المقالات

ماذا نستطيع أن نفعل؟!


عبدالملك سام ||

 

مجددا يتحرك من ضرب الله عليهم عقوبة الذلة والمسكنة بثقة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ثقتهم بأننا صرنا في موقف الذل والمسكنة أكثر منهم، وبأن ما يحدث هو نتاج الصفقات التي عقدوها مع أنظمة الخيانة العربية تحت مسمى "التطبيع"، ولذلك نراهم اليوم يتحركون بثقة ويوغلون في إهانة مشاعر المسلمين وقد تركوا أمر كبح غضبهم - لو غضبوا - للأنظمة الخائنة التي سلمت زمامها للعدو الصهيوني بشكل تام!

ما كان عيبا وجريمة قبل عشر سنوات لم يعد كذلك، وأنظمة الخيانة لم تعد تخفي ولائها التام للحكومة الصهيونية، وصار من الطبيعي أن نجد مواقف الخزي لهذه الأنظمة وهي تعبر عن تضامنها وتأييدها لجرائم العدو حتى وصل بهم الحال إلى وصف الإسرائيليين المجرمين بأبناء العم والأشقاء!

لكن الغريب حقا هو موقف الشعوب التي تشاهد ما يحدث من خيانة فاضحة واضحة دون أن يكون لها موقف، أو حتى تشعر بالقلق من قبول الله لصلاتها وصيامها ودينها، وعدم خوفها من غضب الله عليها أكثر من خوفها من الأنظمة الحقيرة التي تحكمها، وهنا تكمن خطورة الصمت الذي سيجني على مصير هذه الشعوب!

لو كان ما يحدث للفلسطينيين من ظلم يحدث لأي شعب آخر لا تربطنا بهم صلة عقيدة وقربى لكان من المعيب أن نصمت عن ظلمهم؛ فديننا جعلنا شهداء على الناس من بعد رسول الله (ص)، وكلفنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكيف بنا وما يحدث من جرائم هو في حق قبلتنا الأولى، وفي حق من يشاركوننا عقيدتنا وتربطنا بهم رابطة دم واحدة، وهم على الأقل جيران لنا، ومن يعتدي عليهم لا يخفي عداوته لنا ويتوعد كل الشعوب المحيطة به؟!!

لو كانت الشعوب تعتقد أنها قادرة على إخلاء مسؤوليتها وذمتها مما يجري فهي واهمة! ولو كانت تعتقد أنها ستترك دون عقاب إلهي فهي غافلة! ولا عذر للجميع أمام الله من تحمل المسؤولية، والخوف ليس بعذر كافي لنسكت فقد قال الله سبحانه: {فلا تخشوهم وأخشوني}، وقال أيضا: {فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين}، فهل نحن ممن خاطبهم الله بهذا الكلام؟! وإن كنا كذلك ولم نتكلم اليوم فمتى سنتكلم؟!

ماذا نفعل؟! لمن يقول: ماذا أستطيع أن أفعل؟ فليراجع نفسه، ولا يدعي السذاجة والجهل؛ فهذا ليس بعذر! لقد خلق الله لنا عقول لو كنا نفكر، وبلمحة سريعة ستجد أن للإسرائيليين مصالح يخافون عليها، والمفترض أننا بتنا نستطيع أن نعرف لماذا يحاولون فرض التطبيع علينا؟! بالتأكيد لكي يستطيعوا الدخول لأسواقنا تمهيدا لإحتلالنا إقتصاديا، ومن ثم الوصول لنهب ثرواتنا وأستعبادنا وتدميرنا في الأخير.

لمن يخاف أقول: إبداء ببيتك ومن هم ضمن مسؤوليك، فلا تتركهم ضحية للتضليل، وعرفهم من هو عدوهم وماذا يريد، وأمنع دخول أي بضائع ومنتجات لعدوك إلى بيتك، وقاطع كل مسؤول أو شخص خائن كما تقاطع أي شخص بينك وبينه عداء شخصي! حرض الآخرين على إتخاذ موقف ولو عن طريق حسابات وهمية على مواقع التواصل الإجتماعي، وشارك في كل الحملات التي تدعم قضيتك، وأرفض حضور أي نشاط أو فعالية تهدف لتخديرك أو مسخك عن هدفك، وحدث نفسك بغزو من يريد غزوك وقهرك..

تحرك فهناك ألف طريق لرفض هذا الظلم والهوان، فقط لو أستشعرت أن الأمر يمسك شخصيا فستجد ألف سبيل لأخذ حقك! لا وقت للتنازع مع أحد من مجتمعك فالأولى بك أن تجتمع مع أخوك وأبن عمك ضد العدو الأخطر الذي لن يتركك ولن يترك أخوك ولا إبن عمك! جدد أولوياتك وتحرك قبل أن يغضب الله عليك؛ فكلما تأخرت أقتربت من سقوطك وضياع دنياك وآخرتك. وكلما تحركت فتحت لك أبواب لتتحرك فيها، فأنت ستكون مع الله سبحانه، ومن كان مع الله لا يضيع ولا يشقى.

إذا فالبداية مع الحرب الإقتصادية والإعلامية، فالعين بالعين، وكلما زدت من مقاطعة السلع والبضائع الصهيونية والداعمين لعدوك، كلما سترى أن عدوك سيقلق ويتراجع ويخاف، ويكفي أنك بذلك لا تشارك في الجرائم التي يقترفها العدو بما يحصل عليه منك. أما تحركك بالكلمة والموقف هو أقل حقوقك البشرية، فلا تسمح لخوفك أن يجبرك على الضعف والهوان، فأنت خلقت حر، ولا يليق بمؤمن أن يكون عبدا لخوفه وهو يعلم أن عمله يرضي خالقه القوي العزيز.

أجلس مع الله اليوم، وأسأله أن يهديك لما يحبه ويرضيه، وتحرك من أجل نجاتك ومن أجل أبنائك ومستقبلكم معا، فهناك في هذا العالم من لا يؤمن بربك، ولكنه لا يمكن أن يسكت عن حقه وحريته، فما بالك بك وأنت من أختارك الله من بين كل شعوب العالم لتكون حاملا لرسالته لباقي البشرية، فهل ترى بعد هذا كله أن هناك من يستحق أن تخشاه أكثر من خالقك؟!

عدونا لا حدود لدناءته وأطماعه، ولو - لا سمح الله - تخلص من أهل فلسطين المستضعفين، فسيأتي دورنا لا محالة، ولكن بعد أن يتمكن من إخضاع أمتنا نفسيا، وبعد أن يصير موقفه أقوى والتخلص منه أصعب! فلتحرك قبل أن يأتي وقت نندم فيه ولا ينفع الندم، ويكفي أننا نعلم بأننا على الحق.. فلنتحرك لأجل ديننا وحريتنا وإنسانيتنا ولأجل المستضعفين من أهلنا.. والله معنا.

 

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك