكريم ويشمون عطر أياته، والأسمى من كل ذلك حينما يغوصون في بحر القرآن الناطق، سلطان العصر والزمان، مولانا المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، ويؤججون خلجات نفوسهم ونفوس المجتمع، لترقب دولته التي سيُعَزُّ بها الإسلام وأهله.

شهر رمضان محطة من محطات التكامل الروحي والعروج إلى الله، قال في حقه خاتم المرسلين (صلوات الله وسلامه عليه وآله) (شَهرٌ هُوَ عِندَ اللهِ أَفضَلُ الشُّهُورِ، وَأَيَّامُهُ أَفضَلُ الأَيَّامِ، وَلَيَالِيهِ أَفضَلُ اللَّيَالِي، وَسَاعَاتُهُ أَفضَلُ السَّاعَاتِ.

هُوَ شَهرٌ دُعِيتُم فِيهِ إِلَى ضِيَافَةِ اللهِ، وَجُعِلتُم فِيهِ مِن أَهلِ كَرَامَةِ الله.

أَنفَاسُكُم فِيهِ تَسبِيحٌ، وَنَومُكُم فِيهِ عِبَادَةٌ، وَعَمَلُكُم فِيهِ مَقبُولٌ، وَدُعَاؤُكُم فِيهِ مُستَجَابٌ، فَاسأَلُوا اللهَ رَبَّكُم بِنِيَّاتٍ صَادِقَةٍ، وَقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ، أَن يُوَفِّقَكُم لِصِيَامِهِ، وَتِلاوَةِ كِتَابِهِ) فأين جميع المسلمين عن هذا الخير؟!

أبهى صورة يحب الله عز وجل أن يرانا عليها، هي حينما نوطن النفس على التقوى والطاعة، وإقامة فرائضه والقيام بواجباتنا على أتم وجه، ومنها توقير شهر رمضان المبارك.

 

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك