المقالات

كلا للتسقيط وكلا للتشهير ||


الشيخ محمد الربيعي ||

 

[ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ]

نرى سيّما في مواقع التواصل الاجتماعي ، الكثير من الجهات و الشخصيات الإعلامية التي تمتهن التسقيط و التشهير بالآخر ، و عدم مراعاة أي قاعدة تحفظ الحُرمة ، و الكلمات البذيئة المنطلقة من أفواههم و أطراف أقلامهم تأثّرًا ببرامج غريبة عن ثقافاتنا علّمتهم تلك الألفاظ المبتذلة.

و هؤلاء لهم دواعٍ عديدة ، منها مأجورة ، و منها بحجة حرية الرأي  و عدم عصمة المنتَقَد ، و منها لأجل سماع دوي التصفيق و حتى يُحسَب الناقد ضمن قائمة المتحررين.

لكن ما بالنا نحن الرافعون لشعار الهوية الإسلاميّة و التدين الأصيل؟ نحن ممن تعلّمنا البذاءة و استسهال التسقيط لنسلك سلوكهم عن تقليد أعمى لأخلاق بعيدة عن الإسلام، و ينبئ ذلك عن تشوّه عميق في الهوية الإسلامية للفرد جعلته يتخلى عن جملة من الأحكام الشرعية بالغة الأهمية وراء ظهره ليُزيد ذلك بالتبرير المرعب الذي قد يصل الى وضع حجج دينية!

هذا التخلي و الاستهانة سيوصلنا و أوصلنا الى مرحلة مُسخت فيها الهوية الإسلامية و نحن نرفع لواءها و نبغي الحفاظ عليها ، و ما هي الهوية الإسلامية غير هذه المنظومة الخُلقية التي يتعامل بها أحدنا مع الآخر لتكون فصلًا لنا عن الآخرين؟!

نحتاج الى مراجعة للمرويات الشريفة التي تقول مثلًا:

▪️عن أبي جعفر (عليه السلام): ( ما من إنسان يطعن في عين مؤمن إلا مات بشر ميتة، و كان يتمنى أن يرجع إلى خير ).

[الكافي، ج ٢، ص ٣٦١].

▪️وقال أبو عبد الله (عليه السلام): ( من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان ). [الكافي، ج ٢، ص ٣٥٨]

نحن أيضًا بحاجة الى متابعة و الاخذ  بقول الفقهاء التي ذكروا فيها أعظم المحرّمات في الشريعة الإسلامية:

( ومن أعظم المعاصي... غيبة المؤمن وهي أن يذكر بعيب في غيبته ممّا يكون مستوراً عن الناس، سواء أكان بقصد الانتقاص منه أم لا... سبّ المؤمن و لعنه وإهانته وإذلاله وهجاؤه وإخافته وإذاعة سرّه وتتبّع عثراته والاستخفاف به ولا سيّما إذا كان فقيراً، والبهتان على المؤمن وهو ذكره بما يعيبه وليس هو فيه )

▪️هل ظننّا أن الأحكام الشرعية لا تشمل مواقع التواصل؟

فنذكر هذا وذاك في صفحاتنا ومجاميعنا بمائدة طويلة نأكل بها لحم أخينا ميتًا!

يخطئ الشخص-باعتقادنا- فنضرب كل الأحكام و نأتي لإبراز الخطأ و إذاعته ومن ثم تسقيطه في أعين الناس لأنه فقط خالفنا في رأيه أو خالفناه؟

نكتب هنا وهناك لمزًا وغمزًا بالناس ويبرر ذلك بالنصيحة وطلب التغيير، وننتظر من الله مثوبة على ذلك! و نسينا أن للنصيحة آدابًا إن تمت مراعاتها أثمرت وإلا أتت بنتائج عكسية ، والآداب لا يراعيها إلا من أراد النصيحة فعلًا لا شيئًا آخر! ومثال ▪️ذلك ما أورده الإمام زين العابدين (عليه السّلام) في رسالة الحقوق، حق المستنصح:

(حقّ المستنصح أن تؤدّي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به، وحقّ الناصح أن تليّن له جناحك، وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى الصواب حمدت الله عزّ وجلّ، وإن لم يوافق رحمته، ولم تتّهمه وعلمت أنّه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك، إلّا أن يكون مستحقًّا للتهمة، فلا تعبأ بشيءٍ من أمره على حال. )

▪️وقال الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام): ( من وعظ أخاه سرا فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه. )

[بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٧٥، الصفحة ٣٧٤]

▪️ إن مرض التسقيط

الذي اجتاحنا عائد الى الحروب الإعلامية التي تجري عندما يريد أحدٌ أن يغلب الآخر لكنه لا يملك مقومات الغلبة فيلجأ الى تسقيط خصومه من التيارات المخالفة له، أو هو عائد للأمراض النفسية وعُقد النقص التي يعاني منها البشر مذ خلِقوا، لكن ارتداداتها السلبية جمّة ومخيفة دنيويًا وأخرويّا، والذي نراه كثيراً في صفحات التواصل الاجتماعي وفي احاديثنا احياناً من جملتها ان الانسان يتتبع زلاّت وعثرات وسقطات هذا الانسان سقطات وزلات اجتماعية واخلاقية يقوم بنشرها على نطاق واسع ويُشهّر بهِ فيؤدي الى تسقيط مكانته الاجتماعية لدى الاخرين.

من جملة التسقيط الاجتماعي تجد انسان واضح ومعروف اخلاقه وسيرته لا استطيع ان اسقطّهُ فليس عنده شيء.. اكذب عليه وافتري عليه وانسب لهُ فعلا ً والمشكلة الآن هذه الوسائل الاعلامية والقدرات الاعلامية وقدرات وسائل التواصل الاجتماعي فيها قدرة عجيبة على اقناع الاخرين ولو كان هذا ينسب شيئاً كذباً وافتراءً.

هناك اسلوب آخر تجد شخص ليس لديه زلاّت كبيرة وانما لديه زلاّت بسيطة ماذا أفعل؟ اكبّرها واضخمّها واصوّرها من شنائع الافعال وقبائح الصفات ولا اعطيها صورتها الحقيقية اضخمّها بحيث تعد شنيعة وغير مقبولة مذمومة اجتماعياً ودينياً اسقّط هذا الانسان..

▪️ثم التفتوا اخواني الى قول الإمام الرضا (عليه السلام): ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً, فإني آليت على نفسي أنه من فعل ذلك وأسخط ولياً من أوليائي دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب وكان في الآخرة من الخاسرين.

فأذن علينا مراعاة احكام الله تعالى ، قبل القول او النشر عن الاشخاص ، راغبين بذلك تشوة سمعتهم او تسقيطهم ، فهذا من المحرمات و المرفوض اخلاقيا و انسانيا

اللهم احفظ الاسلام وشعبه

اللهم احفظ العراق وشعبه

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك