نعيم الهاشمي الخفاجي ||
في هذه الأيام ومن كل عام، نستذكر الحملات التعسفية، التي شنها نظام صدام الجرذ الهالك، والتي استهدف، الإخوة الكورد الفيليون، بسبب أنتمائهم إلى مذهب الشيعة آل البيت ع، تم افتعال مسرحية، وضعت في أحكام، بدأت فصول المسرحية من خلال تفجير رمانة يدوية في جامعة بغداد، حسب زعم البعثيين أنها استهدفت تجمع طلابي نظمه الرفاق البعثيين، تم الإعلان عن وقوع جرحى، جهاز صدام القمعي، قام في تحشيد تجمعات كبيرة لتشيع الضحايا وبقدرة قادر تم تفجير عبوة ناسفة في مسرحية هزيلة، بالقرب من مدرسة ايرانية، الإعلام البعثي روج بالقول ان إيران نفذت عملية التفجير، كنت بوقتها طالب في الاعدادية، أتذكر في يوم الرابع من نيسان عام ١٩٨٠ بدأت عمليات التهجير بحجة انهم ايرانيون، أيضا تم تداول أخبار اعتقال السيد الشهيد محمد باقر الصدر رض، بدأت عمليات التهجير، بحجة تهجير الجالية الايرانية، تم تناقل أخبار استشهاد الشهيد محمد باقر الصدر في يوم التاسع من نيسان عام ١٩٨٠، رأينا عمليات تهجبر كبرى، نزول ميليشيات حزب البعث ومعهم قوات الأمن والشرطة إلى شوارع المدن والقيام في اعتقال عوائل بشكل عشوائي،
هناك حقيقة الفيليون لم يكونوا من القومية الفارسية الإيرانية، بل الفيليون من القومية الكوردية، وهم من سكان العراق الأصليين، ولم يكن الفيليون حالة طارئة بالمجتمع العراقي، وإنما لهم وجود قبل مجيء الإسلام، والآثار وكتب التاريخ ذكرت في قيام دول وإمارات في مناطق الوسط والجنوب للكورد الفيليين، مثل ما ذكرت كتب التاريخ قيام دول وإمارات إلى قبائل عربية شيعية بالفرات الأوسط والجنوب مثل إمارة خفاجة، ولازال صرح أجدادنا في قصر الاخيضر شاهد على الإمارة الخفاجية ليومنا هذا والتي حكمت من جنوب بغداد إلى بابل والكوفة والديوانية من نهاية القرن الثالث الهجري إلى عام ٤٩٩ هجري، حيث هجم علينا اخوالنا بني أسد واحذوا الإمارة منا وبدأت الإمارة الجديدة لبني أسد والتي ارفدت ساحتنا الشيعية في مرجعيات وعلماء أمثال العلامة المحقق الحلي الأسدي رحمه الله.
وجود الفيليون مع اخوانهم في الدين والعقيدة من أبناء القبائل العربية الشيعية وجود ازلي، ولايمكن فصله ابدا، مهما فعل صدام الجرذ، عندما بدأت عمليات التهجير، خلال شهر واحد تم تهجير عشرات آلاف المواطنين العراقيين الاكراد الفيليون الشيعة من اراضيهم وبيوتهم بذرائع عنصرية وطائفية، خلال شهر وصل عدد المهجرين من الأكراد الفيليين الشيعة أكثر من مائة ألف مواطن، تم مصادرت اموالهم، وتهجيرهم وهم حفاة، يصادرون جميع ممتلكاتهم حتى الشخصية، بل صدام الجرذ قال بخطاب له يجب أن نطردهم من العراق وهم حفاة، تركت تلك الحقبة الزمنية في شهر نيسان عام ١٩٨٠ في ذاكرتي الكثير من المواقف المحزنة، تصوروا كنت طالب في الإعدادية، يوميا نشاهد نقص في عدد زملائنا الذين كانوا يدرسون معنا، أتذكر كنت حامل حقيبتي للذهاب إلى الإعدادية وقت ظهر، كنت اداوم في إعدادية صناعة واسط بالكوت، لم تكن بذلك الوقت اعدادية صناعة بقضاء الحي، بينما كنت احمل كتبي وإذا بي اسمع صوت شخص يصيح نعيم نعيم، إلتفت عليه، شاهدت صديقي ماجد شندل زميلي بالصف، كتبه في يديه، وهو يبكي، صاح في صوت عالي نعيم ارجوك تبلغ مدير الإعدادية لا يغيبني بلغونا الآن سوف يتم تسفيرنا إلى ايران، اقسم بالله كان ردي شتمت البعث وصدام، لكن الله عز وجل أنقذني، تصوروا تم تسفير هذا الشاب وأهله بدون ذنب، لكونهم شيعية لا اكثر، خلال أيام تم تهجير الكثير من اصدقائنا الطلاب الذين كانوا معنا بالصف، بقيت ثمان رحلات فارغة بصفي كان يشغلها طلاب أكراد فيلية من الحي والكوت وبدرة وجصان، مواقف مؤلمة وحزينه لازالت ماثلة بذاكرتي، جرائم استهداف الفيليون بدأت بعد وصول البعثيين للحكم في انقلاب تموز المشؤم عام ١٩٦٨ حيث قامت حكومة البعث في حملة تهجير ونفي قسري استهدفت الكورد الفيليين لأسباب عرقية، كنت شاب صغير في عام ١٩٧٠ شاهدت في مدينتي قضاء الحي عمليات تهجير حيث لاحظنا إغلاق محلات تعود لفيليون، وحسب ما رأيت وسمعت سابقا ان عمليات التهجير طالت بتلك السنة أكثر من سبعين ألف كوردي فيلي، تم تهجيرهم إلى إيران وسحبت جنسيتهم العراقية، في عام ١٩٩٥ زرت ايران ووجدت ناس من اهل الحي تم تهجيرهم عام ١٩٧٠ والناس رحبوا بي واخذوني إلى بيوتهم وقاموا في اكرامنا.
الكورد الفيليون الشيعة، تعرضوا إلى أشد أنواع الظلم، لكونهم لديهم خصلتان بزمن البعث ايسرها تجلب للمواطن الفيلي القتل والاعدام انتمائهم المذهبي الموالي الى مذهب ال بيت رسول الله ص وقوميتهم الكوردية، صدام الجرذ وقومه لم يكن لهم تاريخ مشرف بالعراق، بل جاءوا إلى العراق مع الاقوام التي جاءت مع قوات الاحتلال التركي السلجوقي ومن لف لفهم، صدام الجرذ واذنابه يشعرون بعقدة النقص تجاه الفيليون الشيعة، لأنهم يعلمون علم اليقين، أن الفيليون لم يكونوا طارئين على العراق الحديث وإنما لهم
عمقهم التاريخي، فهم موجودون في بلاد وادي الرافدين منذ العصر الاكدي منذ قديم الزمان، فهم مكون عراقي اصيل.
لازال للأسف البعثيين والطائفيين وحتى بعد سقوط نظام جرذهم صدام ينظرون للاكراد الفيليون أنهم فرس وعجم وايرانيين ولم يكونوا من سكان العراق، ودائما نسمع كذبة إيران جنست مليون ايراني بالعراق، وهم يستهدفون المناضلين الفيلية العائدين لوطنهم العراق، أحد حثالات نظام صدام الجرذ اسمه علي الكاش ألف كتاب هاجم به الشيعة قبل سبع سنوات، وخصص فصل إلى الأكراد الفيلية وصفهم في العجم والفرس وأنهم جاءوا إلى العراق لسرقة خيرات العراق، ومن المؤسف أن هذا البعثي الطائفي القذر علي الكاش يكتب بصحيفة عراقية مهمة يديرها كوردي فيلي له تاريخ نضالي مشرف ضد البعث، تحدثت معه حول عدم السماح لهذا القذر علي الكاش بعدم النشر بالصحيفة لكن للاسف تم تقريبه واضطريت انسحب من الكتابة بتلك الصحيفة بشكل نهائي، لا يمكن لي اكتب مع كاتب بعثي يمثل واجهة إعلامية لعصابات البعث وهابي.
انا من مدينة قضاء الحي هذه المدينة العريقة التي تأسست منذ أكثر من قرنين من الزمان، ومن سكن المدينة بيوت ضمت عرب اصليين وعوائل يهودية وعوائل كوردية فيلية، وبعض العوائل الايرانية، امتزجت بقضاء الحي هذه المكونات فيما بعض وشكلت نسيجا متكامل في الاحترام، في مدينة الحي تم تجاوز العنصر القومي وتعايشنا طوال السنوات مع بعض، وعندما وصل البعثيين للسطة بدأت سفالاتهم في عمليات تهجير وقتل الأكراد الفيليين ومصادرة اموالهم، بدأت من حقبة السبعينيات استهدفوا كل فيلي صاحب مال أو إذا كان من الموالين الى ال البيت ع، بل تم استهداف عوائل عربية عريقة لأسباب طائفية وتم تهجيرهم واعدام أبنائهم بحجة أنهم فيليون رغم أنهم من قبائل عربية أصيلة ولنا بقضية استهداف عائلة الشيخ شاعر ال البيت ع فاضل الحياوي وإخوته وياليتهم هجروهم مع اولادهم للاسف تم حجز تسعة شباب دون سن الثمانية عشر وتم تغيبهم في مقابر نقرة السلمان منهم صديقي الشاب المهذب اللطيف زميلي في مرحلة الإعدادية الشهيد زهير فاضل الحياوي، للعلم هؤلاء الناس عرب اصليين قدموا للحي من العمارة عندما تأسست مدينة الحي من قبيلة ال فرادي ، الحديث عن مأساة الفيليون ذو شجون، بل صدام اصدر قرار يحمل اسم مجلس قيادة الثورة يعطي مبالغ لكل شخص يطلق زوجته الكوردية الفيلية لكي يتم تهجيرها الى ايران، المبلغ بذلك الوقت عشرة آلاف دينار بوقت كان مهر الشابة الحياوية مبلغ ثلاثمائة دينار،
بكل الاحوال في كل عام مثل هذه الأيام الالمية نستذكر شهداء الفيليون وخاصة شهداء مدينة قضاء الحي والتي قدمت خمسمائة وعشرة شهداء اعدمهم صدام من العرب والأكراد الفيليين الشيعة.
قصص استهداف المتدينين الشيعة من العرب والكورد الفيليين لاتعد ولاتحصى، أتذكر بتلك الحقبة، كنت دائما في بيت شقيقتي الكبرى أطال الله عمرها، شاهدت شابات دائما يأتين إلى بيت سقيقتي، علامات الحزن واضحة على وجوههن، شقيقتي قصت لي قصتهن، هن فيليات لهن اعمام بقضاء الحي يسكنون بغداد، واحدة منهن، قتلوا زوجها أمن صدام الجرذ في بغداد، وحسب قولها تقول دخلت علينا قوات أمن، وجدوه يصلي على سطح المنزل، قاموا بقتله وهو ساجد في مصلاه، من خلال طعنه بحربة في ظهره، هذه العائلة المناضلة عائلة حياوية معروفة في الكرم والإيمان والتقوى والإخلاص قدموا بدقيقة واحدة سبع شهداء تم إعدامهم أمام العائلة بدون محاكمة وبدون اعتقال، القصص كثيرة لاتعد ولاتحصى.
ياسبحان الله، صدام الجرذ بطش في الكورد الفيليين في شهر نيسان عام ١٩٨٠ ارتكب جريمته النكراء في إعدام الشهيد الصدر الأول وشقيقته العلوية بنت الهدى في يوم التاسع من نيسان عام ١٩٨٠، وشاهدنا في شهر نيسان عام ٢٠٠٣ كيف توالت هزائم صدام الجرذ وسقوط حكمه، رأينا كيف تم إسقاط صنم صدام الجرذ بظهيرة يوم التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣، ياسبحان الله، رأينا صنع الله عز وجل بصدام وكيف مسخه جورج بوش الإبن وحول صدام إلى جرذ قذر عفن، في الختام افضل التحية والتقدير لاخواننا واصدقائنا الفيليون ونستذكر يوم الشهيد الفيلي ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل قبور الشهداء روضة من رياض الجنان ونطالب الحكومة في بغداد والحكومات المحلية في المحافظات والأقضية والنواحي في استذكار الشهداء جميعا فيليون وغير فيليون في انصافهم وانصاف عوائلهم وأبنائهم وإطلاق أسماء الشهداء على الشوارع والمناطق لاستذكارهم، و تبا وتعسا إلى صدام الجرذ وزبانيته واوباشه الذين كانوا ولازالوا يعتبرون الفيليين فرس وعجم ومنهم النتن الكاتب البعثي الطائفي علي الكاش، وعلى الأخ مدير الصحيفة الفلانية وهو كوردي فيلي من ضحايا التهجير، عليه أن يقوم بطرد على الكاش من صحيفته، اقسم بالله وجود علي الكاش بصحيفة هذا الأخ إساءة الى كل الفيليين وتاريخهم النضالي مع خالص التحية والتقدير.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
7/4/2023
ــــــ
https://telegram.me/buratha