نعيم الهاشمي الخفاجي ||
الذي يقرأ التاريخ العربي بالجهالية وفي واقعنا المعاصر الحالي، فهو مليء بالمآسي والصراعات والظلم والقتل، ومحاربة الشرفاء والمصلحين، قبل مجيء الإسلام كان للعرب دولتين، المناذرة والغساسنة، المناذرة بالقرب من مدينة النجف الاشرف عاصمتها الحيرة، والثانية الغساسنة عاصمتها حوران في محافظة درعا السورية، المناذرة مدعومين من الفرس، والغساسنة مدعومين من الرومان، كان الفرس والرومان هم من ينصبون الحكام، وإذا ساءت علاقات الفرس والرومان ينعكس ذلك سلبا على عبيدهم العرب، يقتل بعضهم البعض الاخر، نفس ما رأيناه خلال الخمسة عقود من الزمان التي عاصرتها من حياتنا.
علينا أن لانخجل ولانستحي عندما نذكر تاريخ خيانات زعماء العرب، علينا أن لانخجل عندما نعرف ان الدول الاستعمارية اذا إرادة تنفيذ مشاريع ماعليهم سوى يضحكون على قادة العرب لينفذوا المهمة مقابل وعود غير مكتوبة، بعد أن ينفذون المهمة، تنتهي مهمة الخونة والعملاء، ويتم استبدالهم، في عملاء جدد.
مفتي مكة شريف علي، ضحك عليه الإنجليز والفرنسيين قالوا له اصطف معنا لنسقط الدولة العثمانية، وتكون المكافأة لكم نعطي العرب مملكة انت تكون الملك عليهم، صدق هذا المفتي والذي كان مفتي وزعيم العرب السنة، أصدر فتاوى بمحاربة الدولة العثمانية المحتلة للعرب، وأن الخليفة لابد أن يكون عربي هاشمي ولا يمكن أن يكون تركي، كل الضباط والساسة وشيوخ الدين والقبائل السنية العربية أطاعوه، وتركوا ثكنات الجيش العثماني، واسياده الجدد، وفروا له الدعم في تشكيل ميليشيات مسلحة للقتال الى جانب القوات البريطانية والفرنسية المحتلة، وفعلا أرسل نجله فيصل الاول الى سوريا ودخل دمشق وقتل الجنود والضباط العثمانيين الأتراك، وسلم العميل الخائن فيصل الاول مفتاح دمشق إلى القوات الفرنسية والتي كانت تحتل لبنان قبل قرن من الزمان، فيصل الأول تسبب في هزيمة الجيش العثماني وفتح الطريق إلى تقدم القوات الفرنسية والدخول إلى أراضي تركيا الحالية، وأرسل الكثير من قواته مع القوات الفرنسية والبريطانية لمقاتلة الجيوش العثمانية والتي تعرضت لخيانة العرب السنة وسببوا هيكلة الجيش العثماني.
اقولها وبصراحة انفرد الشيعة بمختلف مذاهبهم، الشيعة الجعفرية والزيدية والاسماعيلية والعلوية بالوقوف الى جانب الدولة العثمانية والتي كانت تضطهدهم، انفرد الشيعة للدفاع عن الدولة العثمانية الإسلامية، وأصدر مراجع الشيعة في النجف والكاظمية فتاوى مقاومة القوات الغازية.
ماحدث من مقاومات سنية ضد البريطانيين والفرنسيين بدول المشرق العربي، كان بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، وكان هدفهم الحصول على زعامة الدول العربية الجديدة التي صنعتها اتفاقية سايكسبيكو.
لذلك عبر التاريخ ابناء العرب مخدوعين سواء من خلال خيانة الزعماء أو من خلال تصديق الجماهير العربية حاليا في أكاذيب إعلام الأنظمة العربية صنيعة الاستعمار، نعم العرب مضحوك عليهم، وهم قابلين بذلك بروح رياضية، عبر تاريخ العرب محكومين من الآخرين، سواء كانوا رومان أو فرس أو عثمانيين أو أحباش، عندما لاح بالأفق هزيمة الدولة العثمانية، وفي عام ١٩١٦ دول الاحتلال عملوا مسرحية ما يسمى بالثورة العربية وأرسلوا لهم لورانس العرب يسوقهم مثل العبيد، لتنفيذ خطة بريطانيا وفرنسا في تقسيم المنطقة العربية إلى ٢٢ دولة، وتفكك الإمبراطورية العثمانية، بنفس الوقت دعموا عملائهم السابقين، دعموا عبدالعزيز سعود والوهابية لإقامة السعودية وإنهاء حلم العميل الخائن مفتي مكة شريف حسين بتنصيبه ملك على العرب، خلعوه عندما انتهى دوره.
كذبة الثورة العربية الكبرى، هي خطة استعمارية، أسقطوا الدولة العثمانية ولابد من إقامة دول إلى هؤلاء العرب الخونة الذين كانوا تحت السلطة العثمانية، عملوا دول عربية ونصبوا عليها حكام ينفذون ما تريده منهم بريطانيا وفرنسا، العرب المضحوك عليهم، كان معطيهم الانكليز وعد الحصول على مملكة للعرب، اجتمع الصديقين سايكس البريطاني وبيكو الفرنسي قسموا المنطقة إلى ٢٢ دولة عربية قابلة للانشطار بسبب الصراعات القومية والمذهبية التي تقصدت بريطانيا وفرنسا صناعتها بالدول العربية الجديدة، وتم إقامة دولة في قلب العرب بفلسطين للصهاينة، لولا خيانة مفتي مكة والعرب السنة لمساعدة القوات البريطانية والفرنسية لما سقطت الدولة العثمانية ولما قسمت الدول العربية إلى ٢٢ دولة ولما أقيمت دولة صهيونية على أرض فلسطين، كل ذلك تم من خلال وقوف العرب إلى جانب القوات الغازية.
للانصاف انفرد الشيعة بمقاومة قوات الاحتلال وكذلك وقف الفلسطينيين ضد القوات الغازية، أما بقية العرب السنة وهم النسبة العالية الساحقة تعاونوا مع القوات الغازية المحتلة.
تم صناعة أحزاب دينية وقومية في البلدان العربية، لكن العقل الاستعماري البريطاني والفرنسي لم يترك العرب، لذلك دخل عن طريق المال السعودي الوهابي لتوهيب حركة الإخوان المسلمين، ردود فعل الجماهير العربية بعد نشوء دولة إسرائيل، قاموا في عمل انقلابات عسكرية ضد الأنظمة التي نصبها الاستعمار، وصل العسكر للسلطة، تم دعمهم من المعسكر الشرقي، الأنظمة العسكرية القومية رفعت شعارات القومية العربية، لكي يمكنون أنفسهم من السيطرة على الحكم.
مشاكل العرب عبر تاريخهم القديم والحديث من اياديهم، حتى الأنظمة التي وصلت عن طريق انقلابات العسكر لم يقوموا في عمل دساتير تعطي هامش من الحرية لشعوبهم، الأبواق الإعلامية العربية المأجورة، دائما يثيرون في اعلامهم، يرددون كلمات حق لكن يريدون بها هؤلاء المرتزقة خداع الناس، وكسب الأموال من دول الرجعية العربية، مطلقي هذه الكلمات، كتاب من خلفيات يسارية، تنكروا لقيمهم اليسارية، واصبحوا أبواق لدول الرجعية العربية، أحد الأبواق، أثار هذه الشبهة، نحن نرى اليوم أن كل الأنظمة القومجية التي كانت تسمي نفسها «تقدمية» دمرت نفسها وبلدانها وشعوبها، بينما التي كانت يسميها القومجيون بالأنظمة «الرجعية» على الأقل حافظت على كياناتها وشعوبها وأوطانها وتقدمت أكثر من الأنظمة التقدمية المزعومة بمراحل، حتى ولو بمباركة الصانع الغربي.
انتهى.
كلام بغاية الاحتراف في التدليس والكذب وخداع عامة الناس البسطاء، ما حدث كان نتيجة طبيعية بسبب قوى الاستعمار، ما حدث ويحدث في سوريا وليبيا والعراق واليمن والسودان كان مخطط في أحكام، هذا الصراع قادته دول عظمى لتدمير هذه الدول لأسباب تستهدف هذه الدول لانتهاكها، ولولا الفكر الوهابي الخليجي والدعم المالي الملياري لما تم تدمير تلك الدول، كذبة الربيع كانت مسرحية أخرى من مسرحيات الضحك على العرب، هذا الربيع يستهدف دول دون دول اخرى، الربيع ممنوع في السعودية والبحرين ومسموح له بالعراق وسوريا وليبيا والجزائر وتونس والعراق والسودان والجزائر.
الربيع العربي كان مؤامرة استهدفت بعض الأنظمة العربية الرافضة للتطبيع، ولولا دعم الأنظمة الرجعية العربية النفطية، لما تم تحطيم تلك الدول.
نعم ياسادة ياكريم العرب مضحوك عليهم سابقا وحاليا ومستقبلا، في السابق خدعوا العرب في مسرحية الثورة العربية الكبرى، ضحكوا عليهم في تقسيم المنطقة العربية إلى ٢٢ دولة عربية، ضحكوا عليهم عندما قالوا لهم القوات السوفياتية احتلت كابل وتريد الوصول للمياه الدافئة بالخليج، في اليوم التالي صدرت فتاوى الجهاد الوهابية، وفتحت خزائن الأموال البترولية الخليجية لتمويل حرب الناتو من خلال الجهاديين العرب ضد السوفيت في أفغانستان، ضحكوا عليهم في مجاهدة القوات المحتلة للعراق، ارسلوا إلينا آلاف الانتحاريين والغاية استهداف القوى الوطنية الشريفة الرافضة للتطبيع بالعراق، أيضا ضحكوا عليهم فيما سُمي الربيع العربي، وبشكل أفظع وأقسى في آلاف المرات.
نحن نعيش في زمان بائس، وصدق قول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي دَهْرٍ عَنُودٍ وَزَمَنٍ كَنُودٍ يُعَدُّ فِيهِ الْمُحْسِنُ مُسِيئاً وَيَزْدَادُ الظَّالِمُ فِيهِ عُتُوّاً لَا نَنْتَفِعُ بِمَا عَلِمْنَا وَلَا نَسْأَلُ عَمَّا جَهِلْنَا وَلَا نَتَخَوَّفُ قَارِعَةً حَتَّى تَحُلَّ بِنَا.
من المؤسف نسمع ونقرأ ونشاهد عتاة المدلسين والكذابيين والمرتبطين في أجندات الاستعمار يحاولون في الكذب والافتراء وصف القوى المقاومة الشريفة التي رفضت الذل والانبطاح بالقول أنهم أصحاب شعارات، والواقع على الأرض أن هؤلاء رغم قلتهم بظل كثرة الأنظمة العربية العميلة، لكنهم أعادوا إلى الأمة جزء من كرامتها وعزتها، وفي الاخير يكون النصر حليف هذه الثلة الشريفة المؤمنة بكل القيم الدينية والاخلاقية والانسانية، نباح عملاء الاستعمار لا يغير من الواقع شيء.
هناك ظلم تعرض له المقاومون السابقون الذين قاوموا قوات الاحتلال البريطاني والفرنسي بالحرب العالمية الاولى، وهم مرجعيات الشيعة بالعراق والأحساء واليمن وسوريا، لقد ذكر التاريخ أسماء مراجع الشيعة قادة المقاومة في معارك الشعيبة والقرنة والكوت، عندما تقدمت القوات البريطانية الغازية للعراق، اجتمع علماء الشيعة في الكاظمية وكربلاء والنجف، قام عدد كبير من علماء الدين بأدوار مهمة في حركة الجهاد وكان أبرزهم المجتهد محمد سعيد الحبوبي الذي قام بدور رئيس فيها حيث كان أول من بادر إلى قيادة مجموعات من المجاهدين والتوجه بهم إلى البصرة وقد التف حوله العديد من العلماء الذين عملوا على تعبئة عشائر الفرات الأوسط وحثها على الجهاد.
على مستوى المرجعية الشيعية العليا، المرجع الأعلى السيد كاظم اليزدي أفتى بدوره في الجهاد وبعد اجتماعه مع مبعوثي الحكومة العثمانية المتمثلين بـ(محمد فاضل الداغستاني وشوكت باشا وحميد الكلدار) الذين قدموا إليه من بغداد، رغم أن السلطات العثمانية كانت تتعامل بشكل طائفي مع الشيعة ومع السيد المرجع الأعلى السيد كاظم اليزدي رحمه الله، لم يكتفي في إصدار الفتوى وإنما أرسل نجله السيد محمد لينوب عنه في استنهاض العشائر للجهاد من خلال ترأسه وفد من العلماء وطلبة العلوم الدينية وتوجه إلى بغداد لمرافقته المتطوعين الذاهبين إلى الجبهة كما وجدد السيد اليزدي دعوته للجهاد في خطبة ألقاها في صحن الإمام علي (ع) حرض فيها الناس على الدفاع عن البلاد الإسلامية وأكد وجوب ذلك حتى على الفتى العاجز بدناً.
اما على مستوى سوريا، التاريخ ذكر اسم زعيم الشيعة العلوية في سوريا الشيخ صالح العلي رضوان الله عليه، ومعه زعيم الدروز السلطان بن الاطرش، واليوم نفس أبناء وأحفاد هؤلاء القادة العظام رفضوا الذل والخنوع، لذلك الشجاعة والكرم ورفض الذل يتم توارثه من الأجداد إلى الأبناء إلى الأحفاد، يبقى الشيعة بكل مذاهبهم أهل غيرة وكرامة، يرفضون الذل والخنوع والاستسلام، ويخسأ كل عميل وخائن وذليل يحاول أن يسيء إليهم.
في الختام، المطلوب من الكتاب والصحفيين والمثقفين والخطباء الشيعة الحديث عن الفترة ما بين ١٩١٤ إلى ١٩١٧ فترة الحرب العالمية الأولى، لأن بفترة الحرب العالمية الأولى انفرد الشيعة ولله الحمد في مواجهة القوات الغازية للدفاع عن الدولة العثمانية، بينما مفتي مكة ومشايخ السنة وطبقاتهم السياسية وقفوا مع القوات المحتلة لإسقاط الدولة العثمانية المسلمة، هناك فرق ما بين الثورات التي حدثت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ومابين الناس الذين جاهدوا في مقاومة القوات المحتلة، الثورات التي حدثت بعد الحرب العالمية الأولى شاركت بها قيادات عربية سنية للوصول إلى الحكم وليس لمقاومة المحتل وإقامة دولة للعرب موحدة.
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
16/4/2023
ــــــــ
https://telegram.me/buratha
