قاسم سلمان العبودي ||
عندما تغلق البصيرة ، فإن بوصلة الوعي تتحول صوب الشيطان . لذا نعتقد أن الأمة التي لم تستوعب الإمامة بكل مداركها ومعطياتها ، تدير وجهها صوب الباطل قطعاً . الإمامة تلك الباب الذي يلج منه الصالحون نحو الإدراك الصحيح ، وساحة العشق الألهي المتقدم . يبدو أن الأمة التي قتلت إمامها ضلت بلا وعي ، وبلا بصيرة حتى يومنا هذا الذي نعيش . ما نراه اليوم من خذلان الناصر لخط الإمامة ، ماهو ألا إمتداد لتلك الضربة التي شَجت رأس الأنسانية بأكملها .
لازال محراب عليًّ ينزف هما على جدران الكوفة التي خذلت إِبنها البار ، ووليها الناصح ، وإمامها الهمام الذي رسم مسارات الأنسانية الأسلامية بأبهى صورها . لا زال رأس عليًّ معصوب ، والأمة تتماها مع صوت الباطل ، وشعاراتها تصم الآذان ، في الآفاق .
لم يفنَ عليًّ بتلك الضربة الشقية ، لقد ظل صوته مجلجلاً في أرجاء الكوفة الغادرة ، وكان صدى ذاك الصوت ثلة مؤمنة صابرة أعادت البوصلة لوجهتها الحقة ، متخطية شعار المرادي المستكبر بنداء ( أيران بره بره ) ، وتصحيحه ، بأيران قوه قوه .
اليوم عليًّ حاضر في العراق واليمن وسوريا وفي فلسطين المحتله ، لا بل موجود في فيينا وعلى طاولة الحوار ليضع بصمة الإمامة المقدسة في ذلك الحوار المرادي الشيطاني الذي يراد منه تجريد عليًّ من ذو الفقار ، وتكبيله بسقيفة الأتفاق النووي وحرف الأمة عنه تحت شعارات عليًّ للمحراب فقط . لم يعد محراب عليًّ يستغيث الأمة التي خذلته ، محراب عليًّ قد أزهر وأخضوضر, من تلك الدماء الطاهرة ، وأصبح ( نور ) يطاول أعنان السماء . محراب عليًّ أصبح بالستياً يطوف حدود القدس وديمونة .
حريًّ بالأمة التي خذلت عليًّ في الكوفة ، أن تثب الى رشدها وترى في أي مستنقع للذل والهوان تقبع ! وحريًّ بها الِلحاق بركب عليًّ ، ذلك الركب الذي لن يتوقف حتى دولة العدل الألهي . الليلة نسأل, هل مات عليًّ ، أم عاش ؟
قال ، فزت ورب الكعبة ! أي فوز يا أمير المؤمنين ، وأنت مضمخ بالدماء ؟ ماهو الفوز يا أبا الحسن ؟ قد يجيب أحدنا بالقول أنه الفوز بالجنة ، والظفر بجوار النبي ! أقول لا يا أخي ، فعليًّ لم يعبد الله طمعاً بجنته ، ولا خوف من ناره ، أنما هو الفوز بتثبيت أركان الإمامة . الإمامة التي يستضيء بها العالم اليوم في وقت عم به الظلام .
أن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
ـــــــ
https://telegram.me/buratha